في اليومِ التالي ذهبَ آرثر ورفاقهُ لعيادةِ كروس الذي كان مصاباً بإصاباتٍ بالغة، إلا أنَّهُ بقوِّةِ إرادته كان يقاومُ الألم، فعندما التقوا بهِ كان يتبسمُ لرفاقهِ ويشكرهم على زيارتهم، سألهُ آرثر بأسًى بادٍ على محياه: لماذا تكابرُ وتقاومُ هذا الألم؟
فجأةٍ اختفتِ الابتسامةُ من على وجهِ كروس، أنكسَ رأسهُ للأسفل، ثمَّ قال: لأنني أكرهُ الضابط مارك... رفعَ رأسهُ ينظرُ بعينينِ تتقدانِ شرراً، حادَّتينِ كشفرةٍ اُستِلَّت للقتل، ثمَّ تابع: لقد حرقَ مزرعتنا التي فلحتها لأعوامٍ بيدي، وقتلَ عائلتي بسيفهِ الطويل، ضربهم وكأنَّهُ يضربُ أعوادَ ثقاب، بضربتينِ كانَ قد أنهى على حياتهم، تحتَ أنظاري أنا الخائفُ والعاجز، لم يكن لديَّ حيلة، كنتُ ضعيفاً، أمَّا الآن... فأنا أريدُ أن أغدو قوياً لأنتقمَ منه، وإن لم أستطع أريدُ مساندتكَ لقتلِ ما تبقى من سلالتك، فأنا متأكدٌ وكلي ثقة بأنَّهم سيلحقون بك عندما يلمعُ اسمك، وسيسفكون دماءَ الأبرياءِ مجدداً ليحصلوا عليك، لا أريدُ لما حدثَ لعائلتي أن يتكررَ مجدداً.
تأثر جون ومسحَ عينيه اللتانِ دمعتا، دريك طبطبَ على كتفِ توم، آرثر قامَ بمعانقةِ كروس قائلاً: لا تخف يا صاح، كلُّنا لدينا هذا الهدف، سأحرصُ على الانتقامِ لعائلتك.
صرخ كروس: لكن لا تظنَّ أنني لن ألحقَ بك!
استغربَ آرثر كلامَ كروس ونظرَ لهُ ببلاهة، سألهُ جون مستفسراً: ماذا تعني؟
أجابَ ببرود: عليكَ يا آرثر أن تكمل تدريباتك، وأنا سألحقُ بك قريباً عندما أتعافى تماماً! اختتمَ كلامهُ بابتسامةٍ دافئة ومشرقة.
سأل آرثر: بالمناسبة، كيفَ أتيتم أنتم إلى هنا؟
ردَّ جون: لقد كانَ يوماً مشتعلاً! ولكن لا أظنُّ أنَّ قصصنا تختلفُ عن روايةِ كروس، كلُّنا قد عانينا من قتلِ عائلاتنا ومنقذينا عند هربنا، ولم نرَ إلا الدماءَ تروي الأراضي وتطفئُ النيران المتقدة.
تابع دريك: لقد كنّتُ أهربُ من مصيري وأجري في الأزقةِ وسطَ أنهارٍ من الدماء، كانَ شيئاً مقززاً حقاً...
أكمل توم: الشيءُ الذي قهرني أنني رأيتُ مقتلَ الفتاةِ التي أحبُّها أمام عينيّ ولم أستطع فعلَ شيء، لقد كنتُ بلا حيلة، ضعيفاً وساذجاً، لستُ رجلاً كفوءاً بما أنني لم أستطع حتى حمايةَ فتاةٍ أحببتها تطلبُ نجدتي.
تأثر آرثر بما قالوه جميعاً، تنهد ثمَّ رفعَ شعرهُ للأعلى، قال لهم: أستسمحكم جميعاً، أريدُ إكمالَ تدريباتي، سأذهبُ للبحثِ عنِ الضابطِ مارك.
في تلكَ الأثناء كانَ مارك في مكتبِ قائدِ الفيلق (الرجلُ الصالحُ سابقاً) كانا يتحاورانِ حولَ أمرٍ ما، ومن جملةِ حوارهما جرى الآتي:
قائدُ الفيلق -الضابطُ كايدن: حسنٌ سمعتُ أنَّكَ تتولى تدريبَ ولدٍ آخر بالإضافةِ لفتى النبوءة... ما معنى هذا؟! ألا تلاحظُ أنَّكَ تتمادى في اتخاذِ القراراتِ بنفسك؟ ثمَّ فسر لي لماذا قتلتَ إحدى السبايا في رواقِ غرفةِ روكس؟
أنت تقرأ
فراغ
Mystery / Thrillerفي زمنٍ ما كانتِ الحروبُ تُقامُ في كلِّ أوان، وذريعتها نشر الدينِ الجديدِ بين البلدان، لكنَّ هناك سبباً آخر مخفياً بين السطور، فهل سينالون مرادهم أم سنراهم في القبور؟ بطل القصةِ يحملُ سراً لا يعيه، فهل هو ضالتهم أم لديه ما يبحثون عنه؟ تنويه: قد تحتو...