الفصل السابع و الأربعون

12.5K 708 25
                                    

أغلقت روزا كتابها بعنف بعد أن فشلت في
فهم أي كلمة مما قرأته، كأنه قد كتب بلغة
أخرى، عقلها مشتتا و الحروف تتراقص امامها
و ما زاد الأمر سوء هو خط صديقتها
جيني التي تطوعت و أرسلت لها ما درسوه
أثناء غيابها كان سيئا جدا و كأنها تكتب بقدمها
و ليس بيدها.

لقد اضطرت للمكوث في المنزل في الأيام
الفارطة و لم تذهب إلى الجامعة بسبب
نظرات الجميع التي كانت متشبعة بالكره
و الاتهام و كأنها هي من حاولت قتل اللونا.

لوت شفتيها بامتعاض و هي تتذكر
حوار شقيقتها كلاريسا مع والدتها قبل
أيام و فشل الأخيرة في جعلها تتراجع
عن رأيها مقابل إصرار اختها و كأن العرش
كان حقا من حقوقها التي سلبت منها و تريد
أن تعيدها بأي ثمن، لم تأبه لحياتها و لا
لعائلتها التي أصبحت منبوذة من قبل
الجميع رغم تحذير الألفا لهم،
لذلك فضلت أخذ الدروس من المنزل
و قد أوصت جيني ان تحسن خطها لكن
دون فائدة و كأنها اخبرتها ان تفعل العكس
تماما.

حال والدتها لم يكن بأفضل منها فقد منهارة
بشكل سيئ لا تنفك تلوم نفسها دون رحمة
بأنها كانت على علم بما تخطط له كلارا لكنها
فشلت في إقناعها بالتراجع، أمسكت نفسها
بصعوبة حتى لا تعترف أمامهم  بأنها سمعتهم
يتحدثون و كان بإمكان ان تخبر شقيقها او
والدها او حتى زوجها لعله  يتدخل لكنها فضلت
الصمت و لم تفعل، كانت بطريقة ما تحاول
إبعاد الشعور بالذنب الذي كان  يستولي
عليها كلما فكرت في الموضوع، تواسي نفسها
و تقنعها بأن أختها عنيدة للغاية و لم تكن
لتسمع منها حتى لو حاولت معها.

أسندت ذقنها على يديها اللتين بسطتهما
فوق سطح مكتبها الصغير حيث كانت
تحاول  مراجعة دروسها لكن عقلها المشغول
أبى أن يستقبل أي معلومة، كانت تائهة في
بحر أفكارها و لم تنتبه إلى ذلك الذي كان
يستند على باب الغرفة و يراقبها عن كثب
محاولا سبر اغوارها، رغم انه كان على علم
بما تفكر فيه.

تنهد بصوت مسموع لينفث ذلك الضيق
الذي اعتمر قلبه حال رؤية حزنها الظاهر
على سحنة وجهها المتعب و عينيها المرهقتين،
إنتفضت روزا بفزع عندما شعرت به يربت على
شعرها بكفه الضخمة فهي لم تنتبه إلى وجوده
و لا حتى ذئبتها نبهتها أيضا.

رفعت عينيها الذابلتين نحوه لتسأله:

-ألا يوجد اخبار جديدة على كلاريسا؟
سألته بتردد و تخفض رأسها متحاشية
نظراته القوية التي كانت تخترقها، توسمها
بتأثر كبير قبل أن تتدحرج انامله تحت ذقنها
ليرفع وجهها مرة أخرى مغمغما باهتمام:

-لا تبعدي عيناكي عني مرة أخرى، دعيني
أتوه في سحرهما بينما تحدثينني.

إبتسمت له بدموع لمعت داخل حدقيتيها
من فرط شعورها بما يفعله من أجلها، فطوال
المدة الفارطة و هو يحاول بكل جهده الوقوف
إلى جانبها و مواساتها قولا و فعلا و دون كلل
أو ملل، لكن ما فعله تاليا جعلها تجهش بالبكاء
حيث حملها بخفة بين ذراعيه ليخرجها من وراء
مكتبها الصغير ثم إستخدم سرعة دانيال
و ركض نحو النهر.

مجنونة في بلاد المستذئبين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن