عادت كل منهما للبيت، بقلب مفطور وروح مكسورة، تدخل تارا للحمام لتحظى بقليل من السلام تحت حبيبات المياه الدافئة التي سقطت على جسدها المرتعش، يمر بعض الوقت وتخرج لتجد تولين جالسة على حافة السرير غارقة في التفكير كأن هموم الحياة كلها وضعت فوق أكتافها. تسير تارا بخطوات مستقيمة بإتجاه الخزانة وتقوم بفتحها لتخرج منها بعض الأوراق والصور التي قامت بسرقتها من والدها فيما مضى. تجلس تارا بالقرب من تولين وتضع الأوراق بين يديها وتقول: هذه كفيلة بجعل والدي وشركائه يقضون بقية حياتهم في السجن، سأسلمها لك لأنك جديرة بالثقة و أجزم أنه لا أحد خلافك يستطيع أن يجعل هذه المستندات تصل للنيابة. تبدأ تولين في تصفح الأوراق والصور التي أعطتها لها تارا ثم تقول: جيد جدا غدا سيكون أمر دانيال منتهي. تنظر تارا نحو تولين نظرات طويلة وتقول: ظل شيء واحد عليا القيام به قبل أن أصبح خلف القضبان. تولين بتعجب: ماذا؟ ومن قال أني سأدعك في السجن؟ تبتسم تارا وتقول: الحرية والسجن بالنسبة لي نفس الشيء لكني أريد أن أقوم بأمر ما قبل رحيلي. ترد عليها تولين: تقومين بماذا؟ تارا: تولين هل تستطيعين مساعدتي سيكون آخر طلب؟ تولين: ما طلبك؟ تصمت تارا قليلا ثم تقول: أريد أن يتزوج العم أحمد من أمي بهذه الطريقة سأكون مطمئنة عليها. تولين: وهل تتوقعين أنهما سيوافقان على ذلك. تارا بحماس: سأقنع أمي أما عم أحمد سأدع أمره لك وأنا واثقة أنك تستطيعين إقناعه بذلك. تبتسم تولين و تومئ برأسها كعلامة على الرضا...
حلى الليل و إنتشر الظلام في كل الأرجاء، كانت ليلة هادئة خالية من الصواعق و الأمطار، تجلس كل من تارا و تولين وأحمد ونورة على طاولة العشاء يتناولون الطعام في صمت رهيب. ينظر أحمد نحو تارا ويقول: ليست عادتك أن تكوني بكل هذا الهدوء ماذا حدث؟ تارا بحماس: لينتبه الجميع لي لدي أمر هام أود إخباركم به. نورة بتوتر: مابك يا عزيزتي أكل شيء بخير. تنظر تارا نحو تولين ثم تقول: سنقيم الليلة حفلة صغيرة. نورة بإستغراب: ما المناسبة؟ ترد عليها تارا: حفلة زواجك من العم أحمد. يسعل أحمد بشدة حتى كادت أنفاسه أن تنقطع أما نورة فيحمر وجهها وتقول: ليس وقت المزاح يا تارا. في هذه اللحظة تتدخل تولين وتقول: تارا ليست تمزح يا خالتي بل هي جادة فيما تقول. تنظر نورة نحو تارا بغضب ثم تقول: تتحدثي بمثل هذا الأمر مجددا. إلتزم أحمد الصمت ولم يدرك ماذا يقول أما نورة فكانت في قمة الغضب من قرار تارا المفاجئ. حاولت كل من تارا و تولين إقناع نورة وأحمد بالموافقة على هذا الزواج لكن نورة أصرت على الرفض. في هذه اللحظة تصرخ تارا قائلة: أرجوووكي يا أمي أصغي لي وقدري خوفي عليكي، غدا لن أكون هنا سأسلم نفسي للشرطة، أنا فقط أريد أن أطمئن أنك بخير. العم أحمد شخص طيب سيعتني بك جيدا إن كنت معه سأشعر بالإطمئنان عليكي. تحاول نورة التكلم لكن تولين توقفها وتقول: تارا معها حق يا خالتي فكري في الموضوع قليلا. تصمت نورة ولا تعلم ماذا تفعل فهي وضعت أمام الأمر الواقع ولم يظل أمامها سوى القبول تلبية لطلب إبنتها. أما أحمد فيوافق على الموضوع دون تردد فهو في الأيام الفارطة رأى مدى طيبة نورة و لطفها وهو متأكد أنها ستكون زوجة ورفيقة درب لا مثيل لها.
يمر بعض الوقت ويأتي كاتب عقد الزواج وشيخ ليعقد القران بعد أن إستدعتهم تولين فيقومون بعقد القران بين أحمد ونورة لتصبح زوجته شرعا. كانت نورة جالسة في غرفتها مردتية ثياب جميلة زادت من جمالها فهي تشبه لحد كبير إبنتها تارا. في هذه الأثناء تدخل عليها كل من تولين و تارا و تجلسان بجانبها، تارا بإبتسامة: تبدين في غاية الجمال يا أمي زواج مبارك وحياة سعيدة. في هذه اللحظة تنزل دمعة من عين نورة لتتحول بعد ذلك لشلال من الدموع. تمد تارا يدها و تمسح دموع والدتها وتقول بحزن: توقفي يا أمي عن البكاء أرجوكي. نورة بحزن: كيف سأعيش بدونك يا صغيرتي لن أقوى على غيابك. تستسلم تارا لدموعها بعد أن كتمتها لوقت طويل فتخرج من الغرفة مسرعة، في هذه اللحظة تقترب تولين من نورة وتقول: لا تقلقي يا خالتي أعدك سأفعل ما بوسعي لأنقذ تارا لا تنسي أنها ساعدت القانون في القبض على المجرم سيخفف حكمها وتعود لك بأسرع وقت. تمسح نورة عينها وتمسك بيد تولين وتقول: أرجوكي يا إبنتي أعيدي تارا لي لن أقوى على غيابها. تبتسم تولين وتقول: أعدك ستكون تارا معك في أسرع وقت. نورة بإبتسامة: شكرا يا إبنتي. في هذه اللحظة يأتي أحمد فتغادر تولين وتلحق بتارا لتظل نورة مع زوجها...
كانت تارا مستلقية فوق السرير غارقة في دموعها،في هذه الأثناء تدخل تولين وتقترب منها وتقول: هيا إمسحي دموعك لم أعتد على رؤيتك بهذا الضعف. ترتمي تارا بين أحضان تولين وتقول: إنها أمي يا تارا كيف سأقوى على فراقها؟ تضمها تولين و تمسح على شعرها وتقول: اشششش أتثقين بي؟ تهز تارا رأسها وتقول: بالطبع. تبتسم تولين وترد عليها: أعدك سيخفف حكمك و ستكونين في أقرب وقت مع الخالة نورة والعم أحمد. تارا بإبتسامة حزينة: ماذا عنكي؟ تصمت تولين قليلا وتخرج من أعماقها تنهيدة حزينة وتقول: سأغادر البلد بعد أن أطمئن عليكي لكن سآتي لزيارتكم من فترة لأخرى. تارا بتساؤل: ألن تعودي لعملك؟ تنظر لها تولين مطولا وتبتسم وتقول: ستكون قضيتك آخر قضية أختم بها مهنتي لقد قررت الإستقالة من هذه المهنة.تبتسم تارا وتقول: فقط كوني سعيدة أينما كنت. تصمت تولين لبعض الوقت وتقول: سأكون بخير إطمئني من يعلم قد أحظى بوظيفة جيدة بعد سفري كما أني سأتزوج و أستقر. إنقبض قلب تارا لكنها تماسكت لم تشأ أن تبين ضعفها هذه المرة فتقول: سيسعدني ذلك حتما لكن عليكي أن تقومي بدعوتي لحفل زفافك قبل الجميع. تولين: بالطبع سأفعل ذلك، كيف لحفل زفاف أن يتم دون حضور العروس؟ تارا بعدم فهم؟ ماذا؟ تضحك تولين وتقول: كيف لي أن أتزوج بدون حضور زوجتي. تارا بتوتر: هااا ماذا تقصدين؟ تنظر تولين لتارا نظرات جانبية وتضرب كتفها وتقول: لقد أصبحت غبية يا تارا ألم تفهمي بعد. تارا عدم تصديق: أهذه مزحة كمزحة الصباح؟ تقترب تولين من تارا لتلتصق بجسدها، تنظر لعينيها ببطئ شديد وتمسك بخصرها تهمس أمام شفاهها: هل يبدو عليا أني أمزح؟ كانت تارا سترد عليها لكن تولين تضع أصبعها على شفاه تارا وتقول: أنا أحبك...