40

14.5K 727 16
                                    

توقف فولكانو عن الكلام و تجمد في مكانه
و هو يشاهدها على وشك الإغماء، ملامح وجهها
التي بدأت تعبر عما يختلج قلبها الذي أثقل
من شدة وقع كلماته القاسية عليها التي
كانت لا زال يدوي صداها بين طيات عقلها
دون توقف.

ترنح إلى الخلف قليلا بعد أن خانه جسده هو
الآخر بعد أن تبددت غيمة غضبه و رغم أنه
لازال موقنا بأنه على حق إلا أن الندم قد
بدأ ينهش أحشائه على الفور دون رحمة.

أوليفر و سيزار كانا يحثانه على الخروج
من صدمته و التقدم نحوها حتى يفعل شيئا
كي تعي أن ما تراه الان مجرد تخيلات
نتجت من خلال كلماته التي يبدو أنها سيطرت
على عقلها الضعيف، فحالها كحال المتحولين
حديثا يظلون بضعة أيام قذ  تصل إلى الشهر
حتى يكتمل تحولهم و يصبحون أقوى
و في تلك الفترة حواسهم تكون هشة
للغاية و تتأثر بأي كلمة أو فعل خارجي و بسبب
إندفاعه و خوفه عليها نسي تلك النقطة
الحساسة تماما فكل ما كان يهمه هو أن تعي
فداحة خطئها حتى لا تكرره مستقبلا.

زمجر بغضب من نفسه عندما وجدها قد
غاصت عميقا مستسلمة لهواجسها بينما
يداها و قدماها لا تكفان عن مقاومته
بكل ما أوتيت من قوة، و قد علم من خلال نظراتها
الفزعة بأنها تتخيله شخصا آخر يريد إيذاءها
لذلك لم يكن أمامه سوى حل واحد و هو إستخدام
قوة أوليفر و ينشر طاقته المهدأة في الهواء
لكن بجرعات مضاعفة حتى يكون تأثيرها
سريعا.

جثى على ركبتيه أمامها متحملا ضرباتها
الخفيفة بالنسبة له رغم قوتها و هو يراقبها
حتى بدأت حركتها تهدأ تدريجيا و ملامح
وجهها ترتخي، آخر ذرة مقاومة لها
تمثلت في دفعة عشوائية من يديها
الصغيريتين اللتين إرتطمتا بصدره و قد آلمه
كثيرا بأنها هي من كانت تتوجع و ليس هو،
إحتضنها نحوه بقوة حتى أصبحا جالسين
على الأرض، شهقاتها الخافتة تردد صداها
في أنحاء الجناح قبل أن تهدأ نهائيا و تخونها
جفونها التي إنغلقت معلنة هي الأخرى
عن إستسلامها التام بعد مقاومة عنيفة.

شعر بسكون جسدها الدافئ بين أحضانه
ليحملها على الفور بخفة و كأنها لا تزن
شيئا ثم وضعها على الفراش و إستلقى
بجانبها، طوق خصرها بذراعيه مقربا
إياها إليه و كأنه يريد إدخالها بين ثنايا
ظلوعها كي تسكن إحدى غرف قلبه
الذي أصبح ملكها مؤخرا و أن يتأكد من
أنها معه الان
و إلى جانبه بعد أن ظل طوال السويعات
الفارطة يحترق ظنا منه أنه قد فقدها.

ظل يستنشق رائحتها عدة دقائق و التي
كانت كترياق لداء غضبه الذي كان قاب
قوسين أو أدنى من الانفجار و حرق الأخضر
و اليابس في هذا العالم لو أن غيابها قد
إستمر لساعة أخرى، لم يكن يعلم أن غيابها
عنه لساعات حولته من ملك رزين و واثق
إلى حبيب مجنون ليتساءل بداخله و هو
يرفع جسده إلى الأعلى قليلا حتى يتأمل
ملامحها وجهها الهادئة و يتأكد من أنها
نفسها رفيقته البشرية التي كاد أن يرفضها
ما إن علم بوجودها على أرضه قبل أن يستسلم لمصيره و يقبل بها.

مجنونة في بلاد المستذئبين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن