الفصل الثالث عشر

1.1K 44 2
                                    

الفصل الثالث عشر
أزالت دموعها بكفّها، ولململت شتات نفسها، وأقسمت أن تلقنه درسا لن ينساه، ثم وقفت، وأعادت ترتيب هندامها، وأعادت شعرها إلى الخلف بكل ثقة، وهتفت به بكل ثقة قائله بغضب ونظرات مليئة بالتحدي:
- انا ميلزمنيش سريرك؛ لكن مش هنام على الأرض.. لو مش عايزني بأوضتك انا أوضتي لسه موجوده.. ممكن ارجع انام فيها!
زين غاضبا بشدة:
- مفيش خروج برا الأوضه، من النهارده انتِ هتنامي هنا، عندك الكنبه نامي عليها؛ لكن مفيش خروج من هنا!
تقدمت نغم بصمت، وتمددت على الاريكة؛ فقذف لها غطاء لتتدثر به؛ لكنها لم تتدثر به؛ بل دفعته جانبا، ونزعت الروب الذي كانت ترتديه، وتمددت فوق الأريكة بقميصها الوردى الذي يبرز مفاتنها، ويكشف عن قدميها.
أغمضت عينيها، وادّعت النوم، وأخذت تتقلب على الأريكة يمينا وشمالا، أما هو فكان يصارع شتى المشاعر، ويشعر بأنه يختنق، وبمجرد رؤيتها بهذا القميص يدمر أعصابه، ونومها بهذا يثير اعصابه وغضبه.
وضع الوسادة على رأسه لعله يستطيع النوم، وأخذ يتقلب يمينا وشمالا لعله يغفو؛ لكن هيهات.. فقد تحالف النوم معها ضده، فنهض غاضبا، وخرج للشرفة لعل الهواء البارد يهدئ من روعه، وقف كثيرا بالشرفة حتى تعدى الوقت منتصف الليل، وأعلنت دقة الساعة عن تمام الواحدة بعد منتصف الليل.
شعر أنه بحاجه لشرب القليل من الماء؛ فترك الشرفة، وذهب للثلاجة الصغيرة الموجودة بغرفته؛ ليجلب زجاجة ماء، وهو في طريقه للثلاجة اصطدم بنغم التي كانت تمسك بطبق من الحلوى في طريقها للعودة للأريكة.
وضع يديه ليمنعها من السقوط، وهتف بها بغضب غير عادي:
- مش تفتحي! انتِ عميه ما بتشوفيش؟! انتِ مش واخده بالك ان في حد معاكي في الأوضه؟! ولا فاكرة نفسك لوحدك؟!
أجابته وهي تبعد يديه عنها؛ كأنه نار ستحرقها، وهتفت به بكل ثقه وهي تقوس حاجبيها، وتمعن النظر به أكثر:
- انت إلى جاي، وانا ماشيه قدامك المفروض انك انت إلى تاخد بالك، ولا انت يا حرام شكل نظرك ضغيف! انصحك تلبس نضارة!
تركته واقفا ينظر إليها بذهول وغضب، ومن يرى هيئته المرعبة يخشى حتى مجرد المرور من أمامه، لقد كان يود أن يذهب خلفها؛ ليصفعها على ذلك الحديث.
تركته يقف مصدوما ينظر بأثرها بنظرات مشتعلة من شدة غضبه، عادت إلى الأريكة، وجلست تلتهم الحلوى، وتكتم ابتسامتها على مظهره الغاضب..
ترك لها الغرفة، وفر هاربا منها ومن مشاعره التي لو ترك لها العنان لحدث ما قد يندم عليه لاحقا، خرج يتمشى بالحديقة قليلا إلى أن تكون قد غفت؛ فيستطيع ساعتها النوم بسلام..
بعد أن غادر الغرفة أعادت طبق الحلوى إلى الثلاجة مرة أخرى، ثم مسحت دموعها التي انهمرت رغما عنها، واستلقت على الأريكة، وأغمضت عينيها؛ لتنام وقلبها يئن من شدة الحزن..
عاد بعد مرور بعض الوقت، وتمدد بالفراش، وعبثا حاول أن يغفو إلى أن غفا بعد مرور وقت طويل..
باليوم التالي.. نهض بالمساء؛ فوجدها تدخل إلى الغرفة وهيا تحمل الطعام، نهض وتوجه إلى المرحاض، وأخذ حماما، وبدل ملابسه، ثم عاد ليجلس؛ يتناول الطعام بصمت دون أن يتفوه بكلمة..
فوجئ بوالدته تطرق الباب عليهما؛ فسمح لها بالدخول، تقدمت إلى داخل الغرفة، وناولته مظروفا، وتحدثت إليه قائلة بود شديد:
- باباك سافر يعمل فحوصات طبيه، وسابلك التذاكر، وحجز الفندق بالغردقه عشان شهر العسل.
اخذهما منها على مضض، فاحتضنته والدته بود قائله:
- الف مبروك يا زينو.. خد بالك من نغم دي بتحبك قوى!
لعنها بينه وبين نفسه قائلا بحدة:
- كل شويه نغم نغم؟! حاجه تخنق!
ثم زفر بضيق، والتفت إليها قائلا بحدة:
- هانزل اطلع العربيه برا الجراج.. جهزى الشنط، والبسي، وحصليني.
بغرفة رحمة كانت جالسه تطالع التلفاز؛ فأخذ صغيرها يبكي، اقتربت منه، وحملته بحنان، وأخذت تطعمه، وهي تطعمه أخذت تهدهده بحب، وتلثم خدّيه بحنان شديد، أتي يزيد، ووقف يطالعهما بحب وعشق شديد يطل من عينيه، هتف بها ممازحا:
- يا بخت سينو! بتدلعيه، وتأكليه كمان!
ثم أكمل بمكر، وهو يتأملها بعشق:
- يا عيني عليا! مفيش حد يدلعني!
ابتسمت له برقة أذابت قلبه، وتطلعت إليه بعشق جارف، وهمست للصغير:
- شايف يا سينو.. بابا يزيد هو كمان لسه صغنن ازاي!
اخذ الصغير يضحك، ويهلل بيديه؛ كأنه يفهم حديثها،
اقترب منها يزيد، وحمل الصغير، وأخذ يلاعبه، ويهدهده
الى أن غفا الصغير، وبعد أن كف عن اللعب معه، حملته منه برفق، ووضعته بالفراش.
ثم ذهبت لتجلس إلى جوار يزيد؛ ففتح ذراعيه لها لترتمي بينهما؛ تتوسد أحضانه بحب، همس لها برقة:
- يعنى انا مليش نفس للدلع؟! دلعينى زى سينو!
قبلت جبهته برقة قائلة بعشق:
- بس كده؟! عيونى يا زيدو!
قبلها يزيد برقة شديدة، ثم وضع جبهته على جبهتها ليلتقط أنفاسه..
انتابه خوف شديد من رد فعلها إذا علمت سر الماضي..
قرر أن يدع ما فات، ويستمتع بوجوده إلى جوارها..
أما إياد وجودي.. فكان يرافقها دائما من الصباح وحتى المساء، ويأخذها إلى طبيب العلاج الطبيعي؛ حتى تعود تمشى على قدميها من جديد بعد الحادث، همس لها برقة، وهي تقف على جهاز المشي:
- ان شاء الله تخفّى، وتبقى زي الفل يا قلبي، ونتجوز بقى!
همست جودي له بخجل:
- ربنا يخليك ليا يا إياد! مش عارفه من غيرك كنت هعمل ايه! ربنا ميحرمنيش منك! انت قلبك كبير قوى يا حبيبي..!
إياد بهيام:
- انتِ اللي أجمل حاجه وقعت عيني عليها! وقعتينى بحبك.. مقدرتش اقاوم!

المشاكسه والمستبد الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن