الفصل الواحد والعشرون: إيلين

122 22 118
                                    


ماهذه الأرض اللعينة التي رمت بي الأقدار إليها؟ هل أنا تعيسة إلى هذه الدرجة حتى أعاقب بهذه الطريقة؟ مخلوقات غريبة قوانينهم عجيبة منذ موت أمي جميلة أو دعني أقول والدة سالار وأمواج الحياة تلطمني، إلى أين وجهتك ياسفينتي؟ إلى أي جحيم ستلقي بروحي المزهقة؟

أراجع حساباتي مرارا وتكرارا، آلاف الأفكار تتزاحم في رأسي دفعة واحدة بعدما شهدت على المجزرة الكبيرة التي خلفها أركان وسط سكان إستيرا ، كثير من الأرواح أزهقت اليوم وروحي ليست مستثنية منهم، تعرضت لصدمة بأتم المعنى هو الآن يحلق بي دون نطق كلمة واحدة....... بل إنه لم يخبرني حتى إلى أين يأخذني ولماذا يلاحقنا الجنود من الخلف؟ مثل الذباب يتصدرهم هو لكنه على خلافهم يبدو أسدا يقود قطيعه إلى المجهول، وأخيرا أفرجت سراح لساني وكم بدا صوتي متعبا:

" إلى أين نحن ذاهبون ياأركان؟ هل تعلم أنني لم أعد أحتمل رؤية المزيد من الدم والقتل سئمت من كل هذا، لا تغريني تلك القصور ولا تلك العطور والأجواء البذخة ولا المظاهر الخادعة.... "

ثم أسبلت جفوني متنهدة مكملة الكلام في جوفي، أنا إشتقت لحياتي الهادئة إلى الحب والإهتمام اللذان منحهما لي   سالار، وإلى عيونه الرمادية وشعره النحاسي النادر وكأنه الوحيد الذي يمتلكه على وجه الأرض، قطع شرودي أركان بصوته المبحوح والمرعب في آن واحد:

" في ماذا تفكرين أيتها الهجينة؟ إذا كنتي تلمحين لكي أقوم بإرجاعك إلى منزل المعتوه فأنت تحلمين لاغير؟ "

صدمة إجتاحتني إستغرق عقلي وقتا طويل وهو يحلل في كلماته المشفرة لكنني لم أتوصل ولو لإجابة واحدة لأسئله بإستنكار وسخط باد على وجهي رمقته بنظراتي الثاقبة مثل بندقية مصوبة نحو عينيه:

" ماذا تقصد؟ لماذا تمنعني من العودة إليه؟ في المرة السابقة رفضت بقائي في بيته الخالي دون سبب واضح حتى إنه لم يعد موجود صعدت روحه لسماء ، ماشأنك بي ياأركان؟ أنت قائد الجيوش لك وضائفك وأعمالك فلماذا تقحمني في حياتك لتضيف عبأ آخر ليومياتك؟ هل يسعدك حملي كل يوم والتحليق بي أو سماع تذمراتي المستمرة؟ كنت قادرا على رفض أمر الملك عندما عينك حارسا لي وهذا ليس بالأمر الصعب عليك....أريد إجابة يا أركان...... "

إتخذت من الثرثرة ملازمة لي طوال الطريق وأنا أمطره بسيل الأسئلة لكنها لم تجرفه ولم تحركه بقى جامدا خال من كل المشاعر، إنه كتلة من الجليد الذي يصعب إذابته، أحتاج لإجابة واحدة لكنه يقابلني بالصمت مما يزيد من هيجاني أرغب في خنقه، كنت سأهم بفعل ذلك لولا توقفنا فجأة في إحدى الأماكن المخيفة تبدو مثل الغابة لكنها على خلاف ذلك بظلامها الدامس وغيومها الحمراء القاتمة، حتى القمر مكتمل ويبدو لامعا وكأنه يخفي وراءه سرا غامضا.

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
رواية إيلين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن