مع كل خطوة أخطوها يتبدد أملي ويهوي قلبي وأنا ألمح في ظل جناحين، صوت لحنه يخترق مسامعي يستقر داخلي تتزحلق الدموع من على وجنتي تتسابق لتتساقط على الأرض، شفاهي لاتردد سوى في إسم سالار ترتعشان وكأن عاصفة جليدية تعصف بهما.
كان يعطيني بظهره بينما يمسك بآلته الموسيقية يعزف بمهارة وإحترافية عالية لكنه ليس سالار، رأفة بقلبي يادنيا ليس بوسع ساقاي حملي إسود العالم من حولي، ثواني وجسدي يهوي إلى الأرض التي ترغب بإحتوائه والتخفيف من آلامه لكن جويس وصلت في الوقت المناسب وأمسكتني، رميت بثقلي عليها مثل جريحة في معركة خاسرة.
ضيقت من حدقتا عيونها عندما إستدار ووقف ذاك الشخص واضعة كفها على فمها رافضة الإفراج عن شهقة تجاهد كي تخرج للعلن، أما أنا أرخيت جسدي حتى لم يعد بوسع جويس مقاومتي جثوت على ركبتيا أبكي بحرقة وأطالع ذاك الذي أحرق قلبي جاعلا منه شظايا زجاج مبعثرة أعجز عن لمها، ضرب أمالي ضرب الحائط فرحت أعاتبه بشدة:
" لماذا ياكونار؟ لماذا فعلت هذا بي؟......... "
أما هو فنظراته مبهمة لاتحمل أية معنى يحملق في عيوني فقط دون أدنى كلمة، ثم إنتفضت عندما لاح سؤال في ذهني من أين له بآلة الكمان الخاصة بسالار؟ كيف يتقن عزفه وكأن أنامل سالار هي التي تعزف؟ ولاتختلف عني جويس التي أبدت ردة فعل واضحة تعبر عن مدى تفاجأها قائلة لكونار:
" سموك لم أكن أعلم أنك تتقن العزف إلى هذه الدرجة، إن لحنك مثل السحر يخذر الحواس يسافر بالعقول إلى عالم ثاني "
أما أنا فإتجهت نحوه قابضة عليه من ياقة ردائه متعصبة متغيرة المزاج أريد أن آخذ ماهو ملكي هذه الآلة تعني لي كل شيء، هززته بعنف جيأتا وذهابا بصوتي الممزوج بكل التناقضات والأحاسيس:
" أخبرني ياكونار من أين لك بهذه الآلة؟ من علمك هذا اللحن؟ ستعطيني إياها أرجوك إنها تعني لي الكثير...... "
حملق في عيوني برهة من الزمن ثم مد يده نحو يدي ووضع فيها آلة الكمان وأدار ظهره علانية وإنصرف من المكان تاركا إياي في حيرة من أمري.
السكون يخيم على المكان نسمات هواء باردة تداعب خصلات شعري الفاحم الحريري، دموع مالحة مابرحت تنفك عن مفارقة عيوني، إنتفخت جفوني وتحطمت روحي وأنا أنظر للعالم بنظرة منطفئة، أحبس نفسي منذ أيام في غرفتي أراقب من شرفة قصري حلول الصباح بشمسه الدافئة وأستمر على هذا الحال حتى غروبها في المساء لأودع معها يوما بائسا آخر محتضنة آلة الكمان كنزي الثمين الذي يربطني بسالار يذكرني بأجمل الأيام.
قطعت سرحاني جويس بمجيإها المفاجأ مخاطبة إياي بكل لباقة وإحترام:
"عذرا على إزعاجك سموك لكن الأمير فريدي يطلب رؤيتك"
أومأت برأسي إيجابا:
" أخبريه أن يتفضل إلى هنا "
أنت تقرأ
رواية إيلين
Fantasyالوّحدة حفرةٌ عميقة تسحبنا لأعماقها، وأنا لم أسلم مِن ظّلامها إلى أنْ سطعَ نورٌ خافتٌ وقادني للأعلى، حلقَ بي لسّماءِ الحريّة، آراني جمالَ العالمِ وأطلعني على أسرارهِ الخفيّة. تعلقَ قلبي بمنقذي وراحَ يرقصُ فرحًا على أنغامِ عزفه، لكن كلُ شيءٍ تغيرْ ع...