البحث عن شياطين

الفصل 27: الغوسيفا

«ستعتني الجحيم بهم»
«من؟»
«اللذين باعوا طفلةً للشيطان!»

…

FLASHBACK

   قصر الغوسيفا (أبخازيا) الحدود الروسية-الجورجية/عام2037.

   تمسكت إيلونا بثوب المرأة العجوز النبيذي متوسلة:

-أماه! لا تفعلوا هذا بي! لا تلقوا بي إلى ذلك المتوحش!

   إنتزعت موراغ غوسيفا طرف ثوبها الثمين من يدي إبنتها، و تراجعت تنأى بنفسها إلى الزاوية الأخرى، تعتصرُ بقبضتها محرمة العِفَّة التي ستقدمها لإبنتها الأصغر نورليني، و تمتمت:

-ما دمتِ أسلمتِ نفسكِ لديابو، فستكونين له! و إنسي أمر زواجكِ من ريستوس رومانوف!

   نكَّست العجوز رأسها لثوانٍ تحاول تصديق كلماتها، قبل أن تحارب الأم بأعماقها، و تتعجرف ثانية مضيفة:

-نورليني ستستعدُ بدلاً منكِ للإقتران بآل رومانوف، أما أنتِ فلا عفَّةَ لكِ و أنتِ تحملين بذرة الشيطان البرتغالي بأحشائك!

   شحبت إيلونا غير قادرة على إستيعاب ما يجري لها، ما ذنبها إن كان ديابو قد إعتدى عليها و أخذها غصبا؟! همست بضعف مستنكرة أن يصدر في حقها قرار بهذه القسوة:

-و لكنكِ تعرفين أنه... إغتصبني!

   إحمرَّت عينا موراغ حتى نافستا لون ثوبها القاني، و همست بدورها في نبرة أقسى من حد السيف:

-كان خطأكِ منذ البداية... أن تحملي عفَّتكِ و حسنكِ و شرف إسمنا... و تلقيها على عتبةِ ذلك الطريد!

   أنهت موراغ عبارتها الموجعة، كما لو أنها غرزت خنجرا قاطعا في صدر إيلونا، لتترك لها وُسعَ الغرفةِ و جحيم الفراغ بعد ذلك. تسلقت الفتاة ذات السبعة عشر ربيعا إفريز النافذة، تصمم على القفز من ذلك العلو الشاهق للقصر، جففت آخر دمعتين، و خطت نصف خطوة في الهواء دون أن تفلت يداها جانبي الشباك، ما بها؟ لماذا لا تستطيع إنهاء الأمر و الخلاص من عذابها؟ نظرت إلى بطنها، حيث تنام روحٌ أخرى، و أجهشت مجددا بالبكاء، لا حق لها في قتله، إنه مجرد جنين لا ذنب له في كل هذا، مثلها تماما، لكن آل غوسيفا كانوا و لا يزالون من الروس المتعصبين للشرف و العِفَّة، لهذا سيقدمونها على طبق من دم و عار... إلى أنياب الشيطان اللعين!

   كان آل غوسيفا من أشراف موسكو في عهد مضى، حتى أنهم صاهروا العائلة الحاكمة فولكوف لأجيال، لكن تورطهم في أعمال المافيا المشبوهة كبدهم الخزي و الطرد من مدينتهم، ليتم قطع كل العلاقات معهم و نفيهم إلى أبخازيا مؤبدا، و هو الحكم الذي أشعل فتيل الحقد الغوسيفي على آل فولكوف، عاشوا سنينًا في قصر مرموق بأبخازيا، و حظيوا بمحبة و إحترام الأبخاز كذلك، لكن كل هذا لم يحول السم شهدا، و لم يغير من حقيقة أنهم مجرد عائلة نبيلة منفية و منبوذة، لذا أقسموا على العودة إلى الواجهة... وفقا لقانونهم الخاص، وضعوا شعارهم الجديد أعلى أبراج قصرهم المطل على البحر الأسود، قطعة قماش بيضاء تمتدُّ عبرها أذرع الكراكن الأسطوري الأسود، ليؤكدوا بذلك أن الغوسيفا سيكونون كابوس العالم في ما هو قادمٌ من السنين!