سيدني - أستراليا
نيو ساوث - أوبرا بار
نَـيْسَان - أبريل - ٢٠٠٨يوم من تلك الأيام المفعمة بأنفاس نيسان المُسكِرة ، على أصواتِ الموسيقى الصاخبة ،ورائحة المشاريب التي قد عبثت في صَفو الهواء، بقرقعة تصادم كؤوس الخمور بين اياديِ الزبائن .
يتبادلونَ الاحاديثَ بصخب فيما بينهم ،
والبعض الاخر تتمايل اجسادهم على تلكَ الايقاعاتبينَ همسِ البراءة ، وهمسِ الفواحش.
يجلسُ صبيِ بعمر الخامسة عشرَ ربيعاً اشقراً ببشرة بيضاء واهجةَ التورد ، بعينانِ حدقيتهما عسلية اللون ساحرةً .
على كرسيِ خشبي في طاولة مستديرة في إحدى زوايا الحانة برائحتها العتيقة ، مصغياً إلى والدهُ ذو الجبهه العالية المكللة بشعر أبيض واسود يطالعهُ بأبتسامة سرور وانعطاف، غيرُ مكتفياً عن ضحكاتهِ وتلويحاته بكأس الخمر محتسياً دفعات واحدة .
وأذ به يُحتضن من قبل والده وفجأة وجده راح ناطقًا ثاملاً بصخب صوته جذبًا انتباه الجميع :
" يارفاق هذا تايهيونغ أبني!! "
لتتوارى النظرات حيث هيئة الصغير وأحدى الأنظار كانت لسيدةً يكسو الشيب شعرها، بأحمر شفاها الفاقع كانت قد أبتسمت إليه مستنطقةً بنبرة خائبة :
" يالجمالهِ وفتون محياه،ألن يعود أحد منا لهذا العمر ياسادة ؟ "
ابتسم الصغير ابتسامه أظهرت أسنانهُ كالؤلؤ المنضود وثوان وتورات بعض النساء بلأقتراب منهُ، وأخذنَ يتلمسن وجنتيهِ ويداعبونه بالغزل عائدين بذلك الى أيام شبابهم، كعودة الغريب المشتاق إلى مسقط رأسه.
أما تايهيونغ آخذ ضاحكاً بدوره لحين الدغدغات، يشرق وجههُ سعيداً لمن وضعنَ في كفهِ بعض القروش، وحلوى عتيقة الغلاف، فـ وجد في هداياهم البسيطة شيء يلامس الفؤاد، ليسارع بتقديم الحضن الخجول الممتن لاكثرهنَ.