أشر لهُ الرجلُ على الطريق، فذهب آرثر سيراً في الاتجاهِ الذي دُلَّ عليه، غير آبهٍ بما سيحصلُ معه، المهمُ بالنسبةِ له أن يتابع هدفه وينتقم لأصحابه.
أثناء سيره بعد بضعٍ من الساعات، لمح شيئاً كسريةٍ أو كتيبةٍ آتين من بعيد، عرف أنَّهُ قدِ اقترب من هدفهِ لربما، فتابع مسيره باتجاهها، ولربما أصبح يستعجلُ في مشيته، لم يكن متوضحاً لهُ فيما إن كانت سريةً أم كتيبةً بسببِ بعدها -نظراً لأنَّ الكتيبة تضمُّ ثلاثاً من السرايا، لكنَّهُ لم يكن آبهاً بما سيكونُ عددهم، يريدُ فقط الوصول للرأسِ الكبيرِ بينهم "الضابطِ نيكولاي".
بعد ساعتينِ من المسير المتواصلِ مما قد أضنى العياءُ آرثر، ارتطم فجأةً بقائدِ الكتيبةِ التي كانت متوجهةً لعرباتٍ ضمة تقلهم للإمبراطورية؛ إما لإعاثةِ الفسادِ فيها أو أنَّ هناك ما يتطلبُ مجيئها، يترأسُها ضابطٌ ولكنَّّهُ ليس بالضابطِ نيكولاي، نظر لآرثر ذو الوجهِ المغطى بقبعةِ العبائةِ بقرف، ثمَّ صرخَ بهِ هادراً: أيُّها الحشرة فلتبتعد عن طريقي!
لم يبرح آرثر مكانه وبقي ينظرُ نحو الأرض، نفذ صبر الضابطِ فصاح مجدداً: ألم تسمعني؟ أأنت أصمُّ أم ماذا؟
تنهد آرثر وسألهُ ببرود: أأنت قائدُ هؤلاءِ الجرذان؟
اشتعل فتيل غضبِ الضابطِ أكثر بعد أنِ استفزه آرثر، فأعاد آرثر طرح السؤالِ مجدداً بعد أن رمقهُ بنظراتهِ الحادةِ كسيفٍ استُلَّ للقتل: أأنتَ قائدُ هؤلاءِ الجرذان؟
ردَّ الضابطُ بسؤال: ومن تكونُ أيُّها الحشرة؟
أجابهُ آرثر ببرود: إن كنتُ حشرة فأفضِّلُ أن أكونَ عقرباً، ولكن بوضعي الحاليِّ أعتقدُ بأنني ثعبان.
سألهُ الضابط: ما هذا الأسلوبُ المتلاعب؟ أخبرني من تكون؟!
أجابهُ آرثر بنبرةٍ باردة وهالةٍ مظلمة قد أحاطت به: العقربُ الذي سيلدغك.حينها أمسك آرثر بخنجريه مداهماً صفوف الكتيبةِ من الداخل، تبعهُ قائدُ الكتيبة وقادة السرايا الثلاث، لا يجبُ أن يسمحوا للدخيل أن يدخل بلادهم بعد أن لم يرتاحوا له، حينها وسطَ مزيجٍ من الذعرِ والتشنجِ الذي أصاب الجنود لحظة مداهمتهِ لصفوفهم، كان آرثر يقطعُ رقابهم وهو يركضُ بسرعة، كأنَّما أفعى تبخُ سُمَّها على كلِّ من حولها، منظرُ الدماءِ المتناثرة كشلالاتٍ هابطة أصاب جنود الكتيبةِ بهلعٍ لا سابق ولا مثيل له.
صرخ بهم قائدهم: اثبتوا وتأهبوا، استلوا سيوفكم، لا نعلمُ من هذا بعد لكننا سنحاولُ أن نردعهُ ونقتله بأيَّةِ وسيلةٍ ممكنة.
جلُّ اهتمامِ قائدهم تلك اللحظة هو أن يكشف عن غطاءِ العقربِ الذي يلدغُ صفوفهم، كان آرثر مستمتعاً حاليا انتهى من الصفِّين الذي دقَّ رقابهم وصل لنهايةِ الصفّ، وقف يرتاحُ من الركض مقهقهاً بمتعة، توقف القادةُ من خلفهِ ينظرون لهُ مستغربين متعته هذه، بقي آرثر واقفاً يضحكُ، وحاليا انتهى توجه ببصرهِ إليهم وقال لهم: مستغربون؟ لن أدعكم تلمسونني لعلمكم، سأقتلُ كتيبة الجرذانِ هذه وسأترككم للنهاية، تبدون أقوياء لهذا أريدُ أن أحظى ببعضٍ من المتعة، هل لكم أن تنتظروا حتى أفرغ؟
أنت تقرأ
فراغ
Mystery / Thrillerفي زمنٍ ما كانتِ الحروبُ تُقامُ في كلِّ أوان، وذريعتها نشر الدينِ الجديدِ بين البلدان، لكنَّ هناك سبباً آخر مخفياً بين السطور، فهل سينالون مرادهم أم سنراهم في القبور؟ بطل القصةِ يحملُ سراً لا يعيه، فهل هو ضالتهم أم لديه ما يبحثون عنه؟ تنويه: قد تحتو...