الفصل الخامس عشر
شعرت نغم بالدوار، وهي على أولى الدرجات، فحاولت التماسك كثيرا؛ لكنها سقطت فاقدة للوعى، وتدحرجت من أعلى الدرج؛ لتأخذ ثلاث درجات، وهي فاقدة الوعى؛ وما أن رآها زين؛ حتى صرخ قائلا بفزع:
- نغم..!
ثم ركض إليها بسرعة البرق، وقفز الدرجات المتبقية؛ ليتلتقطها قبل أن تصل إلى أسفل الدرج؛ ثم حملها برقة وحرص شديدين، وشهق بفزع وقلبه يئن من الألم حين شاهد بركة الدماء أسفلها، فأخذها، وركض بها إلى السيارة..
خرج يزيد مفزوعا على صوت زين، فوقف ينظر بذهول لزين الذي يحمل نغم الغارقة بدمائها، فالتقط يزيد مفاتيح سيارته، وركض باتجاه زين، وحدثه قائلا بحزن شديد:
- استنى يا زين.. انا جاي معاك!
صاح مناديا رحمة التي ما أن شاهدت شقيقتها وحالتها المزرية؛ كادت أن تركض اليها، فأوقفها صوت يزيد قائلا بحزم:
- رحمه.. خليكى انتِ عشان ياسين، وهاتيلى قميص وبنطلون بسرعه يا حبيبتي!
استجابت رحمة لحديث يزيد، وجلبت له ملابسه، وأعطته إياها.
انطلق يزيد بالسيارة بسرعة شديدة وهو يرمق شقيقه المنهار من البكاء وهو يحتضن زوجته بخوف وفزع شديد، الى أن وصل إلى المشفى.
ترجل يزيد من السيارة، وساعد زين بحمل زوجته، والترجل من السيارة، دخل كل منهم إلى المشفى، وزين يحتضن زوجته وهو خائف، والقلق يحتل كيانه.
بحث يزيد عن الطبيب بعد أن ترك شقيقه وزوجته، وأخذ يبحث برعب وقلق على الطبيب إلى أن وجده بغرفته؛ فأخذه إلى غرفة إجراء الكشف..
دلف الطبيب إلى داخل غرفة إجراء الكشف، وخرج بعد قليل؛ ليخبر زين ويزيد الذين كانا ينتظران برعب وقلق أمام الغرفة.
تحدث الطبيب بأسى موجهًا حديثه إلى يزيد قائلا بحزن:
- حضرتك جوزها؟!
أشار يزيد إلى زين قائلا بقلق:
- ده زين جوزها.. خير يا دكتور! حالتها عامله إيه؟!
تحدث اليهما قائلا بأسى شديد:
- المدام كانت حامل، وللأسف الحمل نزل..!
زين بصدمة وقد اتسعت عيناه بشدة:
- معقول؟! يعنى كده خلاص مفيش بيبي؟!
الدكتور بأسى:
- للأسف.. المدام أجهضت! وانا عايز منك توقع على التقرير دا إنك موافق على العملية!
وقع زين وهو حزين والدموع تنساب بصمت على وجهه، ارتمى بأحضان أخيه، وأخذ ينتحب بقهر وألم يمزّق أحشائه..
أخذ يزيد يربّت على كتفه بحب صادق وحنون أخوي.. صرخ زين بقلب موجوع بألم قائلا:
- أنا السبب يا يزيد! انا اللي عذبتها معايا، وجرحتها، وقسيت عليها، ياريت تقدر تسامحنى!
تحدث إليه يزيد بحب -وهو حزين قائلا بألم، وقد دمعت عيناه تأثرا بحاله شقيقه، وطفلته الصغيرة التي رباها على يده، وما أصابها-:
- زين يا حبيبي! انت قوي! متستسلمش للحزن! محبش اشوفك ضعيف! هي أكيد هاتسامحك! انا واثق من كده.. نغم بتحبك، وبكرة ربنا يعوضكم بطفل واتنين وتلاته!
أجاب زين بعيون حمراء من شدة البكاء وقلب مفطور:
- يا رب تقوملى بالسلامه، واللي تطلبه منى هانفذه.
خرج الطبيب بعد قليل من غرفة العمليات قائلا بجدية:
- الحمد لله قدرنا نوقف النزيف، وتم عمل العمليه.. بس محتاجين حد فصيلة دمه مناسبه لفصيلتها؛ عشان دي نزفت كتير!
يزيد بلهفه شديدة:
- انا نفس فصيلتها، انا جاي معاك..
تحرك برفقته، وزين يقف يراقبهما بوجه شاحب وعيون زائغه وقلب حزين.
بعد قليل.. خرج يزيد من غرفة نغم، وما أن شاهده زين؛ اندفع نحوه بعيون مترقبة ووجه شاحب من شدة الحزن، أردف قائلا لأخيه بتساؤل:
- طمني يا يزيد أرجوك.. هيا عامله ايه؟! وحالتها إيه دلوقت؟!
يزيد بود شديد مواسيا أخاه:
- متقلقش.. هيا كويسه.. بس هيا تحت تأثير البنج دلوقت، امّا تفوق تقدر تشوفها.. اهدى يا زين يا حبيبي.. التوتر والعصبيه كده غلط..
جذبه من يده، وسار به في اتجاه المقاعد؛ ليجلسا سويا في انتظار نغم أن تفيق من أثر البنج.
صدح هاتف يزيد بنغمة الرنين؛ فنهض؛ ليجيب عليه قائلا بخفوت:
- أيوه يا حبيبتي!
جاءه صوت رحمة على الطرف الآخر متسائلة بقلق:
- أيوه يا حبيبي! طمّني.. نغم اخبارها إيه؟! وحالتها عامله إيه دلوقت؟!
يزيد بتماسك؛ حتى لا يقلقها من نبرة صوته الحزينة:
- هي كويسه يا حبيبتي.. بس البيبى نزل، وهي تحت تأثير البنج!
شهقت رحمه بحزن، وسالت دموعها، وهتفت بغضب من بين دموعها:
- حبيبتي يا نغم! كله من زين الله يسامحه بقى! كتير شفتها حزينه ومقهورة حبيبتي! ودايما عنيها مليانه دموع! انا مش هقدر اقعد كده واسيب اختى.. انا لازم اكون جنبها، دي اختى الوحيده!
صاح بها يزيد غاضا:
- رحمه.. اسمعى الكلام، وبلاش تخرجي من البيت لوحدك أرجوكي!
رحمه بعناد:
- أبدا يا يزيد.. مش هقدر! عايزه اشوف اختى! قلبي وجعني عليها!
يزيد بنفاد صبر:
- رحمه.. قولتلك خليكي في البيت.. بكره اخدك واخليكي تشوفيها..
أذعنت لرغبته على مضض رغم قلقها على شقيقتها،
وبقيت طوال اليوم مضطربة وقلقة ولا تستطيع الجلوس من شدة قلقها.
***
إياد وجودي بعد أن انتهيا من جلسات العلاج الطبيعي؛ عاد بها إلى منزلها، وطلب منها أن تذهب لغرفتها، وطلب من والدتها مساعدتها بارتداء الفستان الذي تركه بغرفتها، ذهبت جودي برفقة والدتها لغرفتها، وارتدت الفستان الذي ما أن شاهدته شهقت بفرح غير مصدقة؛ كان فستانا رائعا من اللون الأحمر مزينا بفصوص اللؤلؤ ينسدل على جسدها برقّة، وجعل مظهرها يشبه الحوريات، وكان مزينا بفصوص لؤلؤ حول معصمها.
ارتدته وارتدت إكسوارته أيضا، وعادت لإياد الذي كان ينتظرها على أحر من الجمر متشوقا لرؤيتها بذلك الفستان الذي ما أن وقعت عيناه عليها به حتى أيقن أنه قد صمم خصيصا لها؛ ولترتديه له زوجته الحبيبة.
دلفت إلى الحجرة التي كان ينتظرها بها إياد، فما أن شاهدها تتقدم نحوه -بكل ذلك السحر المحلق حولها-، هتف بها -وهو يحدق بها بتيه وشرود وحب-:
- حبيبتي إيه الجمال دا كله؟!
هتفت به بخجل شديد وقد احمرّ وجهها قائلة بسعادة:
- انت بجد رهيب يا إياد، وعليك مفاجآت هايله!
إياد بحب شديد غمز بعينيه بسعادة:
- لا دا جزء صغير من المفجأة، لسه بقيتها يا قلبي.
ابتسمت بسعادة، وجلست تنتظر ما يحضره لها إياد.
بعد قليل دلف المأذون؛ يحمل دفتره، وبرفقته والدها، شهقت بفرحة وهي تضع يدها على فمها بفرحة غير مصدقة ما تراه عيناها، جلس المأذون أمام والدها، وبجوارهما إياد، وتمّ عقد القران..
حين انتهت مراسم عقد القران؛ ذهب إياد إلى جودي، وقام بحملها بين يديه، ودار بها بحب، وهمس بأذنها بعشق قائلا بغمزة من عينيه:
- مبروك يا قلبي! يلا بينا بقى نكمل سهرتنا برا،
أخفت وجهها في صدره بخجل شديد؛ فضمها إليه أكثر بعشق جارف، غادر يحملها بعد أن تلقى التهاني من والديها، ووعدهما بأن الفرح قريب.
حاول يزيد الاتصال بشقيقه إياد كثيرا؛ لكن هاتفه كان دائما خارج التغطية، مما جعل يزيد يتأفف غاضبا من شقيقه..
عاد لحيث يجلس زين، وحزن كثيرا لمظهره؛ فهو لم يكفّ عن البكاء منذ ما حدث لزوجته.
أخيرا أخبرهم الطبيب قائلا بجدية:
- المدام حالتها اصبحت مستقرة، وتم نقلها لغرفه عاديه، ودقايق وتقدروا تشوفوها.
دلف زين، وبرفقته يزيد إلى غرفة نغم، جلس إلى جوارها زين يبكى بقهر ولوعة من أجلها، أمسك يديها بين يديه برقة شديدة، ورفعها لفمه، وقبلها برقّة، ودموعه لا زالت تننهمر بغزارة على وجهه..
تركه يزيد؛ ليأخذ راحته مع زوجته، جلس يبثها حبه وشوقه، وهو ينتحب بقهر ولوعه..
تململت في غفوتها، فاقترب أكثر منها، وربّت برفق على شعرها البني الذي يحب دائما أن يتخلل خصلاته، تحدث إليها قائلًا بحزن:
- يلا يا نغم يا حياتي فوقى يلّا؛ عشان نرجع بيتنا تانى، ونعوض كلّ حاجه وحشه حصلت لنا.
ذهب يزيد إلى أخيه لعله يستيطع إقناعه بالعودة للمنزل؛ لينال بعض الراحة، ثم يأتي إليها بالصباح.. تحدث يزيد إلى شقيقه بود قائلا بصوت حازم:
- زين يا حبيبي، هي تعبانه ومحتاجه راحه يلّا نرجع البيت؛ تأخد حمام دافي، وتلبس لبس غير ده، وتجيب لها هدوم من البيت؛ عشان لما تيجى تخرج..
صاح به زين بغضب وقد ضمّ حاجبيه بغضب:
- أنا مش هسيب مراتى واروح في حته! سيبنى يا يزيد، مش هقدر امشي من هنا أبدا من غيرها!
يزيد بقلق:
- طيب لازم تاكل حاجه، انت ما أكلتش من الصبح..
صاح غاضبا:
- مش قبل ما اطمن عليها وتفتح عينيها..
تركه يزيد، وخرج من الغرفة بعد أن فشل بإقناعه، ذهب للطبيب، ثم حدّثه باهتمام، ثم قال له بهدوء:
- ممكن يا دكتور تدى لزين اخويا حقنه مهدئه؛ عشان لو فضل كده هايجيله انهيار عصبى..
أومأ الدكتور برأسه علامة الموافقة، ثم جلب الحقنة، وذهب لغرفة نغم، وتحدث إليه قائلا بجدية:
- ممكن تسمح اديك حقنه تهدى أعصابك؟!
زين بغضب:
- انا كويس، مش محتاج حقن، ابعده عنى يا يزيد انا كويس!
أشار له بيديه علامة التحذير، ثم أكمل بغضب هستيري..
- انا مش هاخد حاجه..
أمسكه يزيد بقوة؛ ليتمكن الطبيب من إعطائه الحقنة، ثم ساعده الطبيب بوضعه على فراش مجاور لنغم، وتحدّث إلى يزيد قائلا بجدية:
- ممكن حضرتك تتفضل ترجع البيت، وترجعلهم الصبح؛ لأنه مش هيفوق غير بكره، والمدام انا اديتلها مهدئ لحد بكره؛ عشان لما تفوق تاخد الصدمه بالتدريج..
ألقى يزيد نظرة أخيرة، وقلبه يتمزق من الحزن على فتاته الصغيرة، وشقيقه وعناده الذي أوصله لطريق مسدود، غادر على مضض، وعاد للمنزل ليبدل ملابسه، ويأخذ قسطا من الراحة..
ما أن وصل للمنزل ترجل من السيارة؛ ليدلف إلى المنزل بجسد مرهق، وعيون حزينة لما أصاب عائلته، كان يجر خطواته جرّا من كثرة الإرهاق، دلف إلى غرفته، وهو يشعر بإرهاق شديد.
وما أن رأته رحمة ذهبت إليه راكضة لقد اشتاقت إليه بشدة تلك الساعات الماضية، دلف إلى الغرفة، وهي تتأمله بشوق ولهفة، أرادت الحديث؛ لكنه اتجه إليها، قربها منه حتى التصقت به، وضمّها بشدة راغبا بإدخالها إلى ضلوعه..
لامس وجهه بوجهها؛ ليقشعر جسدها من ملامسة بشرته، وبدأت دقات قلبها تقرع كالطبول؛ فأغمضت عينيها مستنشقة رائحته المحببة لقلبها التي ملأت صدرها؛ كأنها لا تريد الخروج مما يحيطها من مشاعر وهي بقربه.
أما هو فقد أغمض عينيه هو الآخر، ونعومة بشرتها جعلت النيران مشتعلة بجوفه، ودقات قلبه تكاد تكون مسموعة، ورغبة بداخله تحثه على أن يقبلها كثيرا؛ ليروي ظمئه منها، تمنى لو يأخذها لمكان لا يوجد أحد غيرهما به، فقال بهمس إلى جانب أذنها بصوت مليء بالشوق:
- وحشتيني جدا فوق ما تتصوري.
ابتعدت بوجهها قليلا، ثم قالت بنبرة خافتة مثقلة بالشوق:
- انت كمان وحشتني فوق ما تتصور، انت مش عارف غيابك عمل فيا إيه؟!
مال نحو أذنها، وهمس بنبرة واثقة مثقلة بالعشق، جعلت قشعريرة باردة تسري في أنحاء جسدها:
- ياه قد إيه وحشني صوتك، ولمستك، وحنيتك عليا، انتِ نعمه كبيره قوي بشكر ربنا عليها.
ابتلعت ريقها بصعوبة إثر همسه وحديثه، وقلبها يكاد يتوقف من شدة خفقانه، ابتعدت بوجهها؛ لتنظر إلى عينيه، وكأنها مغيبة من أثر سحر حديثه.
أخذ يتأمّل عينيها العسلتين التي تغرقه بنظرة واحدة ببحور الشوق، ثم انحنى ليغيب معها بقبلة خطفت أنفاسهم معا تحمل شوقا ولهفة شديدة، ثم أشار إلى قلبه قائلا بنبرة مليئة بالعشق:
- قلبي ده مدقش عمره بالعنف دا غير ليك انت!
أخذته لغرفتها، وجلبت له ملابس نظيفة؛ ليبدل ملابسه، دلف إلى المرحاض، أخذ حماما دافئا، وارتدى ملابسه، ثم عاد إلى الغرفة، ساعدته زوجته على الاستلقاء بالفراش؛ لينال قسطا من الراحة؛ لكن ما كاد يغمض عينيه حتى باغتته رحمة بتوتر قائلة بقلق:
- حبيبي.. عارفه ومقدره تعبك بس قلقانه على نغم جدا..!
يزيد بحب، محاولا مقاومة النعاس الذي بدأ يداعب أجفانه:
- متقلقيش.. هيا واخده مهدئ، وحالتها استقرّت، بكره هنروح نشوفها، وتطمني..
زفرت براحة، ثم جلست إلى جواره، وأخذت تداعب شعره الأسود الناعم بأصابعها برقة؛ حتى غفا سريعا من شدة إرهاقه.
بالصباح.. نهض من نومه سريعا، وارتدى ملابسه، وطلب من رحمة قائلا بجدية:
- يلّا يا حبّي.. البسي بسرعه خلينا نروح نطمن على زين ونغم!
ارتدت ملابسها على عجل، ثم أخذت الصغير، وأعطته لوالدة زين التي كانت تود أن تذهب معهما؛ لكن يزيد رفض قائلا بحزم:
- ما ينفعش يا ماما؛ عشان ياسين، مرّه تانيه آخدك تشوفيها..
استقل يزيد السيارة برفقة زوجته، وقادها متجها بها إلى المشفى..
حين استيقظ زين؛ نهض مفزوعا يبحث عن نغم وهو يشعر بقلق شديد عليها، ذهب إلى جوارها؛ فوجدها قد بدأت تفتح عينيها، ابتهل إلى الله شاكرا، ثم أمسك يدها ليقبلها.
فوجئ بها تجذب يدها منه وقد استعادت وعيها كاملا قائلة له بتساؤل بوجه شاحب من أثر المرض:
أنا فين؟! ايه اللي جابني هنا؟! هو إيه اللي حصل؟!
سقطت دموعه بغزارة رغما عنه، ولم يعرف بماذا يجيبها، تحدث إليها بهدوء محاولا تمالك أعصابه قائلا بحب:
- الحمد لله.. قدّر ولطف يا نغم كان في بيبي، وخلاص راح، ربنا يعوضنا بغيره، عايزك تكوني قويه، ومتسمحيش للحزن يأثر عليكي!
صرخت نغم بألم:
- حرام عليك! عايز مني إيه تاني؟! ابعد عنى.. انا بكرهك، مش عايزه اشوفك! ابعد عني بقى حرام! يا رب ليه يا رب؟! ابنى ملحقتش احس بيه، ولا افرح بوجوده!
حاول زين - الذي كان يبكي بقهر لتلك الحالة التي وصلت إليها- أن يقاطعها؛ ليشرح لها حالته، إلّا أنها استمرت بتوبيخه، وأخذت تنتحب بقهر إلى أن فقدت الوعي، فهبّ زين يبحث عن الطبيب بقلق ولهفة والدموع تكاد تخفي الرؤية أمامه.
جلب الطبيب، وركض به باتجاه غرفتها؛ فقام الطبيب
بإجراء الكشف عليها؛ ليخبره بعد قليل أنها أصيبت بانهيار عصبي، فينهار زين على المقعد غاضبا من نفسه لاعنا غباءه الذي أوصلها لتلك الحالة..
وصل يزيد للمشفى وبرفقته رحمة، توجّها لغرفة نغم،
ما أن علموا من الطبيب بحالتها؛ شهقت رحمة بخوف وقلق:
- نغم.. يا عيني عليكي يا قلب اختك!
وركضت إليها، واحتضتنها بشدة، وأخذت تقبلها، وتضمّها لصدرها بحب، وهي غائبة عن الوعي..
بعد مرور عدة أيام؛ كان زين يجلس إلى جوارها؛ يحاول أن يعيدها إلى الواقع بحديثه معها، تحدث إليها وهو إلى جوارها، ووجهه شاحب من شدة الحزن، وعيونه حمراء من كثرة البكاء، وقد طالت لحيته كثيرا..
احتوى يدها بين يديه برقة شديدة؛ كأنها شيء ثمين يخشى عليه من التحطم، ولثمها برقة شديدة، وأخذ يحدثها كعادته دائما على أمل أن تستمع إليه قائلا بحزن شديد:
- ارجعيلي بقى يا نغم! حياتي من غيرك صحرا ملهاش أي لازمه من غيرك! خلي قلبك كبير وسامحيني! واوعدك هنبدأ من جديد!
حركت رأسها وهي مغمضة العينين؛ كأنها تعلن عن رفضها لحديثه، فحزن بشدة، وقلبه يعاني معه من رفضها له، وأكمل حديثه بحنو شديد قائلا برقة وقد زمّ حاجبيه بأسى:
حبيبتي.. أرجوكي كفايه كده، انا تعبت! ومش عارف اعيش من غيرك، ادّيني بس فرصه أخيره، وشوفي اني اتغيرت بنفسك!
هتفت بصوت خافت يكاد يكون مسموعا قائلة بحزن:
- ابني!
هتف زين بحزن:
- نغم انتِ فوقتي؟!
---------
أنت تقرأ
المشاكسه والمستبد الجزء الأول
Romansaالمشاكسه والمستبد بقلم / نورا نبيل لآ أعلمُ مِنْ أيْن أبتدِيْ وأينَ أنتهِيْ ....!! تـآئِهٌا بينَ الشكِّ واليقيْن .... بينَ البغضِ والمَـحبّه .... السُؤآلْ والجوآبْ ... الدموعْ والإبتِسَـآمَه ... مُبَـعثرةٌ مَشآعِريْ فِيْ أحشَـآءِ المَـوتِ والحَيَـ...