ترك مارك آرثر في تلك الغرفةِ الباردة وحيداً هو وصندوقُ الطعام، كان آرثر يتضور جوعاً، تعباً، منهكاً، أفكاره السلبية تستمر بالتدفق حتى الساعة، لا يستطيع الإتيان بحركة، ليس قادراً على أن يتحرك ويذهب للصندوق حتى يقدر أصلاً على فتحه، فجأةً وجد نفسه نائماً من شدة التعب، الأفكارُ عندما تدفقُ في الرأسِ ويبدأُ الصداع بالتخلخل في أعصابِ الرأس، فإنَّه لا يتركُ صاحبهُ حتى يقتله في عزِّ حياته...
أثناء نومِ آرثر وجد نفسه داخل دماغه، أمامهُ تلك الأفعى السوداءُ الغليظة، وسطَ فضاءٍ أسودَ بهواءٍ مسموم، مريضاً غير قادرٍ على الوقوف حتى، خاطبتهُ الأفعى: إن أردتَ أن أُعيركَ قوتي فلتفعل ما تؤمر بهِ مني.
التفتَ آرثر للأفعى ونظر لها بتثاقل، أجابها: بماذا تأمرين؟!
ردتِ الأفعى: عليك الإيمان، الإيمانُ بالإلهِ الواحد، والإيمانُ بي.
سألها: كيف أفعلُ هذا؟
أجابت: فقط فكر فينا وأقنع نفسك بأننا لدينا القوةُ التي ستخدمك، ثمَّ اطلب منا إعارتك إياها، القناعة هي المفتاح.
سأل آرثر: هل إذا آمنتُ بكما ستعطيانني قوةً لأفتح الصندوق وآكل؟
ردت: بالطبع، سنسخرُ لك قوةً تُسعدُ بها.
آرثر: إذاً أنا مؤمنٌ بقوةِ الإله والأفعى المرتسمةِ علي، يا أفعى أعينيني بقوتك، افتحي عينيكِ وبثي القوة في داخلي.
أنكستِ الأفعى رأسها للأسفل ثمَّ قالت: كما تريد...
عاد آرثر إلى غرفته المقيتة، قام من مكانه، حاولَ فتح الصندوق، لكنَّهُ لم يفتح، قال للأفعى: أحتاجُ قوّةً أكبر! أعاد المحاولة، تعذب قليلاً لكنَّهُ فتحهُ أخيراً، وعند فتحه وجد أصنافاً من الطعامِ داخله، ولأنَّهُ كان يتضور جوعاً، بدأ بالأكلِ كوحشٍ كاسر، وكأنَّهُ لم يأكل قط، كأنَّما هو دبٌ جائع لأنَّهُ لم يستطعِ الصيد لأيام.
وهو يأكلُ طعامه أتى إليهِ مارك، أغلق الباب خلفه، ثمَّ خاطبه: أراك استطعتَ فتحه، هل كان الأمرُ صعباً؟
أجابهُ آرثر والطعامُ يملؤ فمه: كلا، ليس لتلك الدرجة.
ردَّ مارك: جيد، الآن احملِ الصندوق وخذه لرفاقك، سيجدون الأمر مفرحاً لِأن تتذكرهم ببعضِ الطعامِ الجيد.
قام آرثر من مكانه، أغلق الصندوق الخشبي، وحاول حمله، استصعب الأمر بالبداية لكنَّهُ استطاع هذا، حمله ولكن بصعوبة -بسببِ ضعفِ جسده، قال لهُ مارك بعد أن فتح لهُ الباب: غداً سأدربكَ على صقلِ جسدك، هذا لا يزالُ غير كافٍ، عليكَ أن تتدرب حتى تزيد قوة.
أومأ آرثر براسه متوجهاً إلى الغرفة الأخرى التي تحوي الأولاد، دلف إليها وذهب لأصحابه القلقين عليه، الذين ابتسموا لمجيئه، تقدم إليهم واضعاً الصندوق أمامهم، فتحهُ وقال لهم: هذا الصندوقُ لكم، كلوا ما تشاؤون، أما أنا فقد سبقتكم لذا لا داعي لتقلقوا علي.
أنت تقرأ
فراغ
Tajemnica / Thrillerفي زمنٍ ما كانتِ الحروبُ تُقامُ في كلِّ أوان، وذريعتها نشر الدينِ الجديدِ بين البلدان، لكنَّ هناك سبباً آخر مخفياً بين السطور، فهل سينالون مرادهم أم سنراهم في القبور؟ بطل القصةِ يحملُ سراً لا يعيه، فهل هو ضالتهم أم لديه ما يبحثون عنه؟ تنويه: قد تحتو...