من الحاضر إلى المستقبل

516 105 122
                                        

|مصر القديمة|

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

|مصر القديمة|

على مدار عامٍ كامل انتهت نينيت من قراءة كل الكتب في مكتبة والدها السرية، اكتشفت فيها أسرارًا قد تقلب موازين العالم، بل تغيّره جذريًا... لكنها مثل كل سلاحٍ ذي حدين، تحمل هذه الأسرار وعدًا بالمجد ووعيدًا بالهلاك، وأشد ما كان يُخيفها غطرسة أصحاب هذه العلوم الأوائل الذين أساءوا استخدامها بغرورٍ أعمى، فاستحقوا غضب الآلهة التي باركتهم بالمعرفة، ولمّا جاوزوا الحد، أهلكهم الطوفان وألقى بحضارتهم العظيمة في أعماق المحيط تاركًا الناجين ليبدأوا من الصفر.

درست نينيت الهندسة وأدركت أن بلادها تخفي كنوزًا أعظم من كل ما تعلمته، بل أعظم مما بلغته عقول الأوائل، لكنها أيقنت أن بقاء هذه الكنوز في الخفاء خيرٌ للبشرية؛ فظهورها قد يُحدث فناء الكون كله، لا البشر وحدهم.

أثناء قراءتها، وجدت نصوصًا عن معابد تحمل طاقاتٍ روحية عظيمة، أبرزها معبد "تنتيرة" (دندرة حاليًا)، الذي استغرق بناؤه مئتي عام، وكان بمثابة مركزٍ للطاقة والعبادة... كانت نينيت تزور هذا المعبد كثيرًا، حيث كان يشغل والدها منصب رئيس الكهنة فيه سابقًا.

لم تقتصر قراءاتها على العلوم الهندسية، بل طالت كتب السحر الأسود الذي ذُكر أنه كان جزءًا من هذه الحضارات، كان السحر الأسود يُستخدم في المعابد لأغراضٍ روحية نبيلة، كالعلاج وتسوية الخلافات، لكنه كان مُحرمًا خارجها، خشية استخدامه في الشر... ولم يكن كل كاهن أهلًا لحمله أو إتقانه.

مرت ساعات طويلة وهي في مخبأها حتى شعرت بوطأة النعاس، فقررت العودة إلى غرفتها، وبينما تسير بخطواتٍ حذرة فوجئت بوالدتها تنتظرها عند الباب بوجهٍ صارم لا يبشر بخير.

"أأتممتِ ما كنتِ تفعلينه هناك؟"
سألتها الأم بنبرةٍ جادة جعلت قلب نينيت يرتجف.
هل يُعقل أن والدتها اكتشفت أمر الغرفة السرية؟

حاولت نينيت التملص، فأجابت مبتسمة: "لقد نسيت الوقت يا أمي... لم أشعر به وأنا أقرأ."

لكن الأم لم تنخدع... نظرت إليها نظرة عتاب وقالت: "أصبحتِ تسهرين كثيرًا في تلك الحجرة، النهار لا يكفيكِ فصرتِ تسرقين الليل معه... ماذا تفعلين هناك يا نينيت؟ ألا تشعرين بالوسن أبدًا؟"

زمن غير الزمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن