بوابة الجحيم

1 1 0
                                    

بكى وبكى وبكى، هذا الصبيُّ الذي بلغ ما فوق العشرين، يبكي الآن لأنَّهُ لم يلاقي والدتهُ ثانيةً ولم يستطع التحدث معها، يبكي لأنَّ الحمل ثقيلٌ عليه ولا يوجدُ من يشاركهُ هذا الهم، يبكي لأنَّهُ فقد كلَّ من يثقُ به، يبكي فقط، يريدُ أن يسمعهُ أحدٌ ويساعده، لكنَّ أنانيتهُ وكبريائهُ يفرضانِ عليهِ الآنَ أن يبكي وحيداً، فهو في عينِ نفسهِ بطل، والبطلُ في قاموسهِ لا يتأففُ أو يبكي...

ستيلا آنذاك تنهدت، كانت تتحدثُ لا تخاطبُ أحداً إلا أنَّ تلك المحققة قد سمعت حديثها كاملاً حيثُ قالت: آهٍ يا آرثر، بقيتَ المُخلِّصَ من غير إرادةٍ منك، تحملُ هموم العالمِ كلَّهُ فوق كاهلك، لم أستعملها قط في حياتي، ولكن أرى أنَّكَ تستحقها، قدرتي لا تشفي فقط الجروح والآلام، بل قادرةٌ أيضاً على شفاءِ مشاعرِ النَّاسِ وأرواحهم...

تفتحتِ الزهرة على يدِ ستيلا محيطةً بآرثر بكمٍّ من الطاقة، بعد برهةٍ توقف عن البكاءِ وذهبت عنهُ غمامةُ الأفكارِ السلبية، ارتاح الآن وأصبح أفضل عن ذي قبل، هل هذا حقيقي؟ ألم بكن منهاراً يبكي بهيستيرية، ما الذي يجري الآن له؟ لم يرمِ بالاً، قام من مكانهِ نفض ملابسهُ قليلاً، مسح وجههُ المبلل من دموعهِ الفائضة، واعتزم العودة للثكنة لكي بنام ويصفي أفكاره.

عندما عاد وجد آميراس وناثانيال ينتظرانه في المبنى أمام غرفته، لم يقل سوى: سأنام، وهو داخلٌ غرفته، بقيت آميراس جالسةً على الأرضِ أمام الغرفة أما ناثانيال فقد بقي واقفاً، كلُّ هذا لمنعِ أيِّ إزعاجٍ قد يعكرُ صفو نومِ آرثر...

في تلك الأثناء كانت تلك المحققة قد دلفت مكتب القائد إرنستو، سألها: ماذا لديكِ اليوم كاتيا؟

ابتسمت بخبثٍ مجيبةً إياه: وجدتُ المُخلِّص الذي يبحثُ عنهُ الرئيس.

قام إرنستو من مكانهِ متفاجئاً، صرخ قائلاً: أين؟ من هو؟

أجابته: إنَّهُ الضابطُ آرثر! الرجلُ الذي حصلنا عليهِ من الإمبراطورية وقامت حربٌ طاحنة لأجله، لم أتوقع بحق أن يكون هو، لا عجب أن حرباً كاملة قامت لاستعادته.

ضحك إرنستو ضحكة خفيفة ثمَّ قال بخبث: هكذا إذن... لا بدَّ أننا حصلنا على صيدٍ ثمين، ستحصلين على مكافئةٍ يا
كاتيا.

قام من مكانهِ وتوجه نحو البابِ بخفة، سألتهُ كاتيا: إلى أين سيدي؟

أجابها: وإلى أين تظنين؟! سأذهبُ لأبلغ الرئيس!

قدَّم إرنستو حينها طلبا لوزير الحربيةِ ليقابل الرئيس، وشرح له في الطلبِ دواعيِّ اللقاء، قوبل الطلبُ بالموافقةِ من فوره، فالرئيس كان يبحثُ عنِ المخلص منذُ مدةٍ طويلة.

بعد بضعِ ساعاتٍ توجهت كاتيا لمكتبِ آرثر، حيثُ أنَّهُ لا يفضلُ النوم في المهجع، بل يمكثُ في مكتبهِ طيلة الوقتِ خوفاً من أن يستغفلهُ أحدٌ أثناء نومه، يحاولُ أخذ حذره قدر الإمكان، مع علمهِ أنَّهُ لن يموتَ بهذهِ السهولة وهو من ذُكِرَ في الكتابِ المقدَّسِ ليخلِّص بني جنسِهِ من عذابهم...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 24, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

فراغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن