الفصل السادس
عادت رحمة إلى المنزل، والسعادة تشع من عينيها تكاد ترقص فرحا، لا تعلم لماذا مجرد رؤيته يبعث في نفسها الراحة، والاطمئنان شعور غريب لا تعلم ماهو حين تكون برفقته.
دلفت أخيرا إلى منزلها، وطرقت باب جارتها، ثم دلفت إلى الداخل، وجلست على الأريكة، أمسكت بكوب الماء الذي جلبته لها جارتها، واحتست ما به دفعة واحدة لشدة شعورها بالعطش.
تحدثت الجارة باهتمام وعلامات الفضول ترتسم على مُحياها:
- ها يا رحمه.. احكيلي عملتى إيه في المقابله، وقالولك ايه؟!
رحمه بشرود، وهي ما زالت تتذكر ضحكته التي سحرتها، وأفقدتها القدرة على التركيز، أردفت بفرح شديد وقد تهلل وجهها من شدة فرحها، قالت باهتمام وصوت خافت:
- الحمد لله! عملت الإنترفيو.. واتكلمت معاه.. تصوري يا طنط هبه إني لقيته هو الشاب اللي ضرب الزفت عباس؟! انا اول ما شفته تنّحت ..معرفتش انطق واتلخبطت، ومبقتش عارفه اقول ايه! هو غريب قوي! وجريء! دا كان يا طنط..
قالت ذلك.. ثم صمتت قليلا؛ لتسيطر على ضربات قلبها المتسارعة بجنون، عادت إلى إكمال حديثها قائلة بشغف قد غلف نظراتها التي كانت تحدق في الفراغ، وقالت:
- عرفت انه قعد يغازلني.. دا جريء قوي! وساعت ما شفته وانا حالي اتقلب، ومبقتش عارفه اقول ايه!
تحدثت إليها جارتها وهي ترمقها بنظرات حنونة مليئة بالحب قائلة بمرح وهي تغمز لها بعينيها:
- اوبّا! شكل الصناره غمزت يا رحوم.. وكيوبيد ضربك بسهمه!
ثم ابتهلت لها بالدعاء قائلة:
- ربنا يجعله من نصيبك يا رحمه! انتِ بنت حلال.. وتستحقى كل خير!
أخفضت رحمة عينيها خجلا، وقد اشتعلت وجنتاها، وازدادت احمرارا من شدة الخجل.
عقب مغادرة رحمة؛ بقي يزيد يجلس بمكتبه بعد أن انصرف جميع العاملين، كان يجلس خلف مكتبه، وما زال متمسكا بذلك الإطار الذي لم يفارقه يوما منذ سنوات عديدة..
طرق أخوه إياد على باب مكتبه عدة طرقات؛ لكن لم يأته أى رد من الداخل؛ فقرر أن يفتح باب الغرفة؛ ليرى هل أخوه لا زال بالشركة أم عاد إلى المنزل..
فتح إياد الباب، ودلف إلى الداخل، ومشى بخطوات هادئة؛ حتى اقترب من شقيقه الجالس على المقعد متمسكا بالإطار، ومغمضا عينيه.. ظنه نائما؛ فمد يده؛ ليأخذ منه الإطار؛ لكنه فوجئ بردة فعل يزيد العنيفة؛ إذ فتح عينيه على الفور، وانقض على أخيه كالنمر الثائر، وأمسكه من قميصه بشدة وعنف بغضب:
- انت ازاي تمد ايدك على البرواز، وتحاول تأخذه من إيدي كمان؟! انت اتجننت يا إياد؟!
كانت هيئته مرعبة بشعره المشعث وعيونه الحمراء ونظرات الغضب تنطلق كالشرار من عينيه.
أبعد إياد يده عنه، وقف يلتقط أنفاسه، وأعاد هندمة ملابسه، ثم اقترب من يزيد، وأخذ يربّت عليه بهدوء محاولا تهدئته.
أردف إياد قائلا بحزن شديد:
- هدي نفسك يا يزيد، انا آسف! فكرتك نايم.. انت برضو لسه محتفظ بصورتها بعد كل السنين دى؟! مش قادر تنسى؟! دي ماتت يا حبيبي! لازم ندعيلها بالرحمه، وتبطل تعذب في نفسك.. احنا ما صدّقنا انك خفيت ورجعت لطبيعتك بعد الأزمه اللي كانت هتدمر حياتك.
تحدث يزيد بحزن، وهو يجاهد؛ حتى لا تتساقط دموعه دون توقف قائلا بحزن يعتصر قلبه:
- انا إلى موّتها! انا السبب في موتها! لو كنت صممت انها تستنى لمّا نروح البيت سوا.. مكنتش ماتت هي وابنى اللي مكنش لسه شاف النور!
اقترب إياد سريعا من أخيه، وعانقه بود، وربّت على كتفه محاولا تهدئته، ثم تحدث اليه بصوت جاد قائلا -بود شديد-:
- ابدا يا حبيبي.. دا قدر مكتوب يا يزيد، انت ملكش ذنب فيه أبدا، انت كان عندك محاضرات، وهيا اللي صمّمت انها ترجع البيت حتى لو مكنتش رجعت بالوقت ده.. أكيد كانت هتموت برضو.. صدقني.. دا قدر مكتوب محدش يقدر يدخل فيه.
انت إيه بس اللي فكرك بيها؟! ما أنت كنت نسيت الموضوع، ورجعت تعيش حياتك طبيعي!
ابتعد يزيد عن شقيقه، وأدار له ظهره محاولا تمالك أعصابه وإعادة رسم قناع الجمود على وجهه مرة أخرى، فهو يكره أن يراه أحد بلحظات ضعفه.. لولا أنه شقيقه ما كان تحدث معه بشأن ذلك الموضوع أبدا.
ثم عاد ليجيب أخيه قائلا -بثبات شديد ونبرات واثقة:
- مفيش يا إياد.. انا بس افتكرتها النهارده مش اكتر.. متقلقش انا كويس! يلا بينا لو كنت ها ترجع البيت..
إياد بنظرات حالمة -كأنه شرد بعالم آخر-:
- لا يا زيزو.. ارجع انت البيت، انا رايح اجرى شويه في النادي..
لاحظ يزيد على الفور تبدل حاله شقيقه، فغمزه بحب قائلا:
- واد انت.. مش مرتحلك! مالك مسهم كده؟! انت وقعت ولا إيه؟!
ابتسم إياد، ثم فر هاربا من استجواب شقيقه، وهتف له وهو يركض:
- بعدين هبقى اقولّك..!
ابتسم يزيد.. فكم يحب أخاه! هو الوحيد القادر على نزعه من بئر الحزن ليسعده بمرحه ومشاكسته.
التقط مفاتيح سيارته، وذهب إلى المنزل، أخذ يفكر طوال الطريق الذي أصابه اليوم.. وبمجرد أن رأى رحمة نسى كل شيء؛ حتى إنه لم يراجع ملفها؛ بل أمر موظفة العلاقات العامة أن تقوم بمراجعته؛ لأنه كان مشوّشا، وغير قادر على التركيز، وأبلغها أيضا أن تنهي إجراءات تعيينها، وترسل بطلبها؛ لتباشر عملها من الغد.
شعر يزيد أنه أحبها، لقد تسلل حبها لقبله دون إرادة منه، فهتف محدثا نفسه بغضب وقلق قائلا بحزن:
- بس يا ترى لو عرفت الماضي بتاعي.. هتفضل تحبني ولا لأ؟! انا حاسس انها هيا كمان بتحبني! انا لما بشوفها بفقد القدرة على التركيز.. بتزلزل كياني! وبمجرد ما بس عيني تقابل عينها بحس اني غرقت، ومش بعرف اركز في أي حاجه!
اما إياد حين وصل إلى النادي ذهب إلى غرفة تبديل الملابس، وبدل ملابسه، وذهب إلى التراك ليركض، لم يمضِ على وجوده بالتراك سوى عدة دقائق حتى وجد جودي تركض بجواره، همست له برقة وهي تسبل جفنيها قائلة -بصوت ناعم أثار الرجفة بقلبه-:
- أستاذ إياد.. أهلا بيك، انا مصدقتش عيوني لما شفتك بتجري بالتراك، قلت لازم اشاركك، دا لو مكنش عندك مانع؟!
رمقها إياد بنظرات ماكرة، تحدث بخبث، وهو يبتسم قائلا:
- أهلا بيكي! إيه.. صدفه زي كل مرة؟! ولا المرة دي مدبّرة؟!
احمرّت وجنتاها خجلا، وخفضت رأسها خشية أن تقابل عينيه وتفتضح مشاعرها تجاهه، أردفت بخفوت وهي تتحاشى ملاقاة عينيه قائلة بتردد:
- الحقيقه انا كنت منتظراك النهارده، واتمنيت اني اشوفك! ومصدقتش عنيا بجد لما شوفتك بتجري.. قلت لازم اجرى معاك..
ابتسم لها إياد ابتسامة ساحرة، ووقف برهة يتأملها بذلك الزى الرياضي الذي يزيدها فتنة وأنوثة؛ حيث إنها كانت ترتدى ترنج باللون الأزرق، وتجمع شعرها الكيرلي للخلف على هيئة ذيل حصان، وتنظر إليه بتلك العينين السوداوين بشغف، وعيناها تلمع بفرح شديد وتعض على شفتيها علامة التوتر، وترتسم على محياها علامات الخجل..
لعن إياد نفسه بينه وبين نفسه، وأغمض عينيه عدة دقائق لعله يتخلص من تأثيرها المهلك عليه.
أراد الهروب منها ومن تأثيرها عليه، فركض لعله يهدئ من روعه قليلا.
ركضت خلفه جودي، فقام إياد بالركض حول التراك عدة مرات إلى أن شعر بالتعب، فقرر التوقف؛ ليلتقط أنفاسه، ويحتسي مشروبا باردا.
أزال بعض قطرات العراق من على جبينه، وذهب ليبدل ملابسه أولا؛ ليعود لاحتساء مشروب بارد برفقتها.
انتهى من تبديل ملابسه، وذهب ليجلس برفقتها، وجدها بدلت ملابسها بفستان من اللون الوردي، وجلست بانتظاره، جلس إياد قبالتها، وطلب من النادل كوبين من عصير البرتقال، ذهب النادل لجلب العصير، فتحدث إياد إليها بتساؤل قائلا:
- ممكن اعرف إيه حكايتك! انا كل ما اجي هنا الاقيكي؟!
أخذت جودي تفرك يديها بتوتر، ثم تحدّثت إليه قائلةً بقلق:
- الحقيقه يا أستاذ إياد انا شفتك كذا مرة هنا ب النادي ، وأعجبت بيك، واتمنيت انى اتعرف عليك، ملقتش قدامي غير انى اخترع موضوع الحادثه، انى اعدى من قدام عربيتك، كنت ماشيه وراك يومها، ولقيت دي الطريقه الوحيده اللي ممكن الفت نظرك بيها بعد كده، كانت صدفه حقيقي، وفرحت لما قابلتك.
رمقها إياد بغموض وهو يضيّق عينيه، ثم همس قائلا لها بحب:
- تصدقي رغم انك عصبتيني جدا اليوم ده.. الا إنى من يومها مبطلتش تفكير فيكي! انتِ زى ما تكونى سحرتيني من اليوم ده! انا حقيقي مبسوط انى اتعرفت عليكي رغم جنانك! وكان ممكن اكمل بالعربيه..
أخذت تقهقه على حديثه السلس، واستمتعت كثيرا بحديثها معه؛ فهي لطالما خشيت منه، وهي تراه يمارس لعبة الملاكمة، وشده عنفه بها، كانت تراه دائما جادّا، وصارما، فخشيت لو حدثته أن يرفض.
_______________________
- اتفقت نغم مع والده يزيد على خطة محكمة للإيقاع بزين؛ فقالت لها والدته السيدة ميرفت وهي تغمز لها بمكر قائلة:
أول ما تشوفيه جاي علينا تقولي اللي اتفقنا عليه بصوت عالي..
أومأت لها نغم بمرح شديد وهي تكاد ترقص فرحا، ستجعله يجن، وينزع شعر رأسه من شدة غيظه.
حين لمحت ميرفت "زين" قادما ناحيتهم قامت بغمز نغم التي صاحت قائلة بترقب:
- يا طنط ميرفت كنت عايزه اقولّك ان احمد زميلي في المعهد عايز ييجي يتقدملي، وبيقولّي احدّد معاد مع أبيه يزيد..
صمتت قليلا؛ لتستجمع شتات نفسها، ثم أكملت قائلة بتساؤل:
- ممكن اخليه ييجي إمتى يا طنط؟!
كتمت مرفت ضحكتها بشدة، وقالت بحزن مصطنع:
- أمري لله! مش هقدر اقولّك قوليله ميجيش! خليه ييجي بكره، وانا هكلم يزيد..
ما أن استمع زين لحديثهما حتى غضب بشدة، واحمرّ وجهه من شدة الغضب، وصاح بهما بصوت غاضب كصوت الرعد قائلا بتساؤل وغضب:
- مين دا إلى ييجي؟! وييجي فين؟!
***************
وحينَ سُئِل: لماذا هي؟!
قال: "طيبةٌ كرذاذ المطر لا تؤذي أحدا، مِزاجيةٌ كالأطفال، إذا فرحت بكت، وإذا حزنت بكت، عفويةٌ كإلقاء السلام، عاقِلةٌ كالأمهات، تستطيع أن تغرقك وتنجيك في آنٍ واحد، لديها القدرةُ على أن تجعلك تُقسِم أن الله لم يخلق إناثًا غيرَها.."
****************************
صاح زين بغضب شديد، وقد شعر أنه على وشك الانفجار من شدة الغضب؛ كأن هناك نارا اندلعت بداخله لمجرد سماع أن هناك شخصا آخر يريد أن يأخذها.. أكمل بنبرة شديدة:
- مين دا يا هانم اللي عايز ييجي؟! انتِ بقى تعرفي شباب.. وماشيه على حل شعرك من ورانا؟! ما شاء الله، ونعم التربيه!
اغتاظت نغم بشدة، وهتفت به بغضب وهي تذم شفتيها من شدة الغضب تشير له بيدها قائلة -وهي تحاول التحكم بدموعها؛ حتى لا تخونها وتنزل بغزارة-:
- انت بني آدم حقير على فكره! انا محترمه ومتربيه احسن منك! دا زميلي في المعهد، وطلب يتقدملي؛ فأنا جيت اكلم طنط؛ عشان تحدّدلي معاد مع أبيه يزيد، ثم انت إيه اللي دخّلك؟! مالك بيا؟!
اشتد غضبه، وضم قبضته بعنف، واقترب منها، وهمس بفحيح كفحيح الأفعى قائلًا بخبث:
- لا.. ليا كلام.. عارفه ليه يا هانم؟! عشان انا خطبتك من ماما، وهيا وافقت!
ألقى عليها تلك الكلمات، وتركها تحدق إليه بصدمة ممزوجة بالغضب، وقف يرمقها بنظرات ماكرة وهو يضع يديه بجيب سرواله ويبتسم لها ابتسامة شامتة، ووقف يراقبها ببرود شديد؛ هتفت به نغم بغضب وهي ترمقه باشمئزاز قائلة بتهكم:
- مين قال بقى انى وافقت على عرضك؟! انا أصلا مش موافقه عليك..!
زين بغضب وعيناه تطلق شرارا:
- انا قلت انتِ خطيبتي.. يبقى تقبلي كلامي بدون نقاش!
اقترب من أذنها، وهمس بخشونة وصوت حاد قائلا بنبرة أرعبتها:
- زين قال كلمه لازم تتنفذ، انتِ فاهمه، ولا افهّمك بطريقتي؟!
احتمت بوالدته؛ لتستنجد بها منه، هتفت به والدته باستجداء قائلة -بصوت مليء بالرجاء، وهي تنظر إليه باستعطاف-:
- مينفعش كده يا زين.. بالراحه على البنت! بعدين هي من حقها تختار، وتقول رأيها، ولو هيا بتحب زميلها مينفعش نقف في طريقها..
قالت ذلك لتستفزه، وتجعله يثور ويرفض؛ فهو ولدها، وهي أدرى الناس به..
صاح زين بصوت حاد، ونبرة خشة، وعيناه تحولت إلى اللون الأحمر، وضم قبضته بعنف شديد، وصوت تنفسه يكاد يكون مسموعا؛ وبصوت كصوت الرعد قائلا بغضب قد غشى عينيه ليصبح كالثور الهائج:
- مين دي اللي بتحب زميلها؟! انا قلت كلامي، ومش هسمع ولا كلمه زياده!
كاد أن ينصرف؛ لكنه عاد، والتفت إليها؛ ليرمقها بخبث، وهي تبدو كالأرنب المذعور.. تتمسك بوالدته برعب شديد من هيئته الغاضبة، قال بنفس النبرة الغاضبة:
- جهزي نفسك يوم الخميس الجاي كتب الكتاب، والفرح بعدها بأسبوع!
تركها تنظر إثر كلامه بذهول، وفمها مفتوح من شدة صدمتها لما تفوه به، فهي مشتتة بين رغبتين: رغبتها بأن تركض فرحا لنجاح خطتها، ورغبتها برفض الارتباط به خوفا منه..
عانقتها ميرفت؛ لتخرجها من حالة التشتت التي كانت تسيطر عليها، همست لها قائلة بحب وحنان أمّ:
- مبروك يا نغومتي! ألف مبروك! وأخيرا وقّعناه بالفخ.. دي أوّل خطوه في مشوار ترويضه، لسه قدامك الطريق طويل، لازم يكون عندك طولة بال.. المعركه مع زين مش سهله..
صمتت نغم، وصعدت إلى غرفتها، وهي في حالة صدمة..
أمّا يزيد فإنه حين كان يقود سيارته عائدا من عمله وجد أنه دون إرادة منه يغير طريق العودة للمنزل، ويقود سيارته متجها إلى الحارة حيث تقطن رحمة، وطوال الطريق يمني نفسه برؤيتها ولو مرة واحدة.
حين أصبح أمام منزلها، أوقف السيارة، وترجل منها، وقام بفتح الغطاء؛ حتى لا يشك أحد من المارة بوقفته تلك..
بقى واقفا يحدق بالسيارة، وكل ثانية يلتفت ليراقب نوافذ المنزل الذي تقطن فيه؛ علّها تروي ظمأه، وتمنحه نظرة واحده..
بعدما يقارب النصف ساعة وهو يقف يراقب نوافذ المنزل، وجد أخيرا احد النوافذ يُفتح على مصراعيه؛ تعلقت عيناه بالنافذة، ووقف ينتظر بلهفة وشوق أن يشاهدها..
زفر براحة حين شاهدها تطل من النافذة، وشعر أن النور غمر الكون من حوله؛ كأنها هي القمر الذي أنار الكون..
وقف يحدق إليها بطلّتها الفاتنة، وشعرها الأسود الحالك كظلام الليل؛ يسترسل على كتفيها بحرية، وقفت بالنافذة، وشرعت في وضع الغسيل على المنشر؛ ليجف.
ثم ما كادت تغلق النافذة؛ حتى لمحته يقف أمام سيارته؛ يحدّق ناحيتها بتيه وشرود؛ فخجلت بشدّة، وغزت حمرة الخجل خديها.
فما كان منها إلّا أن أغلقت النافذة، وعادت إلى الداخل تركض.
تنفس يزيد بعمق، واتسعت ابتسامته، واستقل سيارته عائدا إلى المنزل.
حين وصل إلى المنزل قام بصفّ سيارته، ثم ترجل منها متجها إلى الداخل وهو يدندن فرحا؛ كأنه فارس حقق نصرا بإحدى معاركه.
تناهى إلى سمعه صوت أشياء ترتطم بالأرض بقوة؛ فانتابه القلق، اتبع أثر الصوت؛ ليجده آتيا من ناحية غرفة الألعاب.. ذهب إليها ركضا، وقام بفتح بابها، ودلف إلى الداخل؛ لينظر داخلها بترقب، فلمح أخاه زين يحمل حملا كبيرا، وزيادة عن الحد المسموح؛ وقد تعثر به، ولا يكاد يستطيع الإفلات من تحت وزنه الثقيل.
بالفعل كاد الحمل أن يسقط من يده، فصرخ به يزيد بخوف وهلع قائلا بنبرة مرتعبة:
- زين.
أنت تقرأ
المشاكسه والمستبد الجزء الأول
Romantikالمشاكسه والمستبد بقلم / نورا نبيل لآ أعلمُ مِنْ أيْن أبتدِيْ وأينَ أنتهِيْ ....!! تـآئِهٌا بينَ الشكِّ واليقيْن .... بينَ البغضِ والمَـحبّه .... السُؤآلْ والجوآبْ ... الدموعْ والإبتِسَـآمَه ... مُبَـعثرةٌ مَشآعِريْ فِيْ أحشَـآءِ المَـوتِ والحَيَـ...