أفابيل

6 2 0
                                    

- مرحبا يا صاحب الرائحة اللكريهة! ها نحن ذا نلتقي مجددا!
 
جحظت عينا آرثر عندما رأى وجه نيكولاي أمامه، صحيح أنَّه قد قصَّ شعره وقصَّره إلى حدٍّ ما، لكنَّ وجههُ وتقاسيمهُ وملامحهُ وصوتهُ لا يمكن لأحد أن ينساهم، متسمراً في أرضه - آرثر، ينظرُ لنيكولاي بحنقٍ ورعبٍ وغضب، والآخر متسمر في مكانه يضحكُ بهيستيريةٍ كالمجنون، عدا عن تلك الصدمة فإن آرثر كان في الأصل متشنجاً وتعباً من معركته مع تلك الكتيبة، لم يقوَ على فعل شيءٍ سوى الصراخِ والبكاء.

راح يصرخُ بهيستيريةٍ ودموعهُ تنهمر كشلالٍ من أعلى جبل، واضعاً يديهِ على وجه مغطيهِ بهما، يصرخُ فقط، لماذا؟ أهو غاضبٌ ام خائف؟ أهو حزين؟ ما الذي يجري بهدا الفتى حتى يصدح صوتُه في أرجاء الصحراء؟ بقي هكذا يصرخُ ويبكي يأبى الكلام أو رؤيةَ أحد لحين أُغميَ عليه، حينها انتشلوهُ من الأرض وأخدوه معهم.

فتح آرثر عينيه يحاولُ استيعاب ما جرى فقد كان رأسهُ يؤلمهُ بشدة، وجد نفسهُ أسفل سقفٍ أبيضَ وجدرانٍ تحيط به. كان نائما على سريرٍ أيضا، استغرب الأمر بما أن آخر ما رءاهُ كان صحراء قاحلةً مرويةً بالدماء ومليئةً بالجثثِ المتناثرة هنا وهناك. الغرفةُ كانت نظيفةً بشكلٍ مريب، تلمَّس جسدهُ فوجد نفسهُ سليماً معافى، لكنَّهُ في ذات الوقتِ أيضاً شعر بثقلٍ غريبٍ فوقه، حاول أن ينهض فوجد تلك الفتاة التي كلمتهُ في الصحراء جالسةً فوقهُ بوضعيةٍ وملابس مريبة، وفوق هذا تقرأ كتاباً، لاحظتِ الفتاة استفاقة آرثر فسألته: استيقظتَ إذن؟ أمستغربٌ من أنّي جالسةٌ فوقكَ هكذا؟ 

أجابها صارخاً: إن لم أستغرب من فتاةٍ جميلةٍ تجلسُ فوقي مرتديةً ملابسَ خليعةً وأنا منتصب ما الذي سأستغربُ منه؟ 

ارتعدتِ الفتاة واحمرت خجلاً وصرخت: أهذا... ؟ أكملت صراخها بعد أن قفرت على الأرض: تباً لقد ظننتُ أنَّها قدمكَ فحسب! 

صرخ فيها آرثر مجيبا: بربكِ أنا متشنج كيف لي أن أُحركَ قدمي؟! 

صرخت بهِ مجدداً: كفى! فلتستدر أريدُ ارتداء زيي العسكري! 

استدار وهو يجيبها: ارتديه في غرفتك!

قالت لهُ مستنكرة: وماذا سأقولُ لأخي؟ 

التفت إليها وسألها مستغربا: من أخوك؟ 

كانت ترتدي سترتها العسكريةَ حين أجابته: الضابط نيكولاي. 
سالها ببلاهة: أهوَ من قال لكِ أن تمتطيني بملابس خليعةٍ عندما أستيقظ؟ أليس ديوثاً بعض الشيء؟ 

نظرت لهُ وهي تضعُ قبعتها مجيبةً له: يهمه مصلحة البلاد ورضا روساءه، لهذا هو يستعملني كدميةٍ جنسية، لكن كل ما في الأمر أنني أمثل، أتركُ ملابسي في الغرفة وأذهب، فقط أجلس فوق الرجل ليرى أن الأمور تسير على ما يرام وأصنعُ بعض الأصوات. 

قالَ لها بنظرة بلهاء تعلو وجهه: أنتما الأخوة الأسوء!

ردت عليه: في النهايةِ يستطيعُ قتلي في غمضة عين، ليسَ وكأنني أريدُ الموت قبل أن أجدَ حبَّ حياتي! 

فراغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن