في هذا الفصل أنتَ لن تقرأ سطوراً ستقرأ أرواحاً..
فأليكم أيُها العابرون على السطور ،أيها ألاتون هنا لكي تزاح عنهم آيات الحزن، وسُفر الجروح أيها الشاربون من حبر الوجع لاتخبئو تلك الدموع وأن آنَ أوان أنطلاقها.
____________________________________
- بعد مرور شهرين -
سبتمبر / أيلول - ٢٠١٤
مَضت شهوراً كأعوام الرماد، ضاع فيها العمر هدراً، وساع فيها الكأس مُراً، الحزن واحد، الألم واحد، والسكن واحد في غرفة ما أطمئن فيها الخوف يوماً ومانطق فيها الصمت حرفاً .
أقبل أيلول وروح تايهيونغ فيه لم ترى الأفق إلا اضيق من ان يتسع لاحزانها، بفؤاد تخضب بالفواجع الثائرة التي لاتعرف الهدوء، وبصفحة مأساة لن تطوى أبدا .
على سفيح ألم فراق قد انذوى وتشرس وترك ندوب جارحة، وعلى قارعة وجع ما يترك فرصة ألتقاط النفس من سياط الذكرى اللاهبة.
شقاء صفحات الماضي لم تحترق، وحجارة ذكراها المركوزة في القلب لا يمكن أن تتزحزح.
تلك الغُصه العالقة في صدر تايهيونغ على طفله لن تشفيها كل أنهار الكون، بل نفثة واحدةً من أحزان صدره لو أصابت اهل الأرض لتحول الهواء إلى عالم يضج بالأسى.
كيف عساه أن ينسى بأنه قد حمل في روحه جنيناً وفقده سريعاً وكأنه لم يكن له عيشة معه منذ البداية؟ كأنه وهب بهِ شهوراً يشقى فيها ليس إلا..
صار يخيل أليه حديثاً واحداً فقط يسأل فيه ما الذي أذنب به قبل وجوده في هذا العالم ذنباً عظيماً عاقبه الرب عليه بهذا الوجود ؟ .
الناظر إليه الان ليس إلا كومة جسداً هامداً ورافتاً سحيقاً، بحرارة قلب، ببكاء روح، بقليل نوم على طول ليل شديد الوحشة، هائماً منكوباً يرمي بنفسه في الظلمة المرامي، ويلقي بصحوته في فجاج العالمين .
أبتلى بحزنه على هذا الطفل بلاء أصاب الروح ورثت إليه حبالها، وأصبحت أثقل على الجسد من عيش يوم معاد..
كأن حزنه صفحة كتاب تُفتح كل يوم على صفحة تشابه لما قبلها، فلم يبق مايعزى عنها الا لذة واحدة؛ هي لذة الموت .
ما عاد في النفس أنفاس باقية قد تغشت بساحبة سوداء ماتكاد تنقشع حتى تعود، فمرض على أثر الفاجعة بحمى النفاس مرضاً شديداً، وعانقه الإكتئاب كالأنيس الأبدي.
جريح الأربعون يوماً ،وذبيح السبعةِ أعوام،
أصبح وأمسى مذعن وأذعانه شبيه اللامبالاة، مثله مثل الموتى الرقاد، فقد أصابه كل مايمكن أن يصيبه .
