الفصل الرابع
ما أن شاهد زين نغم -تقف وتضحك لذلك الشاب الذي كانت برفقته- لم يعرف ما هذا الشعور الذي اعتراه؛ كأن نيران الجحيم اندلعت بداخله، وعيناه تحولت للون الأحمر القاتم من شدة غضبه، وانتفخت أوردته حتى كادت أن تنفجر، وخطا باتجاهها كأن شياطين الأرض تلاحقه، ثم دون مقدمات جذبها بشدة من معصمها بعنف، وسحبها بقوة آلمتها؛ حتى كادت أن تتعثر عدة مرات وهو يجرها خلفه؛ كأنها جماد لا روح فيه.
حاولت أن تتملص من قبضته بشتى الطرق؛ لكنه لم يعطها الفرصة لتعترض، ودفعها بقوة داخل السيارة، ثم عاد بها إلى المنزل، وطوال الطريق لم تستطع أن تحدّثه بكلمة واحدة، فقد أثار مظهره الغاضب الرجفة بقلبها؛ فخشيت من غضبه، ولم تستطع التفوه معه بكلمة واحدة.
حين وصل إلى المنزل أوقف السيارة، وجذبها بشدة آلمتها؛ لتهبط من السيارة، ودلف وهو ما زال يقبض على معصمها بقوة.
ثم حين أصبح بداخل المنزل ترك يدها، ووقف يرمقها بنظرات نارية، وهي ما زالت تقف أمامه تحاول أن تتظاهر بالثبات، وألّا تبين ضعفها ورهبتها منه أمامه.
هدر بها بصوت غاضب اهتزت له أركان المنزل، وجعلها ترتعد بوقفتها:
- انتِ إيه حكايتك يا زفته انتِ؟! مصممه تنرفزيني؟! 100 مره قولتلك الزمي حدودك، واحترمي البيت اللي اتربيتي فيه، ولا خلاص مبقاش حد مالي عينك؟!
ثم أكمل بغضب وهو يضغط على فكيه بغضب شديد، وعينين حمراوين كالجمر..
- ممنوع اشوفك واقفه بتكلمي شباب تاني يا نغم.. وإلّا هوريكي اللي عمرك ما شوفتيه!
أجابته نغم بحدة قائلة، وهي ترتجف من داخلها؛ لكن جاهدت لتحدثه بثبات ظاهري:
- على فكرة بقى انت اللي مستفز حقيقي.. دا واحد زميلي ومش أي شاب والسلام، وانا اللي بقولك اهو.. ابعد عني يا زين..
اشارت له بإصبعها محذرة:
- انا محترمه اكتر من أي حد، وعارفه حدودي، انت اللي بني آدم غريب.. انا مش عارفه عايز مني إيه! مالك بيّا؟! سيبني في حالي بقى!
من شدة القهر الذي تشعر به هبطت دموعها زغيرة لتغرق خديها، خرجت والدته مسرعة من المطبخ على أصواتهم العالية؛ فأسرعت لنغم التي كانت تقف تنتحب بصمت، وضمتها إليها بود، وربّتت على كتفها بود شديد؛ ما جعل زين يشتد غضبه وغيرته منها؛ فهي منذ الصغر أخذت منه اهتمام الجميع، وغفلوا عنه وهو الذي كان مدللا لديهم. تحدثت إلى زين بحدّة:
- مزعل نغم ليه يا زين؟! خلي بالك دي مش أول مره.. انا عديتلك كثير.. بعد كده مش هاسمحلك تضايقها، هي دي وصية بابا ليك قبل سفره عشان يعمل العملية؟!
حبيبي.. ارجوك حاول تعاملها بهدوء، لاحظ انها يتيمه، وأمانه في رقبتنا.
تمتم زين ببعض كلمات الاعتذار المقتضبة، ثم ركض صاعدا الدرج لغرفته، تاركهم يتحدثون سويا، وبداخله غضب شديد لو ترك له العنان لحطمها؛ لتصبح لا وجود لها.
------------
أمّا رحمة بعد أن أخذت تبحث عن عمل طوال اليوم، ولم تجد عمل مناسب، شعرت باليأس يتسرب إليها، وكادت أن تفقد الأمل، إلى أن شاهدت إعلان وظيفة معلقا على أحد الحوائط، فرحت بشدة، وذهبت إليه لتقرءه، وجدت أن سلسلة مصانع العامري تطلب سكرترية، فأخذت العنوان، ورقم الهاتف، وعادت إلى المنزل، وهي تكاد ترقص فرحا، أخيرا وجدت عملا مناسبا لها.
عادت رحمة إلى المنزل، وتوجهت لشقة جارتها، طرقت الباب ثم دلفت إليها، وتهاوت على أقرب مقعد؛ لقد كانت منهكة وبشدة من كثرة لفها على قدميها طوال اليوم بحثا عن عمل.
رحبت بها جارتها بشدة، وقدمت لها مشروب البرتقال، وبعض الشطائر لتتناولها مع العصير، جلست رحمة تقضم من الشطيرة، وترتشف العصير ببطء.
ثم تذكرت يوم قتل زوجها، وتسارعت الدموع على خديها لتهبط بغزارة، كانت تجلس برفقة طفلها بالشقة التي تركها لها والديها -الذين قاموا بتربيتها، حيث أنهم أخبروها أنهم قد وجدوها تسير وحدها وتبكى، تريد أن تذهب لوالدها وشقيقتها؛ لكنها لم تستطع أن ترشدهم لعنوانها، وبحثوا كثيرا عن والدها لكنهم لم يعثروا عليه، فقرروا أن يقوما بتربيتها، كانت تحمل في يدها حقيبة صغيرة كان والدها يصر دائما أن تحملها؛ لأن بها شهادة ميلادها حتى لو يوم تاهت يستطيعوا العثور عليها، وأيضا القلادة التي بها صورتها، وهي طفلة-.
عادت بذاكرتها ليوم مقتل زوجها، فوالدها الذي رباها قد أصر أن يزوجها لابن أحد أصدقائه حتى يطمئن على أنها ستصبح بأمان بعد وفاته -كان والدها رجلا بسيطا يعمل عاملا بأحد مصانع الصابون-، حتى تقدم إليه ذلك الشاب، وكان شاب ذو أخلاق، كان كلما شاهدها برفقة والدها يتابعها بعينيه إلى أن تختفي من أمامه، كان يعمل بمحل دليفري يقوم بتوصيل الطلبات للزبائن.
كان يدعى طارق كانت ملامحه عادية، بشرة قمحية، وشعر أسود، وطوله متوسط، حاصل على دبلوم صناعة، وحيد والديه، تزوجها سريعا، وهي في السنة الثانية من الدراسة، وحصلت على دبلوم التجارة، وهي متزوجة وبعدها بفترة قصيرة أنجبت طفلهم الوحيد ياسين.
وذات يوم أثناء عودته من عمله سمعت صوت ضجيج يأتي من الشارع؛ فذهبت لتنظر من النافذة لتستطلع الأمر؛ فوجدت مشادَّة بين زوجها وأحد الأشخاص فارتدت عباءتها سريعا، وهبطت الدرج، وهي تركض، إلى أن وصلت لديه، كان المتشاجر معه يريد أن يأخذ منه الفيسبا التي يقوم بتوصيل الطلبات بها، ولكن حين قاومه طعنه بالمطواة التي يحملها طعنتين، وتركه غارقا بدمائه.
حين وصلت إليه أخذت تصرخ بجنون، حين شاهدته غارقا بدمائه، التف الناس حوله، ونقلوه لأقرب مستشفى؛ لكنه كان قد فارق الحياة، أجرت النيابة التحقيق؛ لكن لم يتعرف أحد على المجرم، فقُيّدت القضية ضد مجهول.
حزنت كثيرا رحمة لفقدان زوجها، تلاه بعد ذلك موت والديها -الذين قاما بتربيتها- بحادث سيارة، وكانت والدة زوجها برفقتهما، فبقيت وحيدة هي وطفلها؛ لولا جارتهم لكان الحزن قضى عليها.
أفاقت رحمة من ذكرياتها على صوت جارتها تحدثها بحنو بالغ، وتربت على كتفها بود:
- كفايه تفكير في الماضي يا حبيبتي.. انسي بقى، وعيشي حياتك!
ثم أكملت وهي تضم حاجبيها بتأثر.
- عارفه يا حبيبتي اللي حصلك مش سهل، بس عشان خاطر ابنك عيشي، وانسي، وربنا هيعوض صبرك خير.
أكملت قائلة بجديّة وهي تنظر إليها بحزن حاولت إخفاءه:
- عملتي ايه؟ لقيتي شغل جديد؟
جففت رحمة دموعها، وأردفت قائلة -بحزن شديد-:
- لفيت كتير قوي يا طنط، وملقتش حاجه مناسبه، بس لقيت إعلان لشركه عايزه سكرتيره.
ثم أكملت حديثها بنبرة حزينة وقد قوست ما بين حاجبيها بتفكير:
- بس دول أهم حاجه عندهم حسن المظهر، هيبقى دا المشكله الوحيده اللي هتقف قدامي.
هتفت بها هبه بحب قائلة:
- ما تشليش هم اللبس، انا كنت شاريه ٣ اطقم ومجوش مقاسي، المكنه موجوده، ونظبطهم عليكي، هيبقوا يجننوا عليكي يا قلبي!
احتضنتها رحمة بحب، وهتفت بها بود وامتنان:
- ربنا يخليكي ليا يا طنط، مش عارفه من غيرك كنت عملت ايه!
أخذت طفلها لتطعمه، وترتاح قليلا، ثم تنهض بعد ذلك لتعد الملابس.
------------------------
بمكان آخر.. حيث كان إياد يمارس عادته الصباحية التي كان يمارسها دائما يوم إجازته؛ يذهب إلى النادي ليركض بالتراك قليلا، ثم يعود للمنزل بعد أن يتناول مشروبا باردا.
بعد أن بدل ملابسه لأخرى تصلح للركض أخذ يركض؛ حتى شعر أنه قد نال منه التعب، وتصببت جبهته بالعرق، فتوقف عن الركض؛ ليلتقط أنفاسه، وذهب ليبدل ملابسه، ويأخذ حماما باردا..
وما كاد يخطو خطوتين؛ تفاجأ بفتاة تندفع نحوه تحمل بيدها كوبا من الشاي، حاول أن يتفاداها؛ لكن لم يستطع، فاصطدمت به؛ لتتطاير كمية كبيرة من الشاي الساخن على صدره؛ ما جعله يقفز متألّما من شدة سخونة الشاي.
ابتعد عنها على الفور، وقام بنزع التيشرت سريعا، ورفع وجهه؛ ليرى مَن تلك التي اصطدمت به؛ لينظر إليها باندهاش وهو يحدق بها مشدوها غير مصدق، وزاد من غضبه حين علم مَن تكون..
صاح بها بصوت غاضب، وقد احمرّ وجهه من شدّة غضبه، فأمسكها من معصمها بقوة آلمتها، وصاح، وهو يكزّ على أسنانه بغضب..
- انتِ مرّه تانيه؟! لا كده كتير قوي! انتِ مستفزه ومش بتبصي قدامك.. انتِ إيه؟!
ودفعها؛ لتبعتد عن طريقه؛ لكنها اعترضت طريقه، وهتفت به بتوسّل وهي ترمقه بنظرات مليئة بالرجاء:
- أرجوك استنى.. انا حقيقي متأسفه.. المره دي مكنتش اقصد حقيقي.
ثم أردفت بندم حقيقي:
- صدقني بجد بعتذر!
أشار لها بيده علامة الموافقة، وما كاد يذهب؛ حتى اعترضت طريقه مرة أخرى قائلة بتوتر وقلق من ردة فعله، بللت شفتيها قبل أن تحدثه، وهي تراقب تعبيرات وجهه أردفت قائلة:
- لو ممكن تتفضل اعزمك على مشروب.. اعتذار مني على اللي حصل؟!
احتار إياد.. أيقبل أم يرفض، بالنهاية حسم أمره بأن يقبل طالما اعترفت بخطئها، لا بأس بذلك، تحدث إليها بصوت حاول أن يخرج هادئا وهو يرمقها بنظرات متفحصة:
- تمام.. اديني بس وقت اغير هدومي، والحق ادهن الحرق بأي حاجه..
ركضت على حقيبتها قبل أن يغادر، وأعطته دهانا كان بحوذتها قائلة باهتمام:
- الكريم دا ممتاز، وبيزيل الأثر فورا..
اخذه منها، وتمتم لها ببضعة كلمات تعبيرا عن شكره لها، حدّقت به الفتاة بإعجاب شديد، ووقفت تنظر في أثره، وتمتمت محدّثه نفسها قائلة -بهيام، ودقات قلبها مثل الطبول-:
- انا بجد مش مصدقه اني قابلته مره تانيه، لو كان حد قالّي اني هقابله تاني استحاله كنت اصدق!
تنهدت بهيام، وعادت لتجلس مع والديها، انتهى إياد من تبديل ملابسه، ثم عاد إلى حيث كانت تجلس الفتاة، بمجرد أن شاهدته؛ نهضت؛ لتستقبله بقلب يرجف فرحا لرؤياه، تقدمت نحوه بدلال، ودعته للجلوس، قامت بتعريفه بوالديها قائلة:
- اقدملك بابا سيف الدين الحديدي، ماما مرڤت عز الدين.
مد إياد يده؛ ليصافحهم بود شديد، وارتسمت على شفتيه ابتسامة ساحرة، وقال:
- أقدملكم نفسي: إياد العامري.. رجل أعمال.
أخذ الجميع يرحب به، وعلم أن الفتاة تدعى جودي، وفى نهاية الجلسة تبادلا أرقام الهواتف، واستأذنهم إياد؛ ليعود للمنزل..
----------
بغرفة زين؛ ذهبت والدته؛ لتتحدث معه، فطرقت على باب الغرفة، أجاب زين:
- اتفضل.
دلفت والدته إلى الداخل، وهتفت به بمرح قائلة:
- ممكن حبيب ماما اخد من وقتك ثواني؟!
أجاب زين بتأفف:
- أكيد يا ماما.. اتفضلي.
توجهت لحيث يجلس، ثم جلست إلى جواره، وتأملته بحب، ثم تحدثت إليه بجدّية قائلة:
- زين قلبي! انا عايزاك تخفّ على البنت شويه دي يتيمه واحنا اللي مربيينها!
ثم أردفت قائلة:
- على فكره بقى.. البت دي بتحبك متضعيهاش من ايدك يا زين، البنت كويسه وبنت ناس..
صاح زين بغضب شديد، وقد كاد يحطم كل شيء بالغرفة قائلا -بتهكم شديد-:
- بنت مين دي البتاعه اللزجه دي؟!
ثم صاح بغضب، وقد أعماه غضبه، أكمل باشمئزاز:
- مستحيل يا أمي! إلّا دي.. لو آخر واحده انا استحاله ابص لها!
والدته بهدوء:
- طيب بس اسمعني، وبطل عصبيتك دي.. عيب يا ولد انت! انا امك برضو مينفعش تكلمني كده!
جلس زين يحاول أن يبتلع غضبه؛ حتى لا يحرق الأخضر واليابس، صاح بغيظ من تحت أسنانه:
- اتفضلي يا ماما.. سامعك!
تحدثت إليه بجدّية واهتمام قائلة:
- انت متعرفش انها كلها كام سنه وتبلغ سن الرشد، وساعتها تقدر تاخد حقها من بابا، وممكن كمان تعيش لوحدها، وطبعا انت عارف ان بابا مشارك بالفلوس دي بمشاريع كتير، ومش هاينفع يسحب المبلغ دا من السوق بسهوله، فإيه رأيك انك تتجوزها؛ فهي بكده تبقى مراتك، وفلوسكم واحده!
إلى هنا لم يستطع زين سماع المزيد؛ فترك الغرفة بما فيها، والتقط مفاتيح سيارته، وفر هاربا؛ لكي لا ينفس غضبه بتحطيم الحجرة بما فيها، أخذ طيلة الطريق يضرب المقود بعنف حتى آلمته يده.
----------------
نزلت رحمة من المنزل تمشي بخطوات حذرة خشية أن تقابل ذلك البغيض المدعو "عباس"، اشترت بعض الخضروات، وبعض الجبن والخبز، ثم عادت لتصعد لشقتها؛ فإذ بسيارة تمر من أمامها؛ لتغرقها بالماء القذر الذي كان يغرق الشارع.
صاحت به رحمة بغضب دون أن تشاهد من الذي يقود السيارة:
- انت يا حيوان انت مش تحاسب! مش شايف فيه بني آدمين ماشيين؟! ولا انت كمان اعمى؟!
أوقف يزيد السيارة حين استمع لصوتها الذي لم يغب عن باله ولا لحظة واحدة، فتوجه إليها بوجه غاضب وعينين تطلقان شرارا؛ مما أثار الرجفة بقلبها، تقدم ناحيتها، وهي قد تسمّرت بالأرض حين شاهدته، تمنت أن تنشقّ الأرض وتبتلعها؛ فما كان من يزيد إلا أن سحبها بقوة من ذراعيها، وهو يجرها بشدة كمن ضبط لصا متلبسا بالجرم المشهود، تأوّهت رحمة بوهن من قبضته الفولاذية على رسغها، وهي حتى الآن منصعقة من عدم إبدائه رد فعل مناسب مع هيئته المتوحشة، اكتفى فقط بتقطيبة عابسة لوجهه، ووعيد ينطلي من مقلتيه، ثم دفعها لأسفل درج العقار الذي تقطن به، حاولت التملص من قبضته الفولاذية على يدها؛ لكنه لم يزحزح يده ولو إنشا واحدا عن رسغها.
ثم همس أمام شفتيها، وهو يبتلع ريقه بصعوبة شديدة نظرا لقربها المهلك منه، وهمس أمام شفتيها وهو يتأمل كل إنش بها.. وجهها، وشفتيها، قوامها، وشعرها الحالك السواد، وتلك العينين بلون العسل التي نظرة منها تدفعه إلى أعماق الهلاك.. أكمل حديثه قائلًا -بنبرة تحذيرية وصوت خافت-:
- انا كتير قولتلك لمّي لسانك الطويل ده، وسبق وحذرتك انك تتمادي بطولة لسانك وإلّا هيكون عقابك شديد؛ لكن انتِ واضح انك عايزه تتعاقبي!
همست له بترجٍّ قائلة:
- يزيد.. من فضلك سيبني امشي، انا اتأخرت..
أكملت بنبرة حانية تحاول أن تجعله يتركها:
- أرجوك لو سمحت..
- انتي تخرسي خالص، انتي فاهمه؟! مسمعش نفسك ابدا؛ عشان متهورش عليكي.. انا ماسك نفسي بالعافية، انا كتير حذرتك؛ لكن انتِ مصممّه تتحدّيني، وانا صبرت عليكي كتير، وصبري نفد!
همست باسمه بصوت دافئ فأغمض جفنيه لعدة ثوان وهو يطرد تلك الهمسة الدافئة التي خرجت من شفتيها، زفر بيأس، وداعب بأنامله بحرية على وجنتيها النضرة، وود ولو للحظة التهامها، صاح بخشونة:
- انتِ اللي جبتيه لنفسك!
وخطف أنفاسها بقبلة عميقة، وتعمّق بقبلته أكثر، وابتعد عنها أخيرا حين شعر بحاجتهما للهواء، اكتسحتها موجة حارة أمام وجهه، وشعرت بخجل شديد، التقطت أنفاسها بصعوبة، ثم ما لبثت أن صفعته على وجهه، وفرّت هاربة من أمامه وهي تركض؛ كأن شياطين الأرض تلاحقها.
صاح يزيد بصوت واهن مشحون بالعاطفة:
- اجري اجري.. هاتروحي مني فين؟! مسيرك تقعي تحت ايدي، وساعتها مش هرحمك!
- -----------
انتهى زين من الدوران بسيارته، وعاد إلى المنزل بعد أن شعر بالإرهاق، حينما فتح باب المنزل خطا إلى الداخل، وصعد الدرج متوجها إلى غرفته تفاجأ بمن يندفع على الدرج حتى كاد أن يتعثر؛ فهتف بها بضيق:
- انتِ!
أنت تقرأ
المشاكسه والمستبد الجزء الأول
Romanceالمشاكسه والمستبد بقلم / نورا نبيل لآ أعلمُ مِنْ أيْن أبتدِيْ وأينَ أنتهِيْ ....!! تـآئِهٌا بينَ الشكِّ واليقيْن .... بينَ البغضِ والمَـحبّه .... السُؤآلْ والجوآبْ ... الدموعْ والإبتِسَـآمَه ... مُبَـعثرةٌ مَشآعِريْ فِيْ أحشَـآءِ المَـوتِ والحَيَـ...