جميلة هي كالقمر أنارت ظلمتي وآنست وحشتي، عينها كانت أعمق من البحار وأجمل فهنيء لتلك العينين التي جعلتني أغرق حبا فيهما، حضنها أشد إتساع من كل بقاع العالم ليته يصبح موطني ومسكني، أخاف من الحب ولا أؤمن به لكن ما أحسسته للحظة إتجاهها كفيل بأن يغير نظرتي المتشائمة للحب، أحبها لأنها ببساطة لأنها إستطاعت أن تجعل الموسيقى تستقر بقلبي على هيئة نبضات متسارعة، هي بارع في تغيير المزاج فكلما رأيتها إبتسم قلبي قبل شفاهي، شكرا للقدر الذي جعلها في طريقي...
تعود تارا لبيتها وجل ما يشغل تفكيرها تلك المرأة الساذجة الفاتنة التي كانت في كل مرة تجعلها تبتسم، كانت تارا تستفز تولين لكنها لم تتوقع أبدا أن تقع في حبها. ترتمي تارا فوق سريرها وتنظر نحو السقف لفترة طويلة وهي غارقة في عالم الخيال ترسم قصة حب جميلة بينها وبين تولين، تبتسم تارا وتقول: يبدو أنني جننت اللعنة. تنهي كلامها وتغمض عينيها لتغط في نوم عميق. في مكان آخر كانت تولين جالسة رفقة خوان الذي عاد بعد أن عرف عنوان بيت شهد.ظلت تولين تصغي لتراهات خوان الذي كان يتغزل بها تارة وتارة أخرى يقول دعابات سخيفة. تنظر تولين لساعتها وتقول: خوان تأخر الوقت يجب أن أعود للبيت لا تنسى غدا أعود لعملي. خوان بتأفف: اوووف لا يزال الليل في أوله دعيدي أغازلك قليلا. تولين بضجر: هذه آخر مرة أرتدي فيها فستان. ضاعت هيبتي وأصبح الجميع يتحرش بي. خوان بضحك: هههههههه من غيري تحرش بك؟ تولين ببرود: المجرمة تارا فعلت ذلك لإستفزازي. ينفجر خوان ضاحكا ويقول: ههههههههه لا ألومها على ذلك ستبدو قصة حب رائعة بين مجرمة وضابطة شرطة. تنظر اه تولين نظرات جانبية حادة وتقول: أصمت لن يحدث شيء من هذا القبيل هي فقط تحاول إستفزازي؟ خوان بتساؤل: ما أدراكي أنها تستفزك؟ ربما وقعت في حبك حقا حتى المجرمون لديهم قلب ويحبون. تولين ببرود: تبا لك و لفلسفتك اللعينة يستحيل أن أحب مجرمة سفاحة مثلها هيا لنغادر الآن ...
تعود تولين لبيتها لتجد العم أحمد جالسا في إنتظارها مثل العادة فهو تعودت ألا ينام حتى تعود هي. تجلس تولين بجانبه وتبتسم وهي تقول: ألم تنم بعد يا عمي؟ أحمد: إنشغل بالي عليكي يا عزيزتي لا أستطيع أن أنام وأنتي خارج البيت. تولين بإبتسامة: حماك الله لي يا عم أنت عوض من الله دمت لي سندا وأب. يبتسم أحمد ويقول: حسنا ياعزيزتي هيا إذهبي الآن وأخلدي للنوم غدا أمامك يوم طويل ستمضينه في العمل لذا يجب أن ترتاحي قليلا. تولين: حسنا يا عمي تصبح على خير.
كانت تولين تتقلب فوق فراشها محاولة أن تنام قليلا لكن دون جدوى، كانت هناك العديد من الأفكار تجول في ذهنها دون أن تجد لها تفسير. كانت تارا من بين تلك الأفكار التي خطرت على بال تولين فهي إستغربت كيف لفتاة مثل تارا أن تحبها وتعترف بحبها بسهولة. نفت تولين الفكرة نهائيا لكنها لم تستطع تجاهل ملامح تارا التي كانت تؤكد صدق إعترافها.
ظلت تولين في صراع مع نفسها لتغرق في النوم عميق بعد جهد كبير منها في تخطي ما حدث معها منذ قليل...
صباح يوم جديد أشرقت الشمس كما لم تشرق من قبل كانت هذه الإشراقة مميزة بطريقة ما إذ أن تولين إستيقظت صباحا على صوت ضحكات من الشيخ أحمد وكان هناك صوت آخر إستطاعت هي رغم أنها كانت شبه نائمة أن تعرف صاحبته. تفتح تولين عينيها وتنظر للساعة لتجدها السادسة صباحا تقف مغادرة سريرها متوجهة نحو قاعة الجلوس لتتأكد إن كان ذلك الصوت الذي سمعته حقيقي أم أنها تتخيل فقط. تدخل تولين لغرفة الجلوس لتجد الشيخ أحمد جالس رفقة تارا والتي ما أن رأتها حتى إبتسمت لها أما تولين فقد عقدت حواجبها بطريقة توحي بالإنزعاج وقالت: مالذي أتى بكي إلى هنا؟ تارا بإبتسامة: أولا صباح الخير، ثانيا لقد إشتقت لعمي أحمد لذا قررت زيارته. تولين ببرود: أتظنين أني غبية لأصدق هذا؟ ترا والتي كانت تحاول أن تتصرف بجدية ولا تضحك: احم إذا ماذا تتوقعين؟ أني أتيت لرؤيتك أنتي مثلا؟ ماذا يربطني بك لأشتاق لرؤيتك أأنتي حبيبتي لأفعل ذلك؟ كانت تارا تتحدث بطريقة توحي لتولين أنها فعلا أتت لأجلها وهذا جعل تولين تشعر بالغضب أكثر لكنها تمالكت نفسها أمام أحمد. تعود تولين أدراجها وتأخذ حماما دافئا وترتدي ثيابها وتستعد للخروج ليوقفها صوت تارا والتي تقول: إلى أين يا تولين؟ أتتركين ضيوفك وتغادرين؟ تولين ببرود: أظن أنك ضيفة عمي أحمد ولست ضيفتي ثم إني مشغولة وقتي ضيق بسبب المجرمين. تصمت تارا شاعرة بالإحراج فتولين كانت تقصدها بكلمة المجرمين لينتبه الشيخ أحمد من ذلك فيقول: حسنا تولين لكي أن تذهبي تارا ضيفتي ستظل معي. تكتفي تولين بإبتسامة جامبية وهي تنظر إلى تارا نظرات إستهزاء وتغادر لتظل تارا رفقة الشيخ أحمد والذي يسألها: حسنا ياعزيزتي أخبريني ما سبب قدومك إلى هنا؟ تارا بضحك: ههههههه إشتقت لك أليس سببا كافي لأزورك؟ الشيخ أحمد: امممم حقا هو سبب كافي لكني أعلم جيدا ما يدور بداخلك وأن سبب قدومك هذه المرة هو تولين وليس أنا. تصمت تارا وتنزل عينها للأرض ولا تتحدث فيكمل الشيخ أحمد: لقد لاحظت نظراتك لها لم تكن نظرات عادية كنت أنظر هكذا لزوجتي عندما كنت في نفس عمرك. تارا بضحك: هههههههه لا يا عم أحمد ليس كما تظن أنا أحب إستفزازها ليس إلا. يقاطعها أحمد قائلا: أنتي تحبينها ولست تحبين إستفزازها. أعلم أنه صعب عليك الإعتراف بمثل هذا الأمر. تارا بعبوس: حتى وإن كان كلامك صحيح يا عم هي لا تحبني وهذا كفيل بأن يجعلني أتراجع عن فكرة حبها. أحمد بضحك: ههههههه هل تعتقدين أن بمقدورك التراجع إنه الحب يا صغيرتي إذا سكن قلبك لا يغادر بسهولة. تارا بحزن: حب من طرف واحد مصيره الفناء، أنا أراها كل الكون وهي تراني مجرد مجرمة. تصمت تارا قليلا وتكمل: أنا لا ألومها على ذلك، أنا أكره نفسي فكيف عسايا ألوم الآخرين على كرههم لي؟ أحمد والذي أحس بالشفقة على حال تارا: لا تقولي هذا يا عزيزتي قلبك طيب ونقاء روحك كفيل بأن يجعلها تحبك، حاولي أن تبتعدي عن عالم الإجرام تولين طيبة جدا وأنا واثق أنها ستحبك لو تغيرتي. تارا بضحكة مكسورة: هههههه فات الأوان يا عم ما بيدي حيلة لقد غرقت ولا سبيل للرجوع. أحمد بحزن: أعانك الله يا عزيزتي. تغادر تارا متوجهة لشركة والدها مكسورة إنفطر قلبها وأحست بألم فضيع، إتخذت قرارا بأن تواجه والدها وتطلب حريتها فهي لم تعد ترغب في حياة المجرمين هذه. رغم إدراكها عواقب هذا الطلب إلا أنها قررت أن تخطو هذه الخطوة لأجل تولين التي وقعت في حبها بين ليلة وضحاها.
تصل تارا للشركة وتطلب الإذن لمقابلة والدها والذي يسمح لها بالدخول. كانت تارا تجلس مقابلة لأبيها والذي كان ينظر لها نظرات حادة وهو يقول: مالذي أتى بك إلى هنا؟ ليست عادتك أن تزوريني في مثل هذا الوقت الباكر. تارا بتلعثم: أود أن أخبرك شيء. أنا أود السفر خارج البلاد يا أبي. يرد عليها دانيال: جيد لك ذلك كم ستكون المدة شهر أو أكثر؟ تارا بتردد: للأبد. دانيال: ماذا تقصدين؟ تارا بتوتر: أريد أن أغادر للأبد، أريد أن أعيش الحياة التي أحبها أنا. يقفز دانيال من فوق كرسيه وبنهال عليها بالضرب وهو يصرخ: حياتك ملكي يا إبنة العاهرة إياكي أن تفكري في ذلك مجددا ستكون نهايتك على يدي أتفهمين. كانت تارا تتلقى العديد من الضربات من والدها لكنها قررت المواجهة فهي سئمت من حياتها التعيسة التي تعيشها. تارا بصراخ: هيا أقتلني إذن، الموت أهون من الحياة المقرفة التي أعيشها معك. تتصاعد الدماء لرأس دانيال فيمسك تارا من شعرها ويسحبها خلفه، يفتح باب المكتب ويرميها خارجا صارخا عليها: أغربي عن وجهي قبل أن أقتلك أيتها اللعينة. تغادر تارا الشركة وهي منكسرة كان وجهها غارقا في الدماء وعينيها غارقة في الدموع، فأي ذنب إقترفته لتعيش حياة لم تختر أن تعيشها يوما؟
في مكان آخر عادت تولين للعمل لتجد خوان والبقية في إنتظارها وقد أحضروا الكيك وقاموا بالإحتفال بعودتها للعمل. كانت تولين تشعر بالسعادة فزملائها في العمل هم أسرتها الثانية.ظلت تولين تشغل نفسها متناسية تارا والتي لم تغب عن ذهنها، كانت يرهقها التفكير بها فهي لا تستطيع أن تكن أي مشاعر لتارا سوى الكره ومجرد التفكير في غير ذلك ممنوع بالنسبة لها...
العالم يراها مجرمة وهي ليست سوى ضحية لأفعال والدها. تارا تلك الشخصية التي إستحوذت على تفكير تولين هل تراها ستستحوذ على قلبها أيضا أم لا؟