أترك أثر من حروفك لعل العليل يشفى
فكل ما سُطر هنا جزء من جروح قلب لم يضمد._____________________
الشمس المحتجبة قد سحبت ضوءها المضبب ناحية الليل، فلم يعد الذعر وحدهُ يُكَبل تايهيونغ،بل شيء ما أشدُ فضاعةً حتى من الذعر .
قد تركهُ خاطفهُ مع صغيرهُ في الأسفل يقاسي مُضضَ الجوعِ والبردِ والوحدة،ولا مُعين إليهما سوى البكاء والنحيب، ولا جليسً إليهما سوى الخوف والهواجس .
دقت ساعةُ المنتصف وأزداد نحيب الروح فقد فُنيت أخر رشفة من زجاجة الحليب،وراح الرضيع يبكي طالباً غذائه من خلو العلب .
فتوجس تايهيونغ ونازعته نفسه إلى البكاء حائراً، ولفه أرتعاش الجسد لفاً كاملاً،وكأن قناع الليل الفاجع قد أطبق اللانهائية على روحه .
فصَارَ يهز بين منكبيه صغيره، ويراه كل ماله ماثلاً أصابعه يمتصها إلى فمه كالذي يتلطف إليه ويترفق يستعطف ويستجدي منه حليباً يأوي جوع معدته الخاوية.
قد جعل من بكاءه في صمت إلى أجهاشً بالبكاء عجزاً حتى الذوي في الضعف، ورثاء لحاله المغلوب أخذته نفسهُ الرحيمة حيث جهاز الإتصال مُتَذلل،مُستَسلِم بيعَ جسدهِ وأنْ كانَ للموتِ أشفاقً على هذا الطفل المسكين .
رفعَ يدهُ وبأنامل مرتجفةً ضغط على الزر الذي يوصله بخاطفه، فأتاه الرد بعد دقائق قليلة بأنفاس فقط تخرج ثقيلة.
فأستحال بصوته الضعيف وما أضعفه الا الذل المحزون والانكسار الأليم يرتجيه قولاً :
" ياسيدي أتَسمعُني؟، أنَ روحي ملكً لكَ وجَسدي تحتَ أمرتكَ فأفعل بي ماتشاء، أتوسلكَ فقط أشفق على طفلي بزجاجة حليب واحدةً، فقط واحدةً "
الصمت كان الجواب الذي طغى على خاطفهُ مصغياً إلى مناجاة قلبهُ واشباح عواطفه،مبصراً تايهيونغ أمام عينيهِ يتوسله بعسلية مكحولة بالدموع والرقة .
"لطفاً قُل شيئاً قُل بأنكَ قادم أنت لن تستحيل طفلي عن غذاءه حتى فناء روحه أرحمه صغيراً و لا ذنب له أرجوك.. "
أغمض خاطفه الجفون أرهاقاً ونطق أخيراً بعد أن سل ألمّ قلبه وعقله إلى لسانه :
" أذًا ذنب من تايهيونغ ؟ ذنب من؟ ، لسنوات هل كنتُ أنا ذنب العيش المرير هذا لروحينا؟ ، وأنتَ أكنتَ حياً بقربي أم ميتاً؟، أنا ماذا كنتُ أليكَ غير الرجل المذنب الأثام الذي اختطفك ؟ "
تجلى تايهيونغ بالصمت أثر صوته الثقيل المخمور .
" أجبني تايهيونغ أرجوك... "