الفصل الثامن والعشرون: إيلين

74 8 15
                                    

لا أحد يستطيع رؤية الجانب المظلم منا إلا في  أوقات ذروة غضبنا، عندما يلتهم الظلام كل بصيص نور وعندما تهزمنا عواطفنا السوداوية.

على كل حال فالأمر حسم بالنسبة إلي سأمضي في دربي الشائك وسأجعل نفسي أغرق أكثر فأكثر في مستنقع الحزن ومحيط الثأر والكره.

ليتني أمتلك قوة عظيمة أسحقك بها يا أركان لحظتها لن اُجبر على ارتداء قناع الصداقة المزيف والمشاعر المظللة.

أم أن قربي منك جعلني أكثر سوداوية هالتك المظلمة تغذيني كل ثانية، هل تظن أنني سأمررها مرور الكرام؟ لقد قتلت سالار وهذا الذي لن أغفره لك مدى العمر.

كنت أتمعن النظر فيه بعينين باهتتان فنفسي لم تعد تطيق هذه المسرحية، لم يعد بوسعي اخفاء كرهي له، نطقت بصوت خافت يحمل في ثناياه لعنات:
" الموت أرحم لي من عيش هذه المهزلة أشعر بالقرف "

لم يبادلني النظرات بل اكتفى بالتحديق في الفراغ وملامح وجهه تزداد حدة وغرابة:
" من ماذا تشعرين بالقرف؟ "

نطق تلك الكلمات بصوت خشن جعلني أشعر بالخوف، أرغب بالانتقام لكن قوتي لاتسمح لي بمواجهته لذلك اكتفيت فقط بجعله يعلق في شباك الحب ومن ثم أحكم قبضتي على قلبه واُحرقه مثلما أحرق قلبي الذي لم يشفى بعد.

بخطوات متثاقلة وقفت أمام نافذة الغرفة الواسعة أحدق في السماء وماتحمله من أمال مسترسلة في الكلام:
" لا أعلم "
انتفض من مكانه جاذبا إياي من خصري مقربا جسدي منه حتى أحرقتني لفحات هوائه الساخن وشرر عينيه الغاضبتين:

" أوَّكنتِ تقصدينني بالقرف؟ "
لم يترك لي مجالا لتبرير ليزيد من شدة قبضته، كان صوته مرعبا جدا:
" من يسكن بداخل قلبك أجبيني؟ "

شهقت وضاقت حدقتا عيني وخفق قلبي بعنفوان، لماذا يطرح هذا السؤال؟ رغم أنني كنت أعلم غايته لكنني تهربت:
" لا أعلم عما تتحدث "
" أنت تعلمين جيدا "

شعرت بتوتر يحط رحاله فوق صدري وبكلماتي تتقطع وتتباعد خوفا من ردة فعله فأنا أعلم جيدا أنه يمقت سالار:
" أنا..... أنا..... "
بحركة خاطفة أفلتُ نفسي من قبضته واِبتعدت عنه ثم صرخت بأعلى صوت:
" لا أحد يسكن في قلبي غيره.... "

لم اُكمل جملتي لتأتيني صفعة قوية على خدي جعلت الدماء تتطاير في أرجاء الغرفة لتطبع على الجدران، لحظتها شعرت أن فكي قد كسر وأنفي تهشم لكنني لم أذرف ولو دمعة واحدة وكأن محجراي قد جفتا من السوائل.

سقطت أرضا مسقطة بذلك الكثير من الأثاث لكنني وقفت من جديد وكأنني أتحداه، ليقترب مني أكثر حاملا إياي من ياقة فستاني رفعني إلى السقف حتى أحسست بأنفاسي تتقطع، كنت أحاول تخليص نفسي لكن نظراته الحادة أكثر ما يفزعني، نطقت بكلام متحشرج وكأن فقاعة صمت تغمغمني تمنعني من شتمه:

رواية إيلين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن