و أوقفتني الخطايا عن كل المذاهب ولا خطيئة أوقفتني عنكي، إني السقيمة في هواكي أرتجي شفاء بحبك منكي، كل الدروب التي تفرقت قد مشيتها، وقد إتخذت النسيان سبيلا، لكن حبك لا يمحى ولا أجد للفراق وسيلة، في كل لحظة ألمحك وطيفك ساكن في عيوني، فلترحلي يا قاسية القلب، أو عودي و خيبي ظنوني، إن في هواكي أسيرة ولا أرتجي منك الحرية، فإن راحتي في سجنك فسلام على الحرية ومرحبا بالعبودية...
مر ما يقارب الأسبوع كانت تارا تهتم بتولين وبأدق التفاصيل التي تخصها ولا تفارقها أبدا، لكن وفي المقابل لازلت تولين على عنادها وقسوتها بل أصبحت أشد برود، لم تكن تارا من الشخصيات الضعيفة لذلك أقنعت نفسها بأن الكرامة أعظم من الحب، وعندما قرر عقلها الإبتعاد ألغيت جميع قرارات قلبها...
صباح يوم جديد ككل الأيام تستيقظ تولين من نومها، تنظر بجانبها فلا تلمح تارا والتي كانت تنام بقربها طيلة الفترة الماضية ، تقف تولين وتغادر السرير بعد أن أصبحت قادرة على المشي و تماثلت للشفاء التام، تفتح شباك الغرفة وتأخذ نفسا عميقا وهي مغمضة عينيها، كان صوت الطبيعة يريحها و الهواء العليل و النسمات الباردة تشفي روحها وتحسن مزاجها. تفتح تولين عينها ببطئ لتلمح تارا في الخارج والتي كانت تمارس الرياضة، ظلت تولين تحدق بتارا على نحو مختلف هذه المرة، فقد سمحت لعيونها أن تغرق في تفاصيل وحركات تارا والتي كانت بمنتهى الجمال. يمر بعض الوقت و تولين تراقب تارا من بعيد . تتوقف تارا قليلا عن الركض بعد أن لمحت تولين فتتجه نحوها وهي تحاول إسترجاع أنفاسها وتقول: صباح الخير توتو. تولين ببرود: ألم أحذرك ألف مرة أن تتوقفي عن مناداتي بهذا الإسم؟ ترد عليها تارا فورا: حسنا آنسة تولين لك ما طلبته. تستغرب تولين من رد فعل تارا والتي إعتادت في ما مضى إزعاجها و معاندتها كيف أنها أصبحت الآن تلتزم حدودها. تدير تارا ضهرها لتغادر فيوقفها صوت تولين والتي تقول: تاراااا. تلتفت تارا لها وتقول: نعم؟ تولين بإبتسامة جانبية: ما رأيك في سباق سرعة و الفائزة تنفذ حكم على الخاسرة. تارا بضحك: ههههه يبدو أنك ترغبين في الخسارة أمامي. تنظر لها تولين نظرات جانبية وتقول: أمهليني بعض الوقت أغير ثيابي و سأريكي من منا ستخسر. تارا: لك ذلك أنا هنا أنتظرك.
جلست تارا تحت الشجرة لبعض الوقت في إنتظار تولين والتي وبمجرد وصولها قالت: لقد أتيت. تنظر تارا بإندهاش وتقول: وواااوو تبدين في غاية الجمال. تبتسم تولين وتقول: أعلم ذلك. تارا بحماس: سنتسابق من هنا لغاية البحيرة، من تصل الأولى هي من ستفوز. تولين بغرور: إستعدي للخسارة. تبدأ الفتاتان بالركض بسرعة كبيرة كانت كل واحدة منهما تبذل قصارى جهدها لتصل قبل الأخرى، حتى أوشكت كل واحدة منهما على الوصول للبحيرة. في هذه اللحظة بدأت تارا بالركض بسرعة أكبر لتتجاوز بذلك تولين، إبتسمت وهي تقترب من نهاية الطريق ولم يزل أمامها إلا بضع خطوات وتفوز لكن وبسرعة البرق تجاوزتها تولين و فازت. سقطت كل منهما على الأرض تسترجع أنفاسها فقد كان الطريق طويل جدا. تولين بصوت لاهث: هههههه لقد فعلتها. تارا بحدة: تبااا كأنني أتسابق مع حصان وليس مع فتاة، يالك من شرطية لئيمة. تعتدل تولين في جلستها وتقول: قولي ما شئت يكفيني أني جعلتك تخسرين أمامي و سأحكم عليكي. تارا مدعية الحزن: حسنا يا حضرة القاضية هل ستحكمين عليا بالإعدام؟ تنظر تولين لعيون تارا وتقول: هل أنتي مستعدة للتنفيذ. ترد عليها تارا: فقط أطلبي وسترين. تولين بهمس: قبليني. تجمدت تارا في مكانها وظلت تكرر: هااا ماذا؟ تولين بإبتسامة: قلت قبليني. بدأت أطراف تارا ترتعش من شدة الإرتباك فهذا آخر طلب كانت تتوقع أن تطلبه تولين منها. تقترب تارا من تولين ببطئ شديد، تسارعت أنفاسها كأنها تعلن حربا، أصبح وجهها مقابلا لوجه تولين، تنظر تارا مليا لعيون تولين ثم تنزل ببصرها نحو شفاهها، تغمض عينيها وتقترب أكثر. في هذه اللحظة تدفعها تولين بعيدا عنها وهي تضحك وتقول: هههههههه إبتعدي هل ستقبلينني بالفعل لقد كانت مزحة أيتها الغبية. تنظر لها تارا نظرات إنكسار وتقول: إياكي أن تمزحي معي مجددا بهذه الطريقة. تنهي تارا كلامها وتمشي بإتجاه البحيرة لكن يوقفها صوت تولين والتي تقول: أين تذهبين؟ تارا بحدة: لا شأن لك بي فقط غادري المكان أريد البقاء لوحدي. تولين: حسنا سأغادر يا تارا لك ما طلبتي. تنهي تولين كلامها لكن وقبل مغادرتها تتفاجئ بتارا والتي تقفز في البحيرة. تولين بغضب: اللعنة المياه باردة هل جنت هذه الفتاة. تركض تارا بإتجاه تولين و تقفز هي الأخرى. تارا بإنفعال: لم جئت ألم أطلب منكي العودة للبيت. تسبح تولين بإتجاهها وتمسكها من يدها وتقول: هيا أخرجي المياه باردة أخاف أن تمرضي أيتها المجنونة. تارا بإستهزاء: ههههههه حقا أتخافين عليا من المياه الباردة؟ ماذا عن النار التي أضرمتها بقلبي ألا تخشين عليا منها. في هذه اللحظة تخرج تولين عن صمتها وتقول بصراخ: أخاف عليكي من نفسي، أخاف عليكي من والدك الذي يريد قتلك، أخاف عليكي من القانون الذي سيعاقبك، أخاف عليكي من كل ما يحيط بك. تصمت تولين قليلا وتكمل: أيؤلمك تجاهلي لك؟ أنا أتألم أكثر منكي لأني أدعي البرود أتظنين أني بدون قلب. أنا أحاول السيطرة على قلبي فأنا أدرك أنه لا مصير سيجمعنا. لما سكتي الآن؟ أتريدين المزيد؟ لقد حاولت تقبيلك فعلا لكني كلما أقترب منك أرى صورة والدتي ليزا المتوفية والتي قتلت غدرا بسببك أنتي ووالدك، أنا أحبك بالقدر الذي أكرهك فيه. غدا سأغادر وأسلم كل الأدلة للنيابة سأسعى لتخفيف الحكم عليكي و أرحل عن كل البلد بعد ذلك. دخلت تارا في بكاء هستيري وهي تضرب نفسها و تردد: أنا لم أقتلها أنا لم أقتلها. تحس تولين بالخوف على تارا فتضمها بقوة و تقول: اششش إهدئي أنا هنا بجانبك. تارا بصراخ: أقتليني الآن إنتقمي لأمك ولجميع الأبرياء، هيااااا أريد أن أموت إفعليها و أريحيني من هذا العناء. تضم تولين تارا لصدرها بقوة أكبر وهي تقول: توقفي عن البكاء لا ذنب لكي فيما حصل لقد إنفعلت و عاملتك بقسوة أعتذر. كانت تارا ترتجف تحت المياه بين أحضان تولين لم تكف عيونها عن البكاء ولو للحظة واحدة. في هذه الأثناء تسبح تولين وهي تسحب تارا معها لتخرج من البحيرة وتجلس معها فوق صخرة كبيرة معرضة لأشعة الشمس. كان الهدوء سيد الموقف كل واحدة منهما غارقة في تفكيرها لكن لم تتجرأ أي منهما عن الحديث...
ترى ما نهاية هذا الألم؟ وإن كان الحب جميل كمان يصفه الجميع فلم يتألم العاشقين؟