الفصل 2: عشاء الدم!

23.1K 960 219
                                    

فيلا زاكاريادزي (كوتايسي)- جورجيا/ عام 2065.

⁦❥

ــــــــــــــــــــــ

«كل الرصاصات تركت جسدي... إلا خاصتُك

ـ

ـــــــــــــــــــــ

⁦❥

هزَّ الوزير الإيطالي رأسه منتشيا، حين تصاعدت فوق الطاولة السوداء العالية خيوط رفيعة من شذى الأطباق الممتلئة بأطايب المطبخ الجورجي، و تعانقت تدور و تتراقص حتى السقف، كأنها تؤدي عرضا لإغراء الأنوف، زحف أمين أسرار الوزير يكاد يحبو كالرضع إلى أقرب كرسي يجر سيده معه لرفع الحجاب عن الوليمة، تختلت آيلا بين الكراسي السوداء مرتفعة الظهور متفقدة أي نقص ممكن قبل أن تختفي، فيما اتخذت إيما لنفسها مكانا بين البطون المتلهفة مراقبة ردود فعل رجل تباطأ في الانضمام إليهم، ذلك البرتغالي الأسمر البارد الذي فضل أن يكون آخر الجالسين حول الطعام.
ترأس سيزار الطاولة ليجد نفسه وجها لوجه مع إيما التي كان من نصيبها الرأس الآخر، و لسعتها شرارة حادة ومضت في دهاليز عينين لا قرار لهما! خدرته لمعة فستانها الحريري القرمزي تحت ضوء مصابيح الثريا، و لم يغر أنفه سوى عطر واحد فرض نفسه فوق أكتاف شذى الأطباق، عطرها!
رشق جسدها بنظرات أقسى من الرصاص، و خلال ذلك انكب على غير هدى يتلمس خشب الطاولة الثقيل باحثا عن الكأس، ملاحظا أن إيما قد رسمت على شفتيها ابتسامة لعوب ماكرة! التقطت يسراه جسما باردا له ملمس الكريستال، فأيقن أنه عثر على كأسه أخيرا، دون يفارق بصره حدود وجهها.

-كان الطعام شهيا!

أتى صوت الوزير عريضا منفرا، خاصة و هو لم ينته من مضغ آخر لقمة بعد، لكن تقطيبة القرف التي كللت جبين إيما تلاشت حين رفع كأسه مرددا بسعادة:

-نخب صقلية التي ستكون في بر الأمان من الآن فصاعدا!

ارتفعت الكؤوس جميعا، ما عدا كأسين اثنتين، حدق سيزار في وجه إيما بنظر الصقور، ليس لها شكل مضيفة وديعة تعرض أفخم الشامبانيا لديها على وفد من الأعداء! بل لها منظر من يمكن أن يأخذ الروح من الجسد... و بكل برود! أعلن سيزار في ضجر واضح من سذاجة الإيطالي:

-صــقـــليــة فعلا على البر الآمن الآن...

تفرس في قسمات إيما و أضاف على مهل يشد الأعصاب:

-لكن الحمقى ليسوا كذلك!
-الضيف ضيف و لو كان ساذجا يبتلع الطعم بنهم!

جاءه رد إيما مشابها لشفرة سكين قاطعة، طافت الرؤوس فجأة، و تقلصت الأجساد من الآلام الممزقة، و بصقت الأفواه سيول الدم! حاول الوزير الوقوف لكنه خر صريعا على طبقه و انكسرت كأسه المسممة، أمسك سيزار الكأس بثقة و عزم أذهلا إيما، و أجاب دون أن يبعد نظره عنها:

البحث عن شياطين|𝕷𝖔𝖔𝖐𝖎𝖓𝖌 𝕱𝖔𝖗 𝕯𝖊𝖒𝖔𝖓𝖘حيث تعيش القصص. اكتشف الآن