الخاتمة
بغرفة يزيد ورحمة.. نظر إليها بعشق وشوق جارف،
وتحدث قائلا إليها بنبرة تقطر شوقا:
- وحشتيني قوي يا قلبي فوق ما تتصوري، متعرفيش اليومين دول مرّوا عليا ازاي! ده انا ولا نمت ولا حتى قدرت ادوق طعم الزاد، حتى النفس كنت بتنفسه بالعافيه!
رحمة بنظرات تقطر عشقا اقتربت منه، وارتمت بين يديه؛ لتعانقه بعشق وشوق، وترتمي بأحضانه التي حرمت منها هذين اليومين.
شدد من احتضانه لها، ثم أبعدها عنه؛ لينظر بعينها بشوق وحب كبير؛ ثم انحنى ليقبّلها برقة شديدة، ثم لثم خدّيها بحب، وهمس لها برقة:
حبيبتي.. يلا روحى خدّى حمام دافي على ما اطلب أكل، وناكل.. سينو أكيد جاع يا قلب!
رحمه بحب:
- ربنا يخليك ليا انا وسينو، وما يحرمنيش ابدا يا زيدو!
يزيد بمرح:
- ويخلينا ام سينو! يلا بسرعه يا حبى.. انا ميت من الجوع!
اقتربت من فراش الصغير، ولثمت خده بحنو شديد، وهمست له بحنان شديد وهي تتأمل وجه الحبيب:
- وحشتني قوي يا قلب ماما! عملت ايه في بابا زيدو؟! اوعى تكون غلبته!
امسك الصغير يدها بيده الصغيرة، ومنحها ابتسامة رائعة جعلت الدموع تتسلل من عينيها.
نهض يزيد، وأدارها إليه، ثم احتضنها بعد أن أزال الدموع المنهمرة على وجنتيها برفق، وهمس لها برقة قائلا:
- اوعى طول ما انا عايش اشوف دموع في عيونك الحلوين دول!
ابتسمت له من بين دموعها قائلة بحب:
ربنا يخليك لقلبي!
عادت بعد أن بدلت ملابسها؛ لتجلس إلى جواره، ليتناولا طعامهم سويا، ثم قبّلها برقة شديدة، وذهب إلى الفراش..
استلقى عليه، وأشار لها؛ لتقترب منه، فاندست بين يديه، وأغمضت عينيها؛ لتستمع بقربها منه بعد فراق يومين كانا مثل الجحيم..
تركته، وتوجهت إلى المرحاض؛ لتأخذ حماما، وتبدل ملابسها..
****
بغرفه إياد، وجودي جلست جودي على الفراش، وهى تشعر بخجل شديد فهي أول مرة تبقى مع إياد بغرفته.
حاولت التغلب على خجلها، واخذت تتأمل غرفته بدقه، واثناء تأملها اقترب منها إياد قائلا بمكر:
- نورتي اوضتي يا قلبي.
جودي بخجل:
- ميرسي يا إياد
إياد متظاهرا بالغضب:
- ايه ميرسي يا إياد دي.. هو دا اللي قدرتي عليه، دا انا كنت هاتجنن ببعدك، ولا عرفت اشوف ثانية راحه من غيرك.
جودي بمكر:
- عايزني اقولك ايه طيب؟! يا حبيبي أو يا قلبي أو إنك انت أجمل حاجه حصلتلي في حياتي.
نظر إليها بشوق، وحب كبير ثم همس لها قائلا بهيام:
- هو انا مستاهلش انك تقوليلي كده! عموما يلا اتفضلي بقى خدي حمام عشان ناكل، لأن انا جعان قوي، ونفسي مفتوحه.
ركضت جودي بعد أن أخذت إحدى بيجامته من الخزانة لأنها لم تفرغ ملابسها من الحقائب.
توجهت إلى المرحاض أخذت حماما دافئا ثم عادت لتجده ليس بالغرفة فتوجهت إلى الأريكة، وتمددت عليها.
عاد إياد بعد أن أخذ حمام بالمرحاض الموجود بالطابق الأرضي، كان قد جلب معه علب الطعام، وعاد سريعا إلى غرفته ليجد جودي تتمدد على الأريكة، غضب بشدة من ذلك، ووضع الطعام من يده، وتوجه إليها وهدر بها بغضب ممزوج بالعتاب قائلا:
- ليه كده يا جودي سايبه سريرك، ونايمه على الكنبه ليه؟!
جودي بخجل:
- مش عايزه اضايقك بس يا إياد، عايزاك تنام براحتك.
اقترب منها ونظراته مثبتة عليها يتأملها بأعجاب شديد؛ فهي تبدو فاتنه وبشده وهي ترتدي منامته.
ودون مقدمات قام بحملها برقة، ولم يبالي باعتراضها، ووضعها برفق على الفراش، أدارت وجهها الناحية الأخرى، وقد احمر وجهها من شدة الخجل، تحدث إليها قائلا بصوت يملئه العشق:
- حبيبة قلبي يلا عشان ناكل، وخلي بالك أنا هسامحك المره دي انك تنامي بعيد عن سريرك، بس مره تانيه مش هسمحلك أبدا بكده، وانا عارف دماغك دي فيها ايه متقلقيش يا قلبي.
ثم انفجر بالضحك على مظهرها المصدوم، وأكمل حديثه بمكر قائلا:
- بس هو النهارده بس اللي فري كده، وسايبك براحتك، بس من بكره بقى مش هتفارقي حضنى ابدا.
اومأت جودي بخجل وهي تهز رأسها علامة الموافقة،
فتح علب الطعام، وبدأ يتناول الطعام، ويطعمها في فمها بيده.
ثم حين انتهى.. استلقى على الفراش جاذبا إياها لأحضانه، وأغمض عينيه؛ لينال قسطا من الراحة فغدا يوم شاق على الجميع.
بالصباح نهض الجميع فرحين سعداء بعودة زوجاتهم، وبدأوا بوضع بعض اللمسات على زينة الحديقة، وتأكدوا من الإضاءة، وأن المسرح كما خططوا له.
وقام يزيد بمهاتفة خبيرة التجميل؛ لتأتي إلى المنزل وتجهز الفتيات لحفل الزفاف، وذهب كل منهم للاستعداد وارتداء ملابس الزفاف.
تركهم زين للاستعداد، وذهب هو لاستقبال الفنان زياد الذي جاء ليستعد هو أيضا، ويجرى بعض البروفات بغرفة الرياضة الخاصة بزين الذي كان قد أفرغها؛ ليقيم بها زياد البروفات، كان حاتم يرافقه، وبدأ زياد في إجراء بروفات الأغنية التي سوف يغنيها بحفل الزفاف.
انتهت الاستعدادات، وقبل أن يخرج زياد على المسرح طلب من حاتم أن يذهب؛ ليأتى بريهام ودنيا، فأخذ حاتم السيارة، وانطلق بها متجها إلى منزل زياد؛ ليجلب دنيا وريهام، وحين وصل إلى المنزل ضغط على بوق السيارة، لينبهما بأنه قد وصل، وبانتظارهما..
ما أن استمعا لصوت بوق السيارة حتى خرجتا بعد أن القيا نظرة أخيرة على مظهرهما بالمرآة، ثم خرجتا متجهتين للسيارة، ذهبت دنيا لتجلس بجوار حاتم، وبقيت ريهام تجلس بالخلف، همست دنيا لحاتم بمرح قائلة:
- ها يا حبيبي.. ايه رأيك في الفستان.. حل؟!
حاتم بمكر محاولا مشاكستها:
- يعني.. مش بطال!
دنيا بغضب شديد:
- قصدك ايه يا حاتم انه يعنى؟! طبعا.. ما انت لازم تقول كده، أكيد هناك في بنات كتير لابسين فساتين مايعه، وعريانه، وأكيد عجبوك اكتر منى.. مش كده؟!
ابتسم حاتم وريهام على جنونها؛ فهي مهما تقدم بها العمر ستبقى طفلة مجنونة.
نظر إليها بابتسامة رقيقة مداعبا إياها؛ ثم قال بضحكة ساحرة، سحرتها بشدة قائلا:
- هتفضلي مجنونه مهما عدت عليكي السنين يا دنيا!
جذبها؛ لتقترب منه أكثر، وصاح بها بمرح قائلا:
- معقول؟! تصدقي انى ممكن املي عيني من واحده غيرك؟! ده انتِ حياتي يا دنيا، وام ابني، هاتفضلي طول عمرك ديزل كده يا مجنونه.. انا بهزر معاكي يا حبي! بحب انكشك دايما.. طب ده انتِ النهارده قمر بشكل غير عادي!
ابتسمت دنيا بمرح، وطبعت قبلة على خده، ثم قالت له بغضب:
- يا سلام! الله يرحم جبل الجليد!
قالت ذلك، وانفجرت بالضحك، غرق حاتم في سحر ضحكتها، وهتف بعشق كبير:
- انتِ لسه فاكره جبل الجليد؟! ما خلاص يا قلبي.. اتبخر الجليد على إيدك!
ارتفع صوت ضحكتها على حديث زوجها الذي دائما يشاكسها، وهي تعشقه.. ابتسمت ريهام على حديثهما، وهتفت قائلة:
- سبحان الله! حلّه ولقت غطاها! اتنين مجانين زي بعض!
هاتفت زياد؛ لتخبره بقدومهم، أجاب زياد بلهفة على هاتفه قائلا بشوق:
- وصلتوا فين حبيبتي؟!
- قربنا خلاص يا حبيبي.. دقايق ونكون قدامك.
زياد بعشق:
- منتظركم يا حياتى!
وصل حاتم ودنيا وريهام للحفل، أجلسهم حاتم على إحدى الطاولات، وذهب لزياد.
بعد وقت قليل.. دلف إلى الحفل كل عروس مع زوحها تتأبط ذراعه، والسعادة تشع من عيونهم.
همس إياد لجودي قائلا بعشق:
- مبروك عليكي أنا!
صمتت جودي من شدة الخجل، ولم تستطع نطق كلمة.
وكذلك يزيد لرحمة قائلا:
- نورتى حياتى!
رحمة بعشق:
- ربنا يخليك ليا!
جلسوا بمقاعدهم، وذهب زياد؛ لتحيتهم والمباركه لهم.
ثم عاد ليمسك بالمايك، ويتحدث قائلا:
- أولا: الف مبروك للعرسان الجميلة إياد، وجودي، ويزيد ورحمة.
ثانيا: بشكر صديقي زين اللي دعاني لحفل اخواته.
وبشكر حبيبة قلبي.. زوجتي الغاليه لدعمها دايما ليا..
وبهدي للعرسان غنوة حدثيني.. اتمنى تنال إعجابهم، انا رغم انى مدعو للحفل بس أصريت اني اهديكم اغنيه.
صفق له الجميع، وبدأت الفرقة بالعزف، وأمسك زياد بالمايك، وبدأ بالغناء، وبعد أن انتهى زياد من الغناء صفق له الجميع بحرارة؛ حتى إن زوجته قد دمعت عيناها من شدة التأثر.
ترجل من على المسرح؛ ليذهب ليجلس بجوار زوجته.
مد يده، وأزال دمعاتها برقة، واحتفظ بدماعتها بين يديه.. همس لها برقة قائلا:
- خسارة حبات اللولي دي تنزل على الارض حبي!
همست لها ريهام بعشق قائلة:
- الغنوة جميله قوي حبيبي!
مش أجمل منك يا حياتي!
ومسك يدها، ورفعها لفمه، ولثمها برقة.
نهضت رحمة متوجهة للمايك وسط دهشة الجميع، ودهشة زوجها الذي نهض خلفها؛ ليرى ماذا ستفعل مجنونته.
تحدثت بالمايك وهي تنظر إلى يزيد قائلة بعشق:
- زوجى الحبيب محضرالك مفجأة اتمنى تعجبك..
نظر إليها يزيد بدهشة، وبقي يحدق إليها بذهول.
أمسكت يده، وبدأت بالغناء برقة مست شغاف قلبه، وأذهلته قائلة بعشق جارف، وقلبها تعلو دقاته:
- ربنا يخليك لقلبي.. تبقى طول العمر جمبي كل ما اسمع حاجه عنك بعرف انى اخترت صح...
إلى نهاية الاغنيه..
كانت تغني وهي تتأمله بحب، وهو يضمّها لصدره.
بعد أن انتهت الغنوة قبّلها بخدها، وهمس لها قائلا:
- الله الله على الصوت والإحساس العالي ده! مكنتش اعرف ان صوتك حلو كده؟!
رحمة بحب:
- ده الحب يا حبيبي بيعمل المعجزات.
امسك يدها برقّه، وهمس لها قائلا:
- أنا كمان عندى مفجأة!
أخذ يراقصها وهو يدنن بأحد الأغاني الرقيقة.. أخذ يزيد يغني بصوت عذب، وهو يراقصها وهي سعيدة بشدة لعشقه لها إلى أن انتهت الأغنية.
تقدم زين إلى المسرح، وقبّل شقيقيه، ثم تحدث إليهم بود شديد قائلا:
- اخواتى الغاليين.. ألف مبروك عليكم يا رب دايما أيامكم فرح وسعاده، انا فرحان ليكم قوي ان كل واحد فيكم اتجوز البنت إلى بيحبها الف مليون مبروك حبايبى، ويارب نفضل دايما طول العمر إيد واحده، ومفيش حاجه تفرقنا!
أمّن أشقاؤه على حديثه قائلين:
- اللهم أمين يا زين باشا!
صعدت والدته على المسرح؛ لتقبّل ابناءها، وتلتقط معهم صورا تذكاريه، وكذلك فعل والدهم.
بعد ان انتهوا من التقاط الصور؛ صعدت نغم على المسرح، وأمسكت المايك، وباركت للجميع قائلة:
- الف مليون مبروك لاخويا اللي مجبتهوش امى زيدو حبيبي الغالي، ورحمة بنت قلبي أغلى حاجه عندي اختى اللي ربنا جمعنى بيها بعد سنين فراق طويله!
ثم أكملت حديثها بنبرة حزينة قائلة:
- تعرفي يا رحمة.. انا بجد مبسوطه قوي انك رجعتي ليا.. طول عمري كان نفسى تكوني جنبى.. نروح سوا المدرسه.. ونرجع سوا، ونلعب سوا.. نفرح لفرح بعض، واسرارنا تبقى مع بعض.. كان نفسي اجي احكيلك على اللي مضايقني أو اشتكيلك من حاجه مزعلاني.
بس انا مكنتش عارفه اوصلّك، انا لما انت توهتي عيطت عشانك كتييير، وكنت بفتكر ايامنا اما كنا بنلعب سوا.
كانت ايام جميله.. كمان كان نفسي بابا وماما يكونوا معانا.. كانوا هيفرحوا بينا قوي.
نهض كل من يزيد ورحمة واحتضناها بود شديد، همس لها يزيد بأذنها قائلا بحنان كبير:
- بنوتّي الحلوه.. ربنا يخليكي ليا يا نغوم.. هتفضلي دايما بنتى، واختي حبيبتي.. انا اكتر حد فرح بوجودك وسطينا، كان نفسي يكون ليا أخت اخد بالى منها، واحافظ عليها، واحطها جوا عنيا.
همست لها رحمة أيضا قائلة بود شديد وقد دمعت عيناها من شدة السعادة التي تشعر بها قائلة:
- انتِ كمان كنتي وحشاني وكنت حاسه اني هقابلك في يوم من الأيام، قلبي كان حاسس اننا هانتجمع من جديد.. انا من يوم مارجعنا وانتِ كنتي نعمه الأخت والأم يا نغومتى.. عوضتينى عن حب سنين كتير اتحرمت منه، وكمان ربنا عوضني بيزيد، ونعم الرجال.. ربنا يباركلي فيه.
همست لها نغم بود:
- ربنا يفرحكم دايما، ويجعل حياتكم كلها فرح، وسعادة!
التفتت؛ لتجد زين يحدق بها بغضب، ونظراته تشتعل من الغضب؛ فشعرت أنه يشعر بالغيرة من يزيد؛ فابتسمت، واقتربت منه، وطبعت قبلة على خده، ثم همست له برقة شديدة أذابت قلبه؛ لكنه احتفظ بمظره الغاضب؛ ليعاقبها قليلا.
أشارت للموسيقى؛ لتقوم بالعزف، ثم بدأت بالغناء بصوت عذب مليء بالإحساس وهي تضع يدها على كتفه برقّة قائلة بحبّ أحد الأغاني التي كانت تدندنها له حين يكونان وحدهما، أخذت تدندن بحب كبير.
أذابت تلك الكلمات قلبه؛ فضمّها بين يديه؛ وكأن غضبه منها تبخّر، ولم يعد له وجود.
وأخد يراقصها بعشق جارف أطل من عينيه، وهمس بأذنها قائلا بحب:
- صوتك حلو قوي، بعد كده لازم تغنيلي لوحدي، وخدي بالك مفيش حد حبيبك غيري، مش هاسمح تقولي لحد تاني حبيبي! انا بس اللي حبيبك، وكل حياتك!
نغم بابتسامة:
- طبعا حياتي، وقلبي، وروحي إنت!
همس لها برقة:
- لينا أوضه تلمّنا نتحاسب فيها كويس!
احمرّ وجهها خجلا من حديثه؛ فهي تعلم أي نوع من العقاب يقصده.
انتهى حفل الزفاف بعد أن رقصوا على نغمات موسيقية رقيقة، ثم ذهب كل منهم لغرفتهم؛ لينالوا قسطا من الراحة قبل سفرهم لقضاء شهر العسل.
عاد زياد وريهام لمنزلهما، وكذلك فعل حاتم ودنيا،
صعد زياد وريهام لغرفتهما، وبدل كل منهما ملابسه، وذهبت ريهام؛ لتطمئن على الأولاد؛ فوجدتهم نائمين، والمربية نائمة أيضا بغرفتهم، أحكمت الغطاء فوقهم، ثم عادت لغرفتهما، وجلست بالفراش بانتظار مجيء زياد، اندس زياد إلى جوارها، ثم جذبها لأحضانه، وهمس لها بحب:
- كنتي جميله قوى النهارده حياتي!
ريهام بعشق وهي تتأمله بشغف وشوق كبير همست برقة:
عشان حبيبي بيحبني وبيموت فيا حبّه مخلينى دايما حلوة!
قبّلها زياد بشوق وعشق جارف، وتمتم قائلا بحب كبير:
- ربنا يخليكي لحبيبك يا قلب حبيبك، ثم جذب الغطاء فوقهما؛ ليذهبا لعالمهما الوردي.
-------------------
عند نغم وزين.. جلس ينتظرها على الفراش بعد أن بدل ملابسه، وانتظرها؛ حتى تبدل ملابسها، بدلت ملابسها، وجاءت لتندس بين أحضانه؛ ليشدد من عناقه لها.
أعاد خصلاتها المتمردة للخلف، ثم أبعدها عن أحضانه؛ ليقبّلها برقة شديدة، ثم تنحنح قائلا بحزن:
- حبيبتي.. عندي كلام مهم لازم اقولك عليه!
نغم بحيرة، وتساؤل:
- خير حبيبي.. قول يا زينو، انا سامعاك يا حبيبي.
زين -بصوت حزين ودموع حبيسة بعينيه- قاوم بشدة؛ حتى لا تخونه دموعه، وتسقط رغما عنه:
- نغم في سر كبير خبيته عن أقرب الناس ليا، يا ترى عندك استعداد تسمعيه؟!
نغم -بلهفة وقلق وهي ترمقه بنظرات متلهفة- قالت -بتفهم شديد، وهي تمسح على وجهه بحنو بالغ-:
- طبعا سامعاك يا حبيبي، وانت ليك حد غيري تحكيله على أسرارك؟! عارفه ومقدره انك طول حياتك كتوم، ومش سهل تحكى لحد أسرارك، وعارفه انت قد إيه بقيت تثق فيا.
زين بحزن شديد:
- بصي حبي.. لما كنت صغير عمري حوالي عشر سنين -قبل ما انتِ تيجي بيتنا بحوالي سنتين- ماما كانت دايما تودينى التدريب بنفسها، وتفضل معايا ب النادي لحد ما اخلّص، وبعدين تاخدنى، ونرجع البيت بعد ما اخلص التدريب.
ارتشف قليلا من الماء، ثم أكمل قائلا بمزيد من الحزن:
- فى يوم خدتني ماما زي كل مرة بس لما وصلنا النادي لقينا المدرب اعتذر اليوم ده، ومجاش.
صمت قليلا ليمسح دمعة فرت من عينيه، ثم اعتدل بجلسته، واكمل قائلا -وهو يضم قبضة يده بغضب، وهي ترمقه بحزن شديد تشعر انه يخفى شيئا خطيرا-:
- رجعنا البيت بدري طبعا، وكل اخواتي كانوا لسه بمدارسهم، ماما اخدتني، وطلعنا على فوق عشان اغير هدومي، واحنا طالعين سمعنا صوت غريب خارج من أوضة ماما، فماما قلقت، وقالتلي بخوف وقلق:
"خليك هنا حبيبي انا ها اشوف في إيه، واجيلك"، طبعا كطفل صغير انتابني الفضول اني اشوف في إيه في أوضة ماما.
- دخلت جريت وراها لقيت ماما واقفة في أوضتها بتعيط ومنهارة، وبابا قام بسرعه لبس هدومه، ولقيت بنت طالعه من أوضتهم بتجري وهيا بتحاول تلبس هدومها وهيا خارجه!
سمعت ماما بعدها بتقول لبابا: "انت خاين طلقني.. مش عايزه اعيش معاك".
اتصدمت من خناقهم، مكنتش فاهم حاجه، ولا عارف ايه إلى بيحصل.
بابا ساب البيت فتره كبيره بحجة انه مسافر لشغل عشان اخواتي ما حدش يلاحظ حاجه.
بعد فتره.. رجع بابا البيت بعد الحاح كتير ومحاولات كتير للصلح.. وافقت ماما بس قالتله: "كل واحد يفضل في حاله، هنفضل قدام الولاد عادي.. بس في أوضتنا انت في حالك، وانا في حالي".
وطبعا بابا وافق؛ عشان مفيش قدامه حل تاني،
من يومها لما فهمت من ماما إيه ده.. وحذرتني اني اقول اي حاجه عن اللي حصل لأي حد من اخواتي.
كرهت كل البنات من يومها، وماما زاد اهتمامها وحبها ليا.
وجيتي انتِ بعد فترة تاخدي مني حب واهتمام ماما من غير ماتقصدي، دوستى على الجرح، وزودتي النار جوايا، بقيت نفسي ادمرك زي ما خدتي مني حب امي، وبقيت شايف فيكي كل البنات الخاينين.
بكت نغم بحرقة بعدى إلى كلام زين، وضمته لصدرها بحب، وهتفت به بعشق كبير قائلة:
- ياه يا زينو يا حبيبي! كل ده شايله في قلبك، وساكت ومستحمل من زمان! حقك عليا يا قلبي! لو كنت اعرف من زمان اكيد كانت حاجات كثير اتغيرت!
زين وهو يشعر بأنه افضل كثيرا -بعد أن أزاح عن كاهله حملا كبيرا- هتف بها بعشق جارف، ودقات قلبه تتسابق بجنون:
- انتِ يا نغم اجمل حاجه حصلتلي! براءتك ورقتك اتغلبوا على قسوتي وعقدي، حبيتك من قبل ما اعرف حتى انى بحبك، غيرتي حياتي، وخليتي ليها طعم ولون جديد، ربنا يخليكي ليا يا عمري.. بعشقك يا نغم!
- وانا بعشقك يا قلب وعمر وحياة نغم!
جذبها لأحضانه، وقبّلها برقة شديدة، وجذب الغطاء فوقهما؛ ليذهبا إلى عالمهما الخاص بهما.
-------------------
بغرفة إياد وجودي بعد أن بدلوا ملابسهما.. هتف بها إياد بعشق:
- حياتي بقى إيه الجمال ده كله، وجذبها لأحضانه دون مقدمات، ثم قبّلها برقة شديدة،
هتفت به جودي بحب:
- بحبك قوي يا إيدو.
إياد مهللا بفرح:
- قولي تاني كده! يا نهار ابيض على الجمال!
همست جودي بخجل قائلة:
- بس بقى يا ديدو.. بتكسف!
***
جلست رحمة إلى جوار يزيد بعد أن بدلت ملابسها، وكذلك فعل يزيد، جذبها لأحضانه؛ ليقبّلها بعشق وشوق كبير، ثم أبعدها عنه؛ لينظر إلى عينيها، ثم تحدث إليها بصوت واهن ضعيف، وقلبه يرتجف خوفا يخشى من تأثير حديثه على زوجته، تحدث يزيد بحزن قائلا:
- من خمس سنين قابلت زميله ليا في الكليه، كان فيها شبه كبير منك.. بس صدقيني انتِ مختلفه عنها نهائي، انتِ حاجه تانيه خالص يا رحمه!
ربّتت رحمة على يده بحب، وحثته على استكمال حديثه دون قلق قائلة بحب كبير:
- متقلقش حبيبي.. حبي وثقتي فيك ملهاش حدود.. كمل يا حبي!
أمسك يدها؛ ليتشجع على سرد باقي القصة قائلا بعشق:
- لازمتني طول الوقت.. مبقتش تفارقني.. بقت تهتم بيا بشده، مكنتش بتفوّت مناسبه من غير ما تحاول تثبتلى قد إيه انا مهم عندها، ومتقدرش تعيش من غيري، وتيجي تزورنا بالبيت، واتصاحبت على ماما.. لدرجة ان ماما بنفسها قالتلي: "ما تتجوز شرين يا يزيد.. البنت جميله، وبنت ناس، وبتحبك"، حاولت اعترض رغم إعجابي بيها، وافهّم ماما اني لسه بدرس، ومخلصتش كليتي، فكان ردها: "يا حبيبي البنت خسارة، ممكن تضيع منك، دي بنت لقطه، وبعدين انت ما شاء الله مش لسه هتكوّن نفسك، شركتك موجوده.. باباك مجهزلك.. اول متتخرج تمسكها".
لما لقيت ماما مصمّمه؛ نفذت كلامها، واتجوزتها، وبعد شهر واحد من الجواز اكتشفت خطّتها ان أهلها فلسوا؛ فكنت انا صيد سهل، عشان تغطي على موقفهم، انا اضّايقت حقيقي لما عرفت، وحسيت انها خدعتني بس اعتذرتلي كثير، وبررت انها مكنتش تعرف...
اذدرد ريقه بحزن، ثم أكمل قائلا بحزن خيم على ملامحه:
- بعدين ابتدت الخلافات تزيد بينا، لدرجه انها صمّمت يكون ليها شقه لوحدها، ورافضه تعيش مع أهلى اللي هي المفروض كانت عامله بتحبهم، بقت فجأة مش طايقاهم.
استجبت لطلبها؛ عشان اخلص من المشاكل اللي مبتنتهيش، افتكرت كده المشاكل هتخلص، وتبطل بقى تضايقني.
لكن كانت كل مره المشاكل بتزيد، وطلباتها مبتخلصش، مرة عايزه عربيه آخر موديل، ومرة عايزه طقم ألماظ، ومره عايزه فلوس تعمل شوبنج.. وكنت بوافق، ومش برفضلها أى طلب، لحد ما اتخنقت من كثر ضغطها عليا، عايزة تسافر برا مصر مع اصدقاء ليها، وفيهم شباب، وأهملت جامعتها.
والمصيبه الأكبر ناس شافوها مع شاب في النادي، واكثر من مرة لما واجهتها قالت بكل برود: "ده المدرب بتاع التنس بتاعي، وعادي لما يقعد معايا متبقاش رجعي يا يزيد".
حاولت اتنازل كثير؛ لكن مقدرتش، الحياه بينا وصلت لطريق مسدود، طلبت منها نطلّق بهدوء، رفضت، واتجننت، وقعدت تبكي، وتصالحني، لحد ما صعبت عليا، وقلت اديها فرصه تانيه.
ورجعت تحاول تعاملني برومانسيه، وصممت ابات في حضنها الليله دى.
وافقت مرغم رغم إني اكتشفت ان اللي بينا مجرد انجذاب.. مش حب نهائي.
بعد فترة.. كنت مدّيها مبلغ تصرف منه طول الشهر.. الهانم خلصته، وكان عندى محاضرات مهمه بالجامعه؛ عشان كنت فـ آخر سنه، وعندى امتحان مهم؛ فكان لازم احضر المحاضرات دي ضروري.
لوى فمه بحزن متذكرا ذلك اليوم كأنه كان بالأمس..
- جتلي الكليه، ودخلتلي المدرج، وكانت مصصمه اديها فلوس، بس انا كنت نسيت دفتر الشيكات في البيت، وقتها هي اتعصبت، واتنرفزت، وصممت انى لازم اسيبالمحاضره، واروح معاها اديها فلوس ضروري، حاولت كتير اشرحلها ان المحاضره خلاص قربت تخلص.. اتشبثت برأيها، وصممت، وسابتنى وخرجت برا، وقفت شويه تدخن سيجاره، فانا قلقت عليها، خرجت وراها لقيتها ركبت عربيتها، ولسه هاتسوقها وهي غضبانه جريت ركبت معاها، وحاولت اخليها تهدى، وتسوق بهدوء..
لكنها كانت غضبانه قوي، وكانت بتسوق بسرعه جنونيه، يومها زعقتلها كتير عشان تحاسب، مسمعتش كلامي لحد ما صدمت في عربيه تانيه قدامها، واتقلبت بينا العربيه، وفوقت تاني يوم لقيتنى في المستشفى، ورجلي وذراعي متجبسين، فضلت اصرخ بهستيريا، وانادى عليها.. لقيت ماما واخواتي كلهم جنبي، وبيهدوني، وماما كانت منهاره من العياط، حاولت افهم منها في إيه.. مقدرتش تقولى، غضبت قوي، وحاولت اقوم من مكاني، زين منعنى، وشرحلي اللي حصل بهدوء، وفهمني ان نهى مراتي ماتت، وكانت حامل في شهرين، متتصوريش صدمتي كانت عامله ازاي، وفضلت فترة طويله اتعالج علاج نفسي، وحسيت اني مسئول عن موتها وموت ابني اللي لسه مشفش النور.. بس بعديها بفتره اتصدمت صدمه مكنتش اتخيلها، عرفت انها كانت حاجزة عند دكتور لعملية إجهاض، ودفعتله الفلوس إلى معها، وكانت عايزه منى باقي الفلوس؛ عشان تعمل عملية الإجهاض..
أكمل وقد تشنجت ملامحه بألم، ودمعت عيناه:
- تصوري يا رحمه.. كانت خايفه على رشاقتها، ورافضه تكون أم!
احتضنته رحمة بحنان شديد، وربّتت على كتفه بحب؛ حتى هدأ تماما، ثم احتضنها بحب، وهمس لها بعشق:
- يوم ما قابلتك شدني ليكي شبهك بيها.. بس لما حبيتك، وعرفتك أكتر؛ قلبي غرق في حبك، كنت عايز اكفّر عن ذنبي ليها معاكي؛ لكن اكتشفت ان انا بقيت بعشقك، بدوب بلمسه من إيدك.
قبلته برقّه في خده، وهمست له:
- انا كمان حبيبي حسيت معاك بالأمان اللي فقدته، والحب اللي عمري ما حسيت بيه غير معاك.. انا بعشقك يا يزيد!
- وانا بدوب فيكي يا قلب يزيد!
قبّلها بشوق وحب شديدين.
****
بعد مرور عدة سنوات كانت سيلين الصغيرة ابنة يزيد ورحمة تلهو بالحديقة، وكل من يزن ابن زين، وياسين ابناء رحمة ويزيد يلعبان معها.
لكن ذلك اغضب يزن الذي كان يريد أن يلهو معها وحده
فوقف يحدق بها بغضب، وهو يضع يده أمام صدره، فقام بجذبها من يدها، وضمها إليه، وهتف بالآخرين غاضبا:
- انت يا ولد انت وهو محدش له دعوه بسيلين حبيبتي! دي بتاعتي انا.. مش هتلعب مع حد غيري!
وقف الجميع يراقبون أطفالهم، ويضحكون على يزن الذي ورث طبع والده المتملّك، هتفت نغم بزين قائلة بغضب:
- شفت عملت في الولد إيه؟! طالع نسخه منك.
ضحك زين بشدة قائلا:
- ابن ابوه.. يعمل اللي هو عايزه!
ركض يزن -وهو متشبث بيد سيلين بشدة، رافضا التخلي عنها- ناحية والده.
حاول والده أن يحدثه بلطف؛ ليتركها تمرح مع أبناء أعمامه، فقال له برقة:
- حبيبي سيب سيلين تلعب مع اخواتك، والعبوا سوا.
صاح الطفل غاضبا:
- لا يا بابي.. دي بتاعتي، مش انت دايما تقول لمامي انتِ بتاعتي!
انفجر الجميع ضاحكين على حديث الصغير.
مرت الأيام عليهم بحب وسعادة، وعادت الحياة تبتسم لهم من جديد..
تمت بحمد الله
الى اللقاءفى الجزء التانى قريبا
أنت تقرأ
المشاكسه والمستبد الجزء الأول
Romansaالمشاكسه والمستبد بقلم / نورا نبيل لآ أعلمُ مِنْ أيْن أبتدِيْ وأينَ أنتهِيْ ....!! تـآئِهٌا بينَ الشكِّ واليقيْن .... بينَ البغضِ والمَـحبّه .... السُؤآلْ والجوآبْ ... الدموعْ والإبتِسَـآمَه ... مُبَـعثرةٌ مَشآعِريْ فِيْ أحشَـآءِ المَـوتِ والحَيَـ...