بَعضُهم وُلِدَ لِيَعيش حياة الرّفاهية وسط أحضان عائلته وأحبائه يتنعمُ في جَوٍ عائلي، يتمتعُ بطفولته وشبابه يلعبُ و يتعلم ليكون له مستقبلٌ زاهر، أمَّا البعضُ الآخر وهُم الذّينَ يُشكلون الأغلبية السّاحقة في هذا العالم وُلِدُو دونَّ أن يعرفوا مَنْ هُمْ، أو ربّما سرقتْ الموت منهم أحبائهم وأقربائهم ، هؤلاء الأشخاص لم يَرَوْ النُّور في حياتهم ولم يلعبوا مثلَ أقرانهم، لم يدرسوا مثلّما تمَنُوا، قَسَّتْ الحياةُ عليهم أذاقتُهم المُرَّ والبأسْ، وُلِّدُو ليكونوا مجرمين علَّةً على المجتمع يعيشون على هامِشه، لكن هل الذّنب ذنبُهم؟ كلاّ هو ليس كذلك، الظّروف اِلْتَّحَمَتْ و العوامل تَشكلتْ لتَّصْنعَ منهُم ما هُم عَلَيه.
عندما فتحتُ عينيّْ فتحتُهما على الشّقاء والعناء لا أعرفُ مَن أنا غيرَ الإسمِ الذّي أطلقوهُ عليّْ، ترعرعتُ داخلَ أسوار مملكة إستيرا كخادمة أعملُ ليلاً ونهار دون توقف بلاّ كلَل ولا ملَل، أخبرونا أنَّنا خُلقنا للطّاعة وليس لنا حقوق لنُطالبَ بها يكفي أنَّنا نأكلُ ونشربُ وأيُّ مأكلٍ يَتَغَنَوْنَ بِه؟ وجبةٌ واحدةٌ طِوال اليوم لا تسدُ جُوعنا ولا تخرسُ عصّافير بَطْنِنَا المُزقزقة.
لستُ الوّحيدة هنا التّي تُعاني الأمَرَيْنْ إنّنا لا نُعد ولا نُحصى بدأتُ عملي كمنظفة للأراضي اُلمعها أجعلها تبرقُ من النّظافة ثمّ من عمل إلى عمل إلى أن جاءت الأميرة إيلين و عُيِّنُتُ وصِّفيتًا لها وأخيرًا اِبتّسَمت الحياة لي، لم تكن كالأميرة أمجاد ولا كباقي الفتيات كانت لطيفةً تعاملني كأختها، بسيطة حنونة لا تغرُها القصور ولا الأحجار الكريمة كل ما تمنته أن تعود لتعيش حياتها الطّبيعية رفقة من اِرتاح لهُ قلبها النّقي.
تعرضتُ للكثير من المضايقات من طرف الأميرة أمجاد التّي تحاول مرارًا وتكرارًا اِستغلالي من أجل الإطاحة بالأميرة إيلين تريد إبعادها عن المملكة كي تتفرغ لأركان فقد بدأت تلاحظ أنه يميل إليها، الأمر يبدو واضحًا للعلن أركان منذ مجيء إيلين تغير قليلا أذابت الجليد الذي يغلف قلبه القاسي ، أمجاد تريده لنفسها وإيلين أفسدت عليها خطتها وقلبت الموازين كلّها، منذ مجيئها حصلت على ترحيب الكُل وعلى اِهتمام عامة سكان إستيرا الذّين ما اِنْفَكُوا يتحدثون عنها.
إيلين سرقت منها الأضواء مِّمَا دفعها لكيدِ المَكائد وقد أجبرتني على مساعدتها واِلاّ أنهت حياتي برمشة عين،أنام وأستيقظ على التّهديدات المستمرة منها، اِشترت عصابةً للاِطاحة بها كما أنّها أخبرت قائدهم أنّه بواسطة إيلين سيتمُ اِطلاق سراح والدِه وأخواه القابعين في السّجن، أمّا أنا فأخبرتني أنْ أجعلَ الأمور تسيرُ بطبيعيّة وكأنَّ الأمر حدث بشكل عفوي، أشعرُ بالندم عندما تعمدت تركها لوحدها ليتمَّ اِختطافها متعذرةً بالأمير كونار أنّني ذهبتُ لتفقُدِه، لكن أركان أفسد خطتنا وضرب جِدارها ضربَ الحائطِ في آخر لحظةٍ جاء لينقذها وكان هذا آخر توقعاتنا، فنحن آلِفْناهْ لا يأبهُ بشيء ولا يعنيه أمر اِنْ تعارضَ مع مصالحِه.
أنت تقرأ
رواية إيلين
Fantasíaالوّحدة حفرةٌ عميقة تسحبنا لأعماقها، وأنا لم أسلم مِن ظّلامها إلى أنْ سطعَ نورٌ خافتٌ وقادني للأعلى، حلقَ بي لسّماءِ الحريّة، آراني جمالَ العالمِ وأطلعني على أسرارهِ الخفيّة. تعلقَ قلبي بمنقذي وراحَ يرقصُ فرحًا على أنغامِ عزفه، لكن كلُ شيءٍ تغيرْ ع...