حقيقة آيسل

14 3 30
                                    

-أُريدكَ أن تقتلني وتدفنني هنا، آرثر...
بلعتُ ريقي مراراً من ذعري، كيفَ أقتلها وهي امرأة؟ وفوقَ هذا هي حامل، وأيضاً زوجةُ خالي، لم أكن قدِ استوعبتُ ما يحدثُ بعد، لكن... بالنسبةِ لشخصٍ يبتغي الموت أوليست هادئةٌ أعني أنَّها ستموت، لماذا هي بهذا الخضوع؟! لا أعلمُ ما يحدث لكنني قررتُ أن أُحقق رغبتها، ما إنِ انتهت من معالجةِ كروس حتى رفعت يدها عنه، لا تزالُ جالسةً على الأرضِ بهدوءٍ مريب، وكأنَّها تنتظرُ زوجها ليعودَ من مكانٍ ما، ليس وكأنَّها ستُقتلُ هنا، استللتُ سيفي متردداً... بلعتُ ريقي ثلاث مرات، أنا خائف، مستحيلٌ لشخصٍ ما يعلمُ أنَّ ما بينهُ وبين الموتِ ضربةٌ واحدة أن يكون هكذا، ما الذي يجري؟! سألتُها بترددٍ واضحٍ في رجفةِ صوتي: أأنتِ فعلاً تريدين الموت؟
أجابت واثقة مع ابتسامةٍ بسيطة: إيه! لماذا أنتَ مرتبكٌ هكذا؟ أليسَ هذا الأصلح للأمة؟ ليس عليكَ الخوف...
لم أدرِ ما بي آنذاك لكنني بحق قد كنتُ خائفاً، هناكَ أمرٌ ما ليس صائباً، تنفستُ قليلاً لعلِّي أتخلصُ من القليلِ من سلبيتي... شهيقٌ وزفير، مرةً أُخرى، أجل هكذا تماماً... رفعتُ سيفي في الهواءِ عالياً، يداي ترتجفان، وأنا أتصببُ عرقاً، لستُ متوتراً كلا... هذا بالتأكيد سببُهُ حرُّ الشمسِ المتمركزةِ أعلاي، عليِّ أن أهدأَ قليلاً... زفرتُ لآخرِ مرة عازماً على دقِّ عنُقِها، لم أرد لهذا أن يحدثَ قط... تباً لمارك هذا، دوماً ما يضعني في مواقف كهاته... وأنا أدُقُّ عنقها أغمضتُ عيناي حتى لا أرى دماءها وأضعف من شعوري بالذنب، ولكنني عندما فتحتهما اكتشفتُ أنَّ سيفي لم يجرحها حتى!

ما هذا؟! كيفَ حدثَ هذا؟ ما الذي يجري هنا؟ لماذا لم يقطعها سيفي؟ كيف يعقلُ أنَّها لم تخدش حتى؟ باتَ الأمرُ يقلقني أكثر، كيفَ يعقل أنَّهُ لم يحدث أيُّ شيء؟ عاودتُ الأمر مراراً وتكراراً، لا فائدة، سيُكسرُ سيفي قبل أن تُقطعَ رقبتها، ماذا يجبُ أن أفعل، تباً للموقفِ الذي أنا فيه!

اكتسحَ وجهُ آيسل ابتسامةً عريضة، ثمَّ بدأت بالقهقهة بصوتٍ خافت بدأ يعلو تدريجياً، وقفت من مكانها بعدما انتهت من ضحكتها المخيفة، استدارت ثمَّ نظرت لآرثر ببرود وقالت: أتعلم؟ لقد كنتُ أرفعُ شعري عن وجهي دوماً وأُضطرُ للابتسامِ رغماً عني، وكوني فتاة كان عليَّ أن أبتسمَ ابتسامةً هادئة وبسيطة أما الآن... نزعت دبوسي الشعرِ بسرعة فانسدلَ شعرها على وجهها ثمَّ تابعت ببرودٍ وهالةٍ مرعبة تحيطُ بها: الآن أريدُ أن أبتسمَ وأعبسَ كما يحلو لي من دونِ خجل.

انتفضت بسرعة وكأنَّها قد نسيت أنَّها حامل، بسببِ أنَّ آرثر قد ابتعد عنها حينما فزع بأنَّ سيفه لا يعمل، انتفضت نحوه تحملُ دبوسيِّ الشعرِ الحادينِ كما لو أنَّهما خناجر، هجمت عليهِ بكلِ قوتها أما الآخرُ الذي لا يزالُ مشتتاً فقدِ اكتفى بالصد.

آرثر مرتبكٌ جداً، خائف، حائر، لا يعلمُ ماذا عليهِ أن يفعل، مشتتٌ ذهنه، يكتفي بالصدِّ بينما تلك المرأة التي للتوِ التقى بها، تحاولُ جاهدةً قتلهُ والإطاحةَ به، هذا سيء، لكنَّهُ قد فكر، لماذا قد يكونُ هذا القتالُ جدِّياً لهذهِ الدرجة؟ أليست تبتغي الموت؟ لماذا هي تقاتلُ باستماتة، وتضحكُ تلك الضحكة المريبة، الضحة المفزعة التي سئم سماعها، وسئم ترددها في مسامعهِ كلَّ دقيقة، لا تزالُ آيسل صامدة، كيفَ عساها تقاتلُ بضراوةٍ وهي حامل؟! يتبادرُ لذهنِ آرثر العديدُ من الأسئِلةِ الآن، ولكن ليس لها أيُّ جواب.

فراغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن