غُرف منفصلة ..

1.6K 72 39
                                    


كان يقود السيّارة في الطريق السريع، كم عدد هذه المرّة التي تتفقد فيها هازان الجي بي اس لترى متى يصلون !
نظر من المرآة الى ابنته الصغيرة النائمة وابتسم، هاهي تضغط مجددا على الشاشة !
أغمض عينيه بتعب فقالت له
" أنتَ متعب ! لنتوقف عند أول استراحة وتشرب قهوة قويّة ! لا يجوز ان تقود وانتَ بهذه الحالة ! لا افهم اصرارك على الذهاب بالسيّارة ! لو ركبنا القطار لكان اسرع ! "
زفر بقوّة وقال لها
" انتِ ايضا متعبة ! ما رأيك ان تنامي قليلا ! "
تمتمت بغضب بكلام لم يسمعه، ولا يريد ان يسمعه !
ماذا فعل ! ماذا فعل ! كيف فعل ذلك !
هو وهازان ! تزوّجا ! منذ اربع ساعات كان حلا مثاليّا لكليهما !
تبقى سما عنده، يعودان لبلدتهما وتكبر ابنته مع عائلته، يتخلص من حياة اسطنبول الفوضوية ومن الوظيفة التي لا يطيقها ومن مديره المستفز، منذ اربع ساعات كان يرى هازان كملاك تمسك بيده وتأخذه للجنة !
منذ اربع ساعات هو كان منقذها، أعطاها لقب زوجة، خلصها من وصاية عمها، يعيدها لبلدتها، للقصر الذي ترعرعت فيه، منذ اربع ساعات هو كان بطلها !

لكن هذا كان منذ اربع ساعات، عادت هازان التي لا يطيقها، التي تعطي الأوامر وتنتقد تصرفاته، عادت هازان مجنونة السيطرة تكرر على مسامعه كم كان متسرعا بقراره ومتهورا !
هاهي تتصل مجددا بايجة، تتأكد من ان عمّهما لم يصل بعد، من أنّها لا تزال في قصر ايجمان، ثمّ تطمئنها انها في الطريق
" لماذا لم تخبريها انني عائد معك ؟ هل تريدين مفاجأتهم ؟ "
ابتسم بسخرية فأزعجها
" وهل لحقتُ ! ستطرح الف سؤال وانا لا أملك اجابة ! ان كنت اعرف لأجبتُ نفسي أوّلا ! "
التفتت الى الجهة الاخرى تراقب المناظر وتتمتم
" نحن ماذا فعلنا ! ماذا فعلنا ! "
" من الجيّد أنك لم تخبري أحدا ! سأتمتع برؤية الدهشة على وجوههم ! نتمنى ان لا يصاب جدي بسكتة قلبيّة ! "
ضحك فنظرت اليه بتقزز وقالت
" جدّي يعلم ! أنا أخبرته ! "
نظر اليها بسرعة وسألها
" متى ؟ "
" قبل أن نعقد القران، اتصلت به وأخذتُ اذنه ! "
صمتت قليلا ثم قالت بصوت خافت
" ووافق ! "
ابتسم ساخرا ولم يعقب، فقالت له مبررّة
" لن أمسك بيدك وآخذك للقصر دون علمه ! عيب ! "
" لماذا ؟ لقد فعلتها سابقا ! كان عليك تجربتها ! "
كشرت مرة أخرى بينما تمتم هو
" متملّقة ! "
كادت ان تجيبه لكن استيقاظ سما شغلها، تحدّثت معها ثم مدت لها سندويشا، تسائل متى جهزت كل هذا !

وصلا أخيرا بعد غروب الشمس ! لم تنتظر ان يركن السيّارة وركضت الى الدّاخل ..
كانت كل من سيلين، ايجه وفضيلة جالسات في قاعة الجلوس، عمّها وصل منذ نصف ساعة، ويتحدّث مع الجدّ بالمكتب، عانقت الجميع ثم توجهت لتصعد للمكتب عندما تواجهت مع عمها والجد عاصم، قبلت يد الجد واكتفت بهزة رأس لعمها الذي نظر اليها بغضب ممزوج باستسلام، اذن فقد تمكنّ الجد من اقناعه بطريقة ما !
دخل ياغيز يحمل ابنته في ذراعه، استغرب الحاضرون من وجوده، عدى من كان على علم بآخر المستجدات، مرّ العمّ بجانبه ونظر اليه بشزر وقال له
" مرحبا بعودتك .. صهر ! "
كان يقول الكلمة الأخيرة وكأنه يبصق، اكتفى ياغيز بان نظر اليه دون ان يحرّك ساكنا ..
ازدادت التساؤلات، أخذت هازان الطفلة من ذراعيه بينما ظل هو مقابلا جدّه ..
كلمات كثيرة تدور في عقله، لا يحصل في هذا القصر الا ما قرره عاصم ايجمان ! لم يعد يغضب أو ينزعج، ولا ان ينتفض، علّمته الثمان سنوات ان لا قوّة تضاهي قوّة جدّه ! وانّه يفعل كل ما يريده دون ان يحرّك اصبعا !
أتراه بعد موت سنان لم يفكر في تزويجه من هازان ! هو متأكد من انه فكر ! لكنه لم يخطط ! جلس وانتظر !

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن