في العشرين سنة الغابرة التي مضت ماشعر بأنه يود الخلاص حقاً كما الآن، فقد أحب الموت مرات عديدة، يستغيث به بأسماء عذبة ويتشبب بهِ سرا وعلنًا كالعاشق المعبود .
ولكن قد أحب الحياة برغم وجعه فيها، بعسلية تفيض الدمع باكياً، حين يكون أمام واقع الرحيل، فأتضح ماكان يرتجيه توقف الألم لا النفس .
وقد أحب الحرية فكانت محبته تنمو إليها بنمو معرفته الضئيلة بالعالم الخارجي اما الان...
صار يرتجي خذ أيها الرب بقايا الروح في جسدي ولترتقي إلى سابع سماء المُطْلَق البيضاء، لاأبتغي ود الحياة ولا نعيم الحرية، إدراكه بما قالهُ خاطفهُ الان من هول كلمات أخبرته عن واقع ما سيخوض من مستوى جديد من مستويات الجحيم، فما عاد بالروح ذريعة ولاتحمل .
تلعثم الكلمات فما عرف كيف تنزلق حتى من فمه.
"انـ..أنـ .. م.. م.. م "
اما الاخر، فلمست نفسهُ عدمية الرحمة وما يقرأ على ملامحهُ بطش وبرود وعدم اكتراث مُهلك وكأنه يقتني دمية سئم منها فقرر ان يستبدلها إلى شيء جديد يستهويه .
ومن شدة هوان تايهيونغ، ماعاد يفكر بشيء سائر متعب بلغ بهِ الجنون بجنون خاطفه فهرع ناحية أعتاب الباب مرعوباً، فازعاً، يصرخ بلا توقف، ساحباً مقبضه، ويطرقه قوياً وينادي من وراءه النجدة اي أحد .
" أخرجوني ! أيها الناس رحماكم !!
أمي !! ، أبي!! ، أي أحد ! أخرجوني "قارب منهُ خاطفهُ متمسكاً بأبرة مخدرة وأغلق فمهُ عن الصراخ وغرست في عنقهِ دون علمهِ، فأنهار ذليلاً بين ذراعيه شيء فشيء حتى صمت ، فصار من يصرخ عوض عنه طلباً بالنجدة جوريوم روح ذلك الحيوان عليه قد حَست وأشفقت .
مامعنى رحم؟ ما معناه حين يكون داخله وهو صبياً؟
ولمَ كل هذا الوجع قد زارهُ فجأة في هذا العمر.وضعه خاطفهُ على السرير مخدراً وليست سوى أدمعهُ من تتناوب متساقطة متتابعة لاتعرف يوماً الجمود والخدر.
فصار تايهيونغ يتوسله بالنظر، ومناجاته بلأنين ليس لبدئها ابتداء ولا لنهايتها نهاية، فلا يوجد كيان ذرة من تراجع وأهتزاز رحمة بشفقةً في هذهِ النفس التي يرجيها.
وبصوت متصاعد، بارد نطق خاطفه كأنما يقدس الشيء المجنون المقدم على فعله .
"عمليتك بعد غد و أحتاج معدتك خالية ، لذا لاطعام لكَ سوى الماء حتى طلوع فجر فيه رحم مستقر في دواخلك "