بِسببكِ ..

1.8K 78 16
                                    

دخلت غرفتها واغلقت الباب بقوة وهي في اوج غضبها .. لا تفهم لماذا تغضب ! لم تغضب يومها ! لماذا تغضب الآن ؟ لماذا كلما رأته تريد أن تكسر ما في يدها على رأسه، أن تشوه ذلك الوجه الذي يتباهى به !

ضحكت بسخرية من افكارها فلاحظت سنان الذي يراقبها، أحسّ بوخز في قلبه، يعلم أنها بهذه الحالة بسبب أخيه، لا تُحبه، زوجته مخلصة له ولكنه يغار، ما بيده حيلة، أن تفكر أو تغضب من رجل آخر يجعله يتألم أكثر مما يفعل به مرضه، هو من دعاه، وهو من سيوصيه بها، لن ينجو من هذه العملية هو مدرك لهذا الشيء، وبعقله المتعب يحاول أن يحسن حياة أحبائه الذين سيتركهم قريبا، ومع ذلك فإنه يغار، إنه بشر وليس ملاكا ..

اِقتربت منه تعدل وضع اللحاف عليه لكي لا يشعر بالبرد وقالت وهي ترسم ابتسامة وديعة تخصّه بها
" هيا موعد نومك ! "

مسحت الابتسامة من على وجهها ما ان أعطته ظهرها، ثم أخذت ثياب النوم ودخلت الحمام، عاد الغضب يسيطر عليها جرّاء كلماته، تنتقم منه، لتنتقم منه يجب أن تحبه أوّلا، لتحزن على فقدانه يجب أن يحبها أوّلا ..
لا هو أحبّها ولا هي أحبّته، لا تعرف كيف ومن اقترح أن يتزوج ياغيز بهازان، كانت زمانها ضائعة تائهة تحاول أن تتأقلم مع كل جديد يحدث لها ..

هازان الفتاة الشابة اليافعة التي بلغت منذ شهر عامها الثامن عشر، ورثت طول قامتها وسواد شعرها ولون عينيها من أبيها، أمين الزوج والأب الحنون، العاشق لزوجته والهائم ببنتيه ..
أما بياض بشرتها والنمش الجميل الذي يتناثر على انفها فورثتهما من أمّها، ملاك، ابنة اسطنبول التي أحبّها والدها وتزوّجها وعاد بها لبلدته، رفضاها والداه رفضا قاطعا، ففي بلدتهم لا يعترفون بالحب والعشق، نتزوج فقط بسلائل عائلات أصيلة هذا المكان، اختلطت دمائهم بتراب بلدتهم فتعلّقوا بها وانتموا اليها ..
أمين كان المرتد عن هذه التقاليد ودافع عن عصيانه بأن لا يوجد أحد يرى ملاك ولا يقع في حبها، ولم يكن كاذبا، فقد أحبها الجميع، حتى جدتها أصبحت تناديها بابنتي، كيف لا وملاك الماهرة البارعة في كل شيء، ان مزحت أضحكت، وان غنت سحرت وان تحدثت أقنعت ..
لقد كانت محظوظة لتكون ابنة أمين وملاك العاشقين المحبين للحياة، هكذا كانت تفكر، في سنوات طفولتها ..

لا مكان لسعادة أبديّة على هذه الارض، حُسدت العائلة الجميلة المتكاملة، ومات الأبوين، تاركين ورائهما إبنتين لا تعرفان شيئا عن قسوة الحياة، ابنتين كبرتا في منزل يعج حبا وتسامحا ..

انقلبت حياة هازان رأسا على عقب، الفتاة التي لم تقرر بعد أي جامعة ستلتحق بها أصبحت يتيمة بلا والدين، بل ومسؤولة عن أختها التي لم تتم بعد العشر سنوات ..
جدّان ميّتان، لا خالة ولا خال، فقط عمّ وزوجة عمّ لا يعرفان عن المشاعر شيئا، زوجة عمّ تلاشت أمام ضوء ملاك فكبر في قلبها الكره والغيرة لكل ما يمسّها، أصبحت تستطيع الانتقام بسهولة من بقاياها ، بنتيها، قبل ان يحتضنا الطفلتين سألا عن ثروة الاب وعن موعد توزيع الميراث، رسمت زوجة العم مستقبل الفتاتين المظلم لتطفئ نور سلفتها الذي يشع من عينَيْهما ..

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن