لقاءٌ غريب...

7 2 0
                                    

في ساحةٍ مليئةٍ بالخيام، تحتَ بعضِ الغيومِ وأضواءِ النجوم، القمرُ اتخذ مسكناً خلف الغيم، بجانبِ نارٍ متقدةٍ يجلسُ آرثر يفكر بكيفيةِ إنهاءِ الحُروبِ في العالم، ومنعِ إراقةِ الدماءِ واستغلالِ القوى البشرية، أتت آميراس لتجلس بجانبه، سألته حالما جلست: فيمَ تفكر؟ أراكَ شارداً كثيراً مؤخراً...

أجابها دون النظرِ إليها: لا شيء مهماً...
قالت له: بربك لقد بقيتَ برفقتنا شهرينِ وربما أكثر، يمكنني الشعورُ بكَ والتماسُ مشاعرك.

أجابها: فقط أريدُ طريقة أقتل بها سلالاتِ العشائرِ المبعثرة هنا وهناك، وإنهاءَ استغلالهم لإيقافِ اشتعالِ الحروب في العالم، وهذا بأقلِ خسائر ممكنة...

شعرت آميراس بشيءٍ من العمقِ في كلامِ آرثر، لم تتوقع أنَّهُ بهاته العاطفة والجدية، لم تتوقع بأنَّهُ صاحبُ قلبٍ كبيرٍ ويضمرُ الحبَّ لجنسِ البشر، سألته بعدها: ما نوعُ الخسائرُ التي تقصدها؟

أجابها آرثر: خسائر بشرية، لقد قصدنا الكثير من القرى وكلُّ قرية كانت تحوي عائلةً واحدة من سلالة عشائر الوشوم، لكن برأيكِ لما لم تجدوا أيَّاً منها أثناء تمشيطكم وتفتيشكم؟

ردت آميراس: لا تقل لي...

قاطعها آرثر قائلاً: لحسنِ الحظِّ أنِّكم كنتم تسوون الأمر بتفتيشٍ بسيطٍ، لهذا كنتُ أسبقكم وأقتلُ تلك العائلة الوحيدة في تلك القريةِ الصغيرة، ومن ثمَّ أرمي الجثث بعيداٍ، إن كنَّا سنلجأُ للحساب؛ في القريةِ الواحدة قرابة عشرين منزلاً، في كلِّ منزلٍ عائلةٌ واحدة، قتلي لعائلةٍ من أصلِ عشرين لهي تضحيةٌ لا بأس بها من أن يتم قتلُ التسعَ عشرةَ الآخرين من أجلِ تلك العائلة.

وقفت آميراس متفاجئة، لم تتوقع أن تلقى هكذا جواب، أنكست رأسها للأسفلِ مُحرَجة، ثمَّ قالت: في الحقيقة... أتمنى لو أنني بهذهِ الشجاعةِ والجرأةِ اللتين تتمتع بهما، أنا لستُ مثلك... وفوق هذا أفتقر للقوة، لا أستطيعُ إحلال السلامِ على الرغمِ من أنني أتمناهُ في قلبي، لا أستطيعُ إنهاء الحروبِ وأنا بهذا الضعف، انضممتُ للجيشِ لعلِّي أرتقي سُلَّم الرتبِ وأعتلي السلطة، شعرتُ بأنني ربما قد أحقق شيئاً ما هكذا... لكن يبدو أنني فشلتُ في هذا أيضاً... أنتَ الآن قائدٌ للكتيبةِ التي أقودُ منها سرية، وأخي الأكبرُ الآن قائدٌ للواءِ الذي أنتمي له، لن أستطيع فعل شيءٍ أبداً...

قاطعها آرثر قائلاً: هذا لأنَّكِ خائفة، ليس ضعفاً ما تمرين به، بل هذا ما يُسمى بالخوف.

نظرت لهُ بقلةِ حيلةٍ وحيرة، ثمَّ تابع: أنتِ خائفةٌ من أخيكِ الأكبر، أنتِ قويةٌ جداً لكنَّكِ لا تثقين بقوتكِ هذه، هذا كلُّ ما في الأمر،  تستطيعين قتل أخيكِ وربما قتلي أيضاً، لكن دامكِ تؤمنين بأنَّكِ فستكونين كذلك،  وستبقين كذلك أيضاً.

أنكست رأسها للأسفلِ مجدداً وقالت: لكن بالنسبةِ لأخي، فهو بالفعلِ أقوًى مني، إن خنتهُ أو فعلتُ أمراً ما سيقتلني بلا شك...

فراغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن