هنالك في الممر، أحدٌ ما قادم، فالكلُّ يستمعُ إلى معزوفةٍ من طقطقةِ حذائه الجلديّ، نظرَ الجميع إلى المدخل منتظرين الآتي، وإذ بهِ قائدُ الكتيبة، الضابط مارك.
نفثَ مارك الدخان من سيجارته، تنهدَ ثمَّ نادى بعد برهة: فتى النبوءة!
وقفَ آرثر وصرخ: لديَّ اسمٌ بالفعل!
استدار الضابط وهمَّ بالخروج، ردَّ عليه: فلتتبعني.
خرجا الاثنين من تلك الغرفةِ المقيتة تحت أنظارِ الجميع، أصدقاؤه القلقين على مصيرهم، والأطفالُ الآخرين الذي لا يريدون لقاء حتفهم هنا، توقف الاثنان في منتصفِ الممر أما بابٍ ما، ثمَّ قال له مارك: حان وقتُ تدريبك.
صاح آرثر مستغرباً: على ماذا سأتدرب؟
ردَّ مارك: على قتلي.
صاح آرثر مجدداً: هل تعي ما تقول؟!
خلعَ مارك سترته العسكرية، ليبان على طولِ عموده الفقريِّ أفعى سوداءُ غليظة، ثمَّ ردَّ عليه: بالطبع يا ابن أختي، لا تظنَّ بأننا لا نملكُ ذات الهدف.
صاح آرثر مجدداً، كان غير مستوعبٍ لما قد حصل للتو: ماذا؟ أمي أختك؟! وإذن لماذا قتلتَ زوجها و...
استدار مارك ورمقَ الفتى بنظراتٍ مرعبة مما أسكته، ثمَّ قال: يا فتى إنَّ صوتكَ عالٍ جداً ألا تعي هذا؟ أبوكَ كان تابعاً لنا وحياتهُ ومماته بين يدينا، الآن ألم تقل لرفاقك أنّكَ تريدُ قتلَ الذين من قبيلتك؟ إذن يجبُ عليكَ التدرب لهذا.
سأل آرثر: وعلى ماذا سأتدرب بالضبط؟
ردَّ مارك وهو يخرجُ مفتاح الغرفةِ من سترته: على التحكم بأفعاك.
سألَ آرثر مجدداً: لماذا تفعلُ هذا؟ تعلمُ أنَّكَ تستطيعُ قتلي الآن أليس كذلك؟
تنهدَ مارك، ثمَّ رد: لا أستمتعُ بقتلِ الضعفاء.
-أتقصدُ أنَّهُ لا بأس لك بقتلي؟
رد مارك وهو يفتحُ الباب: ولمَ لا أفعل؟
صاح به آرثر: لكنني ابن أختك!
استدارَ مارك ورمقهُ بنظراته المرعبة مجدداً، أمسك بهِ من ياقته ورفعهُ عن الأرض، ثمَّ قال له: يا طفل انقش هذا في قلبك، لن ينجو من يدعُ عواطفهُ وضميره يتحكمان به!
صمتَ آرثر وأحسَّ بأنَّ شيئاً ما قد لامس جوفه بالفعل، فتح مارك الباب، ثمَّ دلفا سوياً غرفةً كبيرةً تكادُ تكونُ فارغة، فيها فقط صندوقٌ خشبيٌّ ما في زاوية الغرفة، أشّر مارك على الصندوق باصبعه، ثمَّ أمر آرثر: أترى هذا؟ فلتحمله وتنقله إلى الزاوية الأخرى.
ردَّ عليه بجفاء: وبمَ سيفيدني حمله؟
نظر مارك إليه بنظراتهِ الباردة: صدقني هذا مفيد، ستتعلم كيف تغضبُ بصمت، أو كما يقولون تتألم ولا تتكلم.
أنت تقرأ
فراغ
Mistero / Thrillerفي زمنٍ ما كانتِ الحروبُ تُقامُ في كلِّ أوان، وذريعتها نشر الدينِ الجديدِ بين البلدان، لكنَّ هناك سبباً آخر مخفياً بين السطور، فهل سينالون مرادهم أم سنراهم في القبور؟ بطل القصةِ يحملُ سراً لا يعيه، فهل هو ضالتهم أم لديه ما يبحثون عنه؟ تنويه: قد تحتو...