تنويه: الشخصيات التي تروي مذكورة في العنوان.
الآن أنا نسخة مُصغرة عنك، نسخةٌ مظلمة دموية وحشية مُتعطشة لسَفك دماء ضحاياها، هل تعجبك ماآلت إليه نفسي بسببك؟ أكرهُ الدّماء السّوداء التّي وَرِثتها عنك، أكرهُها بقدري حبي لها، في أوردتي تضخُ الحقد لقلبي تُغذيه كلّما لاحَتْ صورتك الدّنيئة في مُخيلتي، سأعثر عليك حتّى ولو دفنتَ نفسك تحت بقاع الأرض، لن يغمضَ لي جفنٌ اِلاّ وأنتَ بين يَدَيْ اُذيقك المرار، أجعلك تتجرع من نفس الكأس الذّي رَوَيتَني منه.
أقفُ عند قبر أمّي اُجدد عهدي لها، سآخذُ باِنتقامي لكِ من زوجك الوغد، أتذكر تلك المشاهد اللّعينة وكأنّها تحدث أمام مرأى عيني، أسترجعها لأذكر نفسي بالهدف الوّحيد الذّي أحيا من أجله، أوّلا هو الثّأر لك أمّي، أتذكرُ ذلك اليوم البائس الذّي اِنطفأت معالم الحياة في عينيّ من حينها، اللّحظة التّي شقَ بمخالبه ورِيدك وجعل قلبي ينزف بشدة....... لاَذَّ بالفرار تاركًا وراءه كابوسًا سيعيش ويْلاته يومًا ما، لحقتُ متأخرًا حَملْتُك بين ذِراعاي اُنصّتُ لآخر الكلمات التّي تُحاربين من أجل أن يُخرجها فاهُك..... صوتُك المُرتعش لايزال يتردَدُ في طِبلة اُذني.... أتذكرها بالحرف الواحد:
"أركان خُذ بثأري، أبوك هو الفاعل....."
زلزلت كياني هذه الكلّمات الحارقة جعلتني أفقد وعيي، خَلَقت منّي وحشًا كاسِر بدون رحمة..... قاطعتُك والنّيران تَتقدُ كبركان يريد الإفراج عن مابداخله، لكنك ترجيتني أن اُنصت لك لكي توضحي سبب جرمه هذا:
"والدك جَافين سيهرب هو والأمير إلْيُوتْ إلى عالم البشر، وعندما هدّدته بأنّي سأفشي أمرهُما للملك نُولان، هجمَ عليَّ دون رأفة............."اِرتخا جسدها المُنهك بين ذراعاي الفاشلتان، أطبقتُ عليها بكل قوة..... لا أرغب بمفارقتها، سأجعل من وصيتك دربًا أسيرُ عليه، وها أنا هنا عند قبرك اُجددُ وعدي.
كنتُ ولا أزال الأفضل، تسلقت سلالم الاِرتقاء والعُلاّ درجةً تليها أخرى دون هَوّادة، أزحتُ كلَّ من يقف في طريقي، كلَّ من يعترض طموحي،....... هاقد حريتُ شامخًا الكلُ يهابني، الكلُ يخشاني.... أعشقُ نظرة الرعب التّي يطالعونني بها، أتلذذُ بتلك الرّعشة التّي تسري في داخلهم بمجرد لمْحِهم ظّلي، صِرتُ قائدُ الجيوش يا أمّي حققتُ حلمك، صرتُ أقوى شخصٍ في مملكة إستيرا.
ثمّ جاءتني الفرصة التّي لطّالما اِنتظرتها لأختبر مدى قوةِ هذه الدّماء السّوداء التّي ورثتها عن ذلك الوغد........ جَعَلَتْ منّي سيد القوم ومن أشرافهم وكان هذا سببُ اِختيارك لي إسم أركان، فهو يُمثلني وبشدة، كيف لا وأنا وريثُ سلالة المُجنحين المُظلمين، لستُ كالبقية يا أمّي.... أنا فريد.
تكلفتُ أنا شخصيًا بمهمة سفكِ دماء مملكة الإرك واديول وإثارة الرُعب بين قبائلها، تفننتُ في سلب أرواحهم حتّى لُقِبت بقابض الأرواح إنّه يعجبني كثيرًا، لاشيء يشبعُ نهمي غير دمائهم الوسخة ودماء والدي الخائن، ليتجرعوا ثمن ذنب ملكتهم سيسيليا، جرمها الذّي لايُغتفر...... قَتْلُها للأمير إليوت أكبر خطإ فادح ترتكبه في حقها وفي حق شعبها.
صَدَرت الأوامر العليا من مملكة إستيرا سنذيق مملكة الإرك واديول الويلات لن يتوقعوا حتّى من يهجمُ عليهم سنجعلهم يأكلون بعضهم جراء الشّك والاِتهامات التّي ستعشعشُ في أوساطهم....... أعشق الخوف الذي يسري في نفوسهم، هوايتي المفضلة هي قنصُ أرواحهم اللّعينة، رغم مرور السّنين لم أكتفي بعد من قتلهم لاأزال متعطشًا للمزيد والكثير، يتفاخرون بقوتهم لكن لا أحد يُجابهني، لم أجد من يَصمدُ في وجهي.
عَقَدُوا اِجتماعًا مُهِمًا فعلمتُ أنّهم يخططون بشأنّي، لكن لست أنا من تُنصبُ له الفِخاخ أنا من اُوقعُ ضحيَايَا في شباك خطتي ، قمتُ بتهديد أحد شيوخ القبائل أمام مرأى عائلته أخبرني بما ينوون عليه وأنّهم سيقيمون اِحتفالا ضخمًا يتنبأون من أنّني سأهجم عليهم لحظتها وعندما فَرِغَ الشّيخ من كلامه، توسلَ لي لتركه، فقلتُ بكل خبث:
"سأدعك لكن مؤقتًا، هل تعلم لماذا؟......"
ضمَّ حاجبيه مستغربًا، لأردف:
"لأنّني سآخذ أرواح عائلتك أمام عينيك وستشهد على ذلك"اِنطلَقَت وابِلُ التّوسلات، سجدوا أرضًا عند أقدامي يَتَرجونني...... لكن هيهات أيّها الحثالة الجبناء لست أنا من أرحم، لست أنا من أغفر، برمشة عينٍ جعلتُ المكان مُلطخًا بدمائهم الحمراء القذرة التّي أمقُتُها بشدة، ذبحتُهم بشغف وتلذُذ.......
اِذًا هذا ماتنوون القيام به أيّها اللّعينون، سأفاجأكم بدوري واُمتعكم بالهدوء الذّي لن تنعموا به طويلا، سترتعبون من السّكون الذّي أردته أن يكون، هذا مايسبق عاصفتي المدمرة التّي تأتي على كلِّ مافي طريقها وكلَّ من يعترض رياحها الغاضبة، وفي غفلتكم هجمتُ عليكم بكلِّ شراسة، أنتم لستم نِدًا لي، كنتم لقمةً سائغة سهلة المنال، اِلاّ أن هجم ذلك الفتى الغريب، اِنّه يشبهني لحدٍ ما، قرأتُ في عينيه الاِصرار والقوة، دماءه السّوداء جعلتني مهووسًا به فلطّالما أدمنتُ عشقها وأخيرًا عثرتُ على خصمي رغم أنّه لم يصل للقوة الكامنة، لايزال سوى هجين همَجي لايطيقُ جسده الضّعيف دماء سلالة المجنحين المظلمين....... تضخُ له الشّراهة والتّعطش للسَّفْكْ والجُثَثْ، لم أرغب بقتله قبل أن أستشير أمره للملك نولان، رميتُ عليه تلك الصّخرة الضّخمة وكلّي يقين أنّها لن تؤثر عليه ستعيقه مؤقتًا فقط، عدتُ أدراجي لمملكتي وسَردتُ كلَّ الأحداث للحضور في المجلس المنعقد.ليخاطبني الملك نولان:
"أبيلتَ بلاءًا حسنّا بعدم قتله، ذلك الفتى مهم ويشكلُ ورقَةَ رِبح إن بقى بجوار وصف مملكة الإرك واديول، علينا أن نستعيده، أحضره إلى هنا حيًا......."
أدرتُ ظهري علانيةً لست كالباقي لا أنحني لأحد، ولن يتجرأ أيُّ شخصٍ على الإعتراض حتّى ولو كان هذا يثيرُ حِنقَهُم، فالكلُ يخشى أركان، أوقفني صوتُ الملك مجددًا:
"توقف.."
وقفتُ برهةً بينّما لاأزال على وضعيتي، ليردف:
"إذا كان إبن ذلك الخائن حيًا، فهذا يعني أنّ إبنت الأمير إليوت أيضًا على قيد الحياة، سأكلفك بمراقبته ربّما تعيش الفتاة في وسطهم..... اِبحث عنها، لاتعدْ اِلاّ وهما بجُعبَتك."
أنت تقرأ
رواية إيلين
Fantasíaالوّحدة حفرةٌ عميقة تسحبنا لأعماقها، وأنا لم أسلم مِن ظّلامها إلى أنْ سطعَ نورٌ خافتٌ وقادني للأعلى، حلقَ بي لسّماءِ الحريّة، آراني جمالَ العالمِ وأطلعني على أسرارهِ الخفيّة. تعلقَ قلبي بمنقذي وراحَ يرقصُ فرحًا على أنغامِ عزفه، لكن كلُ شيءٍ تغيرْ ع...