تابع للفصل السابع: سالار

190 81 56
                                    

بروح ثائرة هجت على ذلك الخبيث، للوهلة الأولى التي لمحته فيها شعرت بدماء ثقيلة تسري في عروقي، زاد معدل نبضات قلبي بشكل مخيف وبرزت مخالبي الحادة والطويلة، عيوني تشع بالوميض الأحمر كأنهما النار الملتهبة، إندفعت نحوه بكل قوة متناسيا الأصفاد والسلاسل التي تقيدني، سأنتقم لإيلين ومن كل روح قتلتها أيها الوحش المظلم، أصرخ وأزمجر فيه بأنياب فتاكة وشعور غريب ينتابني إنني على مقربة من فقدان عقلي، أشعر بأنني متعطش للدماء ولسلب الأرواح، بينما هو كان جامدا خاليا من كل المشاعر مثل كومة جليد، لينطق بإبتسامة مصطنعة خبيثة:

"إهدأ أيها الهجين، لاداعي للغضب"
إلى هنا وكفى إنه يثير إستهجاني، لأصرخ فيه:

"أين أخذتم إيلين؟ أيها الجبناء فكوا وثاقي وسترون مالايحمد عقباه، سأحطم وجوهكم وأتشرب من دمائكم القذرة"

هل أذني تعاني من مشكلة في السمع أو أنني أهذي، ماذا يحدث لي؟ هل الأيام السوداوية في هذا الجحيم جعلتني أتوهم؟ إنها نبرتها الهادئة التي أحفظها جيدا وبإمكاني معرفتها من بين مليارات الأصوات، خلف أركان كانت متوارية عن أنظاري تحجبها جناحاه الكبيرة، تبدو في حالة يرثى لها، هالات سوداء تحيط بعينيها الزرقواتان الباهتتان، وسحنة شاحبة ونظرة منطفئة وكأنها نهضت لتوها من الموت، اليوم لم أفهم نظراتها تلك الشرارة التي أرسلتها لجسدي عطلت تفكيري وشلت حركتي وهدأت من هيجاني، الروح عادت إلى ملجإها برؤياها، نطقت كما ينطق المتشوق لرؤيا الجنة وهي أمام عينيه يراها لكنه لايستطيع لمسها، لايستطيع أن يرتمي في أحضانها ويطفئ لهيب الشوق لها:

"إيلين أعدك أنني سأنقذك من هؤلاء الجرذان لن يطول بقائي هنا فلتتحملي قليلا وسترين ماسأفعل بهم سأشفي غليلي منهم سأنتقم لك......"
صدمة بأتم المعنى أو أقل مايقال عنها، صعقتني كلماتها كما تصعق الكهرباء القلب مباشرة أو كسهم صوب نحوه بدقة إخترقه في أقل من ثانية، قالت بكل برود وكأنها نسخة عن إيلين تشبهها فقط في بعض الملامح وليست هي:

"أنقذ نفسك ولاتهتم لأمري أيها الكاذب الهجين "
لم تدع  لي مجالا كي أستوعب كلامها المنفوث كالسم  وإستطردت بكل جمود:
"ستخبرني بكل شيء"

ضاقت حدقتا عيني من هول ماأرى، هل هذه إيلين أم لاأزال أتخيل ، في هذه اللحظة عاد كل شيء لطبيعته شعرت أن دمائي الثائرة قد سكنت وسكنت معها روحي الهائجة، تصنمت في مكاني فاغر الفاه والعينان، أحاول بصعوبة ترتيب أفكاري المشتتة والمتضاربة، أسعى لأترجم رسالتها المشفرة، ماذا تقصد بأخبرني كل شيء؟، مالذي حدث لها؟ من غير شخصيتها؟

ليقول ذلك الدنيء بكل إستفزاز:
"تكلم أخبرها عن حقيقتك، أخبرها من تكون......."
إضلولمت الحياة في عينيا وتزاحمت الأفكار لرأسي ترطمه بكل عنفوانية، هل تراهم أخبروها حقيقتي؟، هل أفشوا سري لها؟ ستكرهني لامحالة، ستجعلني من ألذ أعدائها، أنا الخاسر في هذه الحرب، أنا محطم القلب، بقيت صامتا شاردا لمدة من الزمن، وذلك الأخرق لايزال يثير حنقي وغيظي وأنا أكتمه بنفاذ صبر على هاوية الإنجراف.

رواية إيلين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن