البارت 1

4.2K 74 8
                                    


رحلة طويلة أخطوها بأقداري وليس بأقدامي، وضعت كل المشاعر جانبا في ذلك الرف المهجور، و إرتديت القسوة معطفا و إتخذت النسيان محطة عبور، إني اليوم شريدة لا ماضي لي ولا ذكرى تربطني بأحد، لقد تحررت!! لكن من ماذا؟ من نفسي ومن أمسي ومن أهل لا أتذكرهم ولم تجمعني بهم مائدة أو مجلس، كيف أخبرهم أن الشيء الذي أشعر به يفوق مرحلة الشعور، وأن الكلمات بين أناملي تنتحر عبر السطور،من أنا؟ فتاة ترعرعت في دار أيتام، كانت طفولتي قاسية عبارة عن وردة ذابلة غرست في ذاك الحطام، لم أخبركم عن بشاعة ذلك المشهد عندما أسدلت الستائر وإنتشر الظلام، حين مزقتني الحياة بمخالبها وسرق مني الموت أعز ما أملك أبي وأمي بعد أن تعرضا لحادث أدى إلى وفاتهما ، وجدت نفسي في تلك اللحظة مجرد شخصية ضعيفة تلعب دور القوية لتواجه معترك الحياة لوحدها في ذلك المكان المسخ الذي يؤوي اليتامى أمثالي والذي يدعى بدار المحبة والسلام ....
تولين فتاة في مقتبل العمر تبلغ 28سنة ذات شعر أشقر وبشرة بيضاء ناعمة كالأطفال ، تمتلك قوام ممشوق وجسم رياضي جذاب أما ملامحها فهي قاسية وصارمة لدرجة لا توصف فبالرغم من جمالها الذي يسلب العقل، إلا أنها مرعبة لحد كبير...
تجلس تولين في مكتبها غارقة في موجة من الذكريات التعيسة لطفولتها. حيث أنها بعمر السبع سنوات فقدت والداها إثر إنفجار قنبلة داخل بيتها ولحسن حظها هي أنها كانت في المدرسة، لكن أي حظ هذا الذي حرمها من الأسرة والجو العائلي، حيث أنه تم نقلها لدار أيتام تدعى دار المحبة والسلام لتذوق تولين الويل هناك وتعيش أتعس أيام حياتها في ذلك المكان البارد و الخالي من المشاعر الإنسانية والذي كانت تتعرض فيه لمعاملة قاسية جدا هي ومن معها بالميتم. ظلت تولين على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات ليتم بعد ذلك تبنيها بعمر العشر سنوات من قبل السيدة ليزا والتي كانت ضابطة في الشرطة فرع مكافحة الجرائم .
تستفيق تولين من شرودها على صوت طرقات على باب مكتبها، تعتدل في جلستها وتقول: أدخل. في هذه الأثناء يدخل الشرطي يلقي التحية عليها ويقول: آنسة تولين السيدة ليزا تطلب الإذن لمقابلتك. تنظر تولين لساعة يدها ثم تؤشر للشرطي برأسها ليسمح للسيدة ليزا بالدخول، وماهي إلا لحظات وتدخل إمرأة تبلغ من العمر حوالي الستون سنة ذات شعر رمادي وملامح حادة وصارمة. تقف تولين وتلقي التحية على السيدة ليزا وتقول: أهلا بكي يا سيدتي. تبتعد تولين عن مكتبها وتكمل، تفضلي يا سيدتي إجلسي في مكاني. تجلس ليزا في مكتب تولين وتبتسم وتقول: لا يزال المكتب كما كان لم يتغير أي شيء فيه،كأنه لم يمر عشر سنوات على تقاعدي و إستلامك للمنصب. تولين بإبتسامة: ذوقك جميل يا سيدتي فلا داعي لتغير أي شيء لا تزالين قدوتي ومثلي الأعلى. تقف ليزا وتقترب من تولين وتطبع قبلة على جبينها وتقول: ولازلت أراك بمثابة إبنتي المتوفية لارا. تنزل تولين رأسها أرضا وتقول: أنا مدينة لك بحياتي يا سيدتي، لقد منحتني حياة جديدة عندما قمتي بإخراجي من ذلك الميتم. ليزا بصرامة: إياكي وأن تنزلي رأسك مجددا إبنة ليزا لا يليق بها الضعف والإنحناء، تصمت ليزا قليلا ثم تكمل: أنت تشبهينني لدرجة كبيرة، كلما نظرت لك كنت أرى نفسي فيكي عندما كنت في مقتبل شبابي. تبتسم تولين وتقول: هذا شرف لي يا سيدتي أن أكون شبيهة لك. ليزا بضحك: هههههههه يالا عنادك لازلت ترفضين مناداتي بأمي وقت ممارستك للعمل. تولين بشيء من الكبرياء والتفاخر: لقد تعلمت منك ألا أخلط بين مهنتي ومشاعري. ليزا بإبتسامة و فخر: حفظك الله أيتها الضابطة تولين، حسنا عليا العودة للبيت الآن سأنتظرك على العشاء يا صغيرتي أنتي معزومة للمبيت في بيتي إياكي ألا تأتي لقد أصبحت أشتاق لكي منذ أن إنتقلت للعيش لوحدك . تولين بإبتسامة:أعد سآتي الليلة. إلى اللقاء.
ترحل ليزا لتظل تولين غارقة بين تلك الأوراق والملفات التي وضعت أمامها للعديد من القضايا التي كلفت بها وعلى رأسها قضية التجارة بالأسلحة للعصابة المعروفة بإسم وحش الظلام والتي يترأسها رجل الأعمال الشهير دانيال.

user42630220

سجينة الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن