الفصل الثانى عشر

1.2K 50 2
                                    

الفصل الثاني عشر
اندفعت نغم خارجة من غرفتها تركض وهي تشعر بالرعب والتقزز من ملمس الفأر، وضربات قلبها تدق بسرعة غير طبيعية، والعرق يتصبب من جبهتها.
وما كادت تضع قدمها على أولى درجات الدرج إلّا وانفلتت قدمها، فحاولت أن تتمسك بالدرج؛ لكن لم تستطع، وأفلتت يدها، حينها شعرت أنها هالكة لا محالة، استسلمت لقدرها المحتوم، وفقدت الوعي من شدة شعورها بالذعر.
،ولكن قبل أن يحتضنها بساط الدرج؛ كانت ذراعاه تتلقاها وهو يتأملها بقلق ولهفه.
حملها برفق، وسار بها إلى غرفتها، ووضعها برفق على الفراش، ثم دثرها بحنو شديد، وذهب إلى حيث تضع أدوات الزينة الخاصة بها، ثم أخذ العطر الخاص بها، ونثر منه القليل على يديه، ثم قربه من أنفها.
فتحت عينيها ببطء، ورمشت عدة مرات إلى أن شاهدت "زين" يجلس إلى جوارها، ويبدو على وجهه القلق؛ لكنها ارتعبت حين تذكرت ما فعلته به، وأيقنت أنه بالتأكيد مَن وضع الفأر بخزينة ملابسها، أدارت وجهها الناحية الأخرى، وداخلها يرجف من شدة خوفها منه، وأخذت تتساءل قائلة لنفسها "ترى ماذا يخبئ لها أيضا غير مقلب الفأر؟!".
قلق زين من صمتها، فقال لها بتساؤل:
- نغم.. انتِ كويسه؟! فيك حاجه؟!
نغم أجابت بحزن دون أن تنظر إليه:
- أنا كويسه!
أدار وجهها إليه، وجدها تبكى بصمت، ودموعها أغرقت وجهها، تألم قلبه لأجلها؛ لكنه رسم على وجهه قناع البرود، ومسح دموعها ببعض الخشونة، وأخذ يحدق بعينيها، تزايدت دقات قلبه بشكل مفرط؛ حتى ظن أنها كادت تكون مسموعة..
حدق إلى شفتيها بتيه وشرود كالمنوّم مغناطيسيا، أغمضت عينيها ظنا منها أنه سيقبلها، وقلبها يرقص فرحا من قربه منها واهتمامه بها؛ فاقترب ببطء من شفتيها؛ حتى لفحت أنفاسه وجهها، وكاد أن يقبلها؛ لكنه تراجع باللحظة الأخيرة، وبدلا من أن يقبلها؛ وضع حول عنقها قلادتها، ثم همس بخفوت وخشونة في أذنها قائلا بخبث:
- تانى مره وانتِ بتعملي حاجه ابقي متسبيش وراكي دليل!
وقْع حديثه عليها أصابها بالصدمة، وعنفت نفسها لانجرافها وراء مشاعرها؛ فهو دائما يتلاعب بها، وهي تعطيه الفرصة لذلك.
نهضت غاضبة منه، ومن مشاعرها التي دائما ما تجعلها ضعيفة أمامه، ركضت مبتعدة عنه وهي تشعر بالنيران تتأجج داخلها من شدة غضبها منه؛ لكنها كادت أن تتعثر وتسقط أثناء ركضها بلا هدف، فركض خلفها؛ ليصبح أمامها بلمح البصر، ومد يديه؛ فتلقاها لتسقط بين أحضانه.
وقف ينظر إليها بمشاعر كثيرة متضاربة ما بين رغبته ببقائها هكذا بين يديه إلى الأبد، وبين رغبته بإبعادها عنه ودفعها بعيدا، تغلب قلبه على عقله، وشدد من عناقه لها بحب جارف، ورفع وجهها إليه، وقبّلها برقّة حتى كادت أن تذوب بين يديه من كم المشاعر بقلبها المتلهفة له، أما هو فتسارعت دقات قلبه، وأصبح يشعر أنه غير قادر على الابتعاد عنها، ابتعد عنها أخيرا ليلتقط أنفاسه.

وقفت نغم تنظر إليه بعشق جارف، وعيناها تقطر حبا،
حاولت أن تتحدث بصوت هادئ عكس الثورة التي بداخلها فقالت برقة شديدة:
- زين.. انا..!
لكنه قاطعها ببرود ونبرة حازمة قائلا بغضب:
- اتفضلي ارجعي على أوضتك، وتاني مره خدي بالك وانت ماشيه، انا مش هبقى دايما موجود عشان اعمل دور المنقذ!
صدمت بشدة من حديثه الجاف معها، ووقفت تحدق به وهي مصدومة لا تصدق ما تفوه به الآن، نظرت إليه وعيناها مليئة بالدموع، نظرات بلوم وعتاب، استدار يمشي بخطوات سريعة؛ ليهرب من نظراتها المعاتبة له، فركضت عائدة إلى غرفتها.
ذهبت رحمة لغرفة شقيقتها بعد أن تأكدت أن طفلها قد غفا، ألقت عليه نظرة أخيرة، ثم ذهبت لغرفة نغم، طرقت الباب عدة طرقات؛ لكن لم تأتها إجابة، قلقت على شقيقتها؛ ففتحت الباب، وتقدمت إلى داخل الغرفة؛ لتتفاجأ بها تجلس على الفراش، وتخفي وجهها بيدها، وتنتحب بشدة..
اقتربت منها بقلق ولهفة شديدة، واحتضنتها لتخفف عنها بعضا من حزنها، تمسكت بها نغم بشدة وأخذت تنتحب بقهر وألم.
أخذت تهدهدها بحب وحنان؛ حتى هدأت تماما، وكفّت عن البكاء، نظرت إليها بتساؤل قائلة باهتمام شديد:
مالك يا نغوم؟! مين زعلك يا قلبي؟!
نغم بصوت يقطر حزنا وقد سقطت الدموع من عينيها لشعورها بالحزن الشديد:
- زين يا رحمة مغلبني معاه! شويه احس انه بيحبني، وشويه بيكرهني! مبقتش فاهمه هو عايز ايه؟!
رحمة بقلق على حال شقيقتها:
- واضح انه صعب جدا زين ده، عموما عايزه بالك يكون طويل متخلهوش يحبطك، أو يأثر على أعصابك، خليكي قويه وشجاعه، اوعي تخليه يحس بضعفك، واتجاهليه نهائي..
بتلك اللحظة طرق عليهم يزيد باب الغرفة، أجابت نغم من بين دموعها قائلة:
- ادخل.
تقدم يزيد إلى داخل الغرفة، وما أن شاهد رحمة نظر إليها بعشق جارف قد طل من عينيه، وابتسم لها برقة؛ فبادلته الابتسام بخجل شديد.
وتحدث إليهم قائلا بمرح:
الحلوين عاملين اجتماع مغلق ليه؟! خير يا رب!
رحمة بمشاكسة:
- أبدا يا كابتن.. بس الأستاذ اخوك مبهدل اختي معاه، خلي بالك.. انا ممكن ازعله، بس ساكته عشان خاطرك.
توجه يزيد لحيث تجلس نغم، وأخذها بين يديه، وأخذ يهمس لها بكلمات مضحكة؛ حتى كفت عن البكاء، وأخذت تضحك ملء فمها.
أخذت رحمة تراقبهم بتعجب، وهي ترى حنان زوجها على شقيقتها؛ فهو يدللها كأنها ابنته، فرحت لاهتمامه بشقيقتها على الرغم من تسرب بعض الشعور بالغيرة؛ لكونها لاقت كل ذلك التدليل، بينما هي تعبت كثيرا بحياتها، وعانت كثيرا..
ظفت عن رأسها تلك الافكار، وعادت لتتأمل يزيد وهو يدلل شقيقتها.
همس لها يزيد بحنان شديد بنبرة تحمل تهديدا لزين:
- انا الولد دا لازم المره دي اعلمه الأدب؛ عشان يحرم يزعل بنوتي الحلوة مره تانيه..
أخذ يصيح بمرح قائلا بسعادة:
- يا ناس حد يبقى معاه القمر ده, ويزعله؟! أما الواد دا غبي بجد! حقك عليا يا نغوم، انا هعلمه الأدب!
تركها بعد أن أعطاها قالبا كبير من الشيكولاتة المفضلة لديها، ثم جذب رحمة من يدها؛ ليأخذها ويخرج من غرفة نغم ممسكا بيدها بحنو بالغ ورقة متناهية.
حين أصبح خارج غرفة نغم أخذها وذهب لغرفته،
جلس وهي إلى جواره، ثم أردف قائلًا بعشق قد أطل من عينيه وهو يتأملها برقة:
- وحشتيني قوي على فكرة النهارده!
رحمة بخجل:
- انت اكثر!
ضمها لصدره، واحتضنها بشوق جارف، ثم أبعدها عنه؛ ليتحدث إليها؛ فقال لها بخفوت:
- حببتى.. كنت عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم؟!
رحمة بقلق:
- خير يا يزيد! موضوع ايه؟!
يزيد بتوتر -وقد شعر أنه قد جف ريقه-:
- أبدا يا حبي.. كنت عايز اقولّك بس عن حياتى قبلك، واشرحلك شوية حاجات كده..
كاد أن يسترسل في حديثه؛ لكن رحمة وضعت يدها على فمه؛ لتمنعه من الحديث قائلة بحب:
بلاش يا يزيد.. مش عايزه اعرف حاجه عن الماضي، كفايه عليا حبك ليا، وخوفك عليا!
جذبها يزيد إليه، وعانقها بعشق جارف، ثم قبّلها بشغف وعشق جارف، ثم عاد ليضمّها مرة أخرى، ويغمض عينيه براحة..
أما زين فقد شعر أنه على وشك الانفجار، ولو بقى أكثر من ذلك أمامها سيحطمها من شدة غضبه، ويزيد من جراحها، بدّل بملابسه ملابس الرياضة، وخرج ليركض؛ لعله يتخلص من الغضب المشتعل بقلبه.
أخذ يركض.. ويركض؛ حتى شعر أنه تعب بشدة من كثرة الركض، وتقطعت أنفاسه من شدة الركض، وأثناء عودته قابل فتاة تقطن بالفيلا المجاورة، كانت تركض هي أيضا، أشارت له وابتسمت، فبادلها الابتسام على مضض، ثم جفّف عرقه، وعاد إلى المنزل؛ ليأخذ حماما، ويستريح قليلا..
حينما كان يتوجه إلى الدرج؛ ليصعد إلى غرفته جاءه صوت والده مناديا عليه قائلا بغضب:
- زين.. تعالى مكتبي حالا.. عايز اتكلم معاك شويه..
ذهب زين إلى مكتب والده بوجه غاضب وهو يضغط على فكيه بغضب، ويضم قبضة يده بشدة، وصوت تنفسه يكاد يكون مسموعا.
توجه بغضب إلى غرفة المكتب بخطى سريعة؛ كأن شياطين الأرض تلاحقه.
تقدم إلى داخل الغرفة، وجلس بثقة على المقعد المقابل للمكتب، وجلس يستمع لما يود والده قوله،
فقال بتأفّف:
- افندم.. حضرتك طلبتني.
والده بغضب وقد قطّب حاجبيه، ونظر له بريبة قائلا:
- انت وبعدين معاك! مش ناوى تعقل وتعامل مراتك كويس؟!
    زين بغرور:
- هي كانت اشتكت مني ولا إيه؟!
    والده بغضب:
- مش لازم تشتكي عشان اعرف انها مضّايقه منك، انت اتعدل معها يا زين، أو لو مش عايزها سيبها ومتعذبهاش معاك!
زين بغضب شديد وهو يتوعدها بأشد عقاب:
- مين قال انى مش عايزها؟! لا طبعا عايزها، وإلّا مكنتش اتجوزتها!
والده بمكر وهو يرفع حاجبيه، ويرمقه بغموض قائلًا بتساؤل:
- طيب يعنى مشفتكش حددت معاد للفرح، وجيت قلت يا بابا حدد لي معاد الفرح؟
زين بغرور وثقة قائلا بحزم بنظرات ماكرة ونصف ابتسامة:
- أبدا يا بابا دا انا مجهز كل حاجه، وكنت مستني اقولك ان معاد الفرح ممكن يبقى نهاية الأسبوع، ولا ايه رأيك؟!
والده بنظرة انتصار:
- تمام هاتولى بنفسي تجهيز جنينة الفيلا، واوصي على طبع الدعوات.
احتضنه والده بود صادق قائلا بحب:
- ألف مبروك يا زين، نغم بنت حلال، وانا واثق انك هتكون سعيد معاها.
انصرف زين، وهو يتوعدها بأشد عقاب لتذهب بعد ذلك وتشكوه لوالده.
بالمشفى كان إياد يدخل من باب المشفى متوجها لغرفة جودي، وهو لا يزال يشعر بالقلق الشديد من أجلها،
توجه إلى غرفتها على الفور؛ ليجدها جالسه بالفراش، ووالدتها تجلس إلى جوارها تطعمها بيدها.
تقدم من الفراش وقلبه يخفق شوقا لها، وعيناه تتوسل إليها بأن لا تقسو عليه.
اقترب منها بهدوء، وجلس إلى جوارها يتأملها بحب، نهضت والدتها متحججة بأنها ستُجري مكالمة هاتفية، وحدثت إياد قائلة بحب:
- عن إذنك يا حبيبي.. هعمل مكالمه وارجعلك حالا خلي بالك من جودي بقى أوك.
اياد بعشق أطل من عينيه:
- حبيبة قلبي حمد الله على سلامتك يا روحي أنا آسف، جودي! أرجوكي سامحيني!
ثم أردف بأسف:
- بصي انا جبتلك ايه معايا.. الورد اللي بتحبيه.
أدارت جودي وجهها للناحية الأخرى، وهي تشعر بالحزن الشديد، تابع حديثه أملا بأن تسامحه، أو قلبها يلين له، اقترب منها أكثر، وأدار وجهها إليه؛ ليتأملها بعشق جارف، أزال دمعة عالقة بأهدابها، وهمس بعشق جارف بأذنها:
- يلّا خفّي بقى عشان نتجوز، ونعمل فرح كبير بقى وكده..
ابتسمت رغما عنها، وهتفت به وهيا تتظاهر بغضب قائلة:
- بس انا لسه زعلانه منك على فكره.
وأكملت بتذمر وهي تلوي شفتيها بغضب طفولي:
- ومش هسامحك.
إياد متصنعا الغضب:
- ويهون عليكي حبيبك يعني؟!
أردفت جودي وهي تتأمله قائلة بحب:
- انا عمري مقدر ابدا يا قلبي ازعل منك! المهم متكونش انت اللي زعلان.. انت احلى حاجه حصلتلي في حياتي!
- طيب نقول مبروك بقى هههه! والأسبوع الجاي نلبس الدبل!
جودي بغضب شديد:
- انت مجنون يا إياد! انا ازاي هاعمل خطوبه وانا متجبسه كده؟!
- عادي يا قلبي! دا انتِ هتبقي قمر وانتِ كده!
***
بالمنزل ذهب زين لغرفة نغم بعد أن بدّل ملابسه، وأخذ حماما باردا.
تقدم إلى داخل غرفتها بغرور بعد أن طرق الباب، ثم استند إلى باب الغرفة، ووقف يرمقها بغموض ومكر، وهتف بها قائلا ببرود شديد:
- جهزي نفسك يا حياتي عشان فرحنا أخر الأسبوع!
ثم أكمل بغمزة من عينيه:
- كلها كام يوم واحققلك امنيتك، مش دي برضوا امنيتك؟!
حدقت به نغم بصدمة غير قادرة أن تستوعب ما تفوه به الآن، وكأنما المفاجأة أخرستها فلم تستطع أن تجيبه بكلمة واحدة.
ألقى على مسامعها تلك الكلمات، وغادر تارك إياها تحاول استيعاب الصدمة.
جلست نغم على الفراش، وقلبها ينبض بعنف مفرط، تشعر بالقلق من زين وما ينويه، حدثت نفسها بقلق شديد:
- ربنا يستر منك يا زين! انا خايفه منك قوي! مش مطمنالك!
مرت الأيام، وقد أتت كل التجهيزات، وتم تزيين الحديقة من أجل حفل الزفاف..
كان الجميع بكامل أناقتهم؛ يزيد كان يرتدي حلة سوداء وكرافت باللون الأحمر، وكذلك إياد، أمّا رحمة فكانت ترتدي فستانا من الشيفون الأخضر؛ يزيدها فتنة وجمالا، تأبط يزيد ذراعها، وهمس بأذنها:
- عقبال فرحنا يا قلبي، امتى بقى ييجي اليوم دا؟!
خفضت عينيها خجلا، وهمست له:
- يا رب يا حبيبي!
قبّلها بوجنتها، واصطحبها للرقص..
إياد جلس بجوار جودي، وكانت مثل الأميرات بفستانها الأزرق بلون السماء؛ فأخذ يتغزل بها قائلا بعشق:
- حبيبتي قمر يا ناس! إيه الجمال دا كله؟!
جودي بحزن:
- قمر متجبس كده؟! هو دا شكل قمر برضه؟!
إياد بحب:
- بكره تخفي، وتبقي زي الفل يا قلبي، وانا معاكي مش هسيبك أبدا!
مرت بضعه دقائق، وساد المكان صمت مفاجئ، ثم انبعثت أصوات موسيقى الزفاف، وما هي إلّا عدة دقائق، حتى تقدم زين إلى داخل الحفل ونغم متعلقة بيديه وهي ترتدي فستان زفاف من اللون الأبيض مرصعا ببعض الألماظ، وطرحتها تخفي وجهها.
تقدم إلى الداخل، ووجه جامد لا ينم عن أية مشاعر،
تقدم برفقتها إلى المقاعد، ثم جلس صامتا لا يتفوه بكلمة.
جذبه أخواه ليرقص برفقة عروسه، فنهض على مضض وهو عابس الوجه؛ ليضمها بين يديه؛ لكن لم يقربها منه، بل أبقى بينهما مسافة كبيرة، وكأنها نار لو اقترب منها سيحترق.
كانت نغم تشعر بالتوتر بين يديه، وتخشى مما ينوي فعله، أما هو فكان يقاوم مشاعره بشدة؛ حتى لا ينجرف خلفها.
لم يخلُ الحفل من مشاكسة أشقائه له، وإجبارهم له ليرقص برفقتهم، وقاموا بحمله، وقذفوا به بالهواء عدة مرات.
وشارك والداه الرقص معهم أيضا، وانهالت عليهم التهاني، والتمنيات السعيدة.
انتهى الحفل، واضطر أن يحملها متوجها بها لغرفتهما وسط إلحاح الجميع، إلى أن وصل إلى غرفتهما فتركها بحدة على أرض الغرفة، ثم تجاهلها، ودلف إلى المرحاض ليبدل ملابسه.
وقفت نغم تتأمل غرفته؛ لتجد أنهم قاموا بتزيينها بالكامل بالورد، ونثروا الورود على هيئة قلب على الفراش نزعت طرحتها، ثم حاولت أن تفك سحاب الفستان؛ لكنه لم يستجب..
خرج من المرحاض؛ ليجدها تحاول فك السحاب بشتى الطرق؛ لكنها فشلت، تقدم منها على مضض، وقام بفكه لها، ثم تركها، وتوجه إلى الفراش، وأزال بعصبية شديدة كل الورد من فوقه، واستلقى على الفراش، وتجاهلها تماما.
ذهبت راكضة إلى المرحاض خوفا منه ثم بدلت ملابسها بقميص نوم وردى، وارتدت الروب فوقه، ثم ذهبت لتشاركه الفراش، فما كان منه إلّا أن نهض غاضبا، واقترب منها زين بنظرات مشتعلة من الغضب والانفعال، فعادت نغم إلى الوراء عدة خطوات متثاقلة من الخوف والرعب من نظراته المهددة بالكثير من الشر.
أمسكها من كتفيها بقسوة قائلا لها بصوت هادر:
- إوعي تكوني فاكره عشان وافقت اتجوزك دا هيديكي الحق في انك تكونى مراتى! ولا معاملتى معاكى فاكراها هتتغير.. لأ فوقي! انتي لسه متعرفنيش!
ثم أزاحها على الأرض بكل قوته، فتألّمت نغم، وانهمرت دموعها بغزارة على حبّ عذّب قلبها الموجوع، وانحنى عليها وهو يقول بصوت أشبه بفيحح الأفعى:
- انتِ مكانك هنا على الأرض! فاهمه؟! حتى بعد ما اتجوزنا هتنامى هنا! والسرير دا اوعى تقربيله ولا اشوفك دقيقه واحده نايمه عليه!
ثم أشار لها بإصبعه بإشارة تحذيرية قائلا لها بصرامة:
- يا ريت كلامى يتنفذ، واوعي تنسى كل حرف قلته.. يا إما هتبقي انتِ الجانيه على نفسك في إلى هيجرالك!
تركها زين تبكي وتنتحب حبا أضناها، وحبا كتب عليه العذاب..

المشاكسه والمستبد الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن