يأتي الصباح لاقتبال قبلة الشمس، بشعلة تضمها إلى صدرها، بعيدة كل البعد عن فتى لايتنعم حتى بانعكاسات نورها على القمر. فتأكل الظلمة ضلوعه وتبري أحشائه .
دخل خاطفهُ الغرفة في صبح نسيمه عليل،
يكسو البرود محياه كعادتهِ، يحملُ طبق إلى الصغير من فضلات فطوره وفتات مائدته، فأخذ يفتح الباب وإذ به لاينفتح، يدفع به ولايندفع، هناكَ شيء ثقيل خلفهُ ليترك الطبق جانباً وجمع كل قواه ليسدد دفعه أقوى اليه .نجح وانفتح على مصرعه فأخفض عينيه ليجد من كان خلفه مغشياً عليه مطبقاً جفونه لانفس ولاحركة.
والرطمة التي افتعلها ليفتح الباب ضربت رأسه ارضاً بقوة ولم يشعر بالألم .
جف الدم في قلب الخاطف وخطى ناحيته مرتجفاً
ضعيف ،هزيل، شاحب، الدماء المتيبسة تملئ أنفه وقميصه .
انتشله من الأرض بيدان ترتعشان ،واذا بحرارة تنبعث من جسدهِ حارقة لسعت يد الاخر لسخونتها، بات كالذي يضم بين ذراعيه نار جاسرة .
حملهُ إلى فرشتهِ يتفحص نبض الوريد ليجده مازال ينبض بالحياة ، ارتاح شيء ما في قلبه وانقدت الأوجاع بذات الوقت.
صوب سواد عينه حيث مطرح المغسلة لينتشل وعاءً وقماش وبلل مفاده بالماء البارد.
جثى مرة أخرى بعيننين غارقتيين بالدموع نحو جثة الفتى الباردة ، وخلع عنه جميع ثيابه، يمرر القماشة المبللة على جلده الساخن يعتصره قلبه مع كل أنين يصدر منه . استقام منقبض القلب ليعود الى الأعلى يجلبُ اليه حقنة تخفض حرارته وأي دواء يسعفه به
ساعات مرت.. انتصف فيها الليل ليفتح تايهيونغ رياحيل عسلية عينيه وحدق بسقف الغرفة ، ثم أغمضها
وتنهد تنهدة عميقة متقطعة ، وبنفس يكاد أن يكون لهاثًا
كره روحه التي ترفض الموت ، فتحها مجدداً ببطء وأبصر ذات الضوء الأبيض المتدلي الخافت ، ذات الجدران الأربعة الضيقة .نظراته مشوشة وثقل جسده لايُحتَمل سيطر عليه برد الأرض الخشبية القاسية و الكمادات الطبية على جبهته لاتضاهي سخونة جسده .
" برد .. أشعرُ بالبرد "
نطق بلهيث يرتجي ان يضع احد ما غطاء اخر عليه رغم ماعليه من اغطية
فاقترب إنذاك منهُ خاطفهُ جليساً اليهِ في قرنة مظلمة من تلك الغرفة منذ الصباح ، تحيطه السجائر وزجاجات الخمر من كل حدب وصوب . جَسَ يدهُ فوجدها باردة كالثلج ، ثُمَ وَضَع أصابعهُ بلطف فوق رأسه ، فألفاه ساكنًا كالدهور لايشعر بالكون ، فأحنى رقبته آليه وارتعشت شفتاه، ود أن يهمس بكلمة تهدأ من وجعه ولا ترددها وتمنعها أشباح روحه الظالمة في خافقة قلبه .