لشبونة(قصر القيصر) - البرتغال/ عام 2065.
ــــــــــــــــــــــــ
«تجنبي الزجاج... و سيري حيث تشائين!»
ــــــــــــــــــــــــ
قفز ســيـــزار من سريره يلهث بعد الكابوس الذي عذبه لساعات، نظر فيما حوله ملتقطا أنفاسا متسارعة، و فرك عينيه جيدا، ليدرك أنه في قصره. مرر يديه بين خصلات شعره متوترا، و حدق في مرآته بذهول... ثم بعصبية، إنه رجل الآن، إنه سيد نصف العالم، قيصر الغرب، و لم يعد ذلك الطفل الذي اضطهدته «شياطين أروكا»! و لم تعد هناك نيران تأكل جسد روزاليا أمامه! لوى فمه فجأة موجها لكمة هاصرة إلى المرآة، و لم يتطلب الأمر سوى ثانية ليتناثر الزجاج في كل مكان.
ظل جسده يهتزُّ تحت سيول من العرق، حتى هدأ شيئا فشيئا، عندها ظهرت إيما من العدم مقتحمة غرفته، و قد أتت بها الجلبة التي سمعتها. استغربت أن ترى الــقــيــصـــر البارد في تلك الحال، بينما ظل هو ينظر إلى الفراغ مقطبا حاجبيه الأسودين. جالت إيما بنظراتها فيه، فأفزعتها رؤية يده الملطخة بالدم، ماذا دهاها؟ لماذا تهتم لأمره هكذا؟ و لِمَ بحق الشياطين تؤثر فيها جروحه؟ إنها ليست المرة الأولى التي ينزف فيها شخص ما أمامها! تقدمت نحوه فلاحظ وجودها أخيرا، و رفع يده قائلا من بين شفتيه المشدودتين:
-لا تقتربي!
-لكنك تنزف...
تأمل يده بلا اكتراث، و أرسل نظره عبر النافذة إلى الظلام الذي لا يزال مخيما على العالم، ليعقب ببرود:
-هذا ليس شأنكِ، اذهبي إلى فراشكِ إيــمـــا.
اتخذت خطوة أخرى، فصاح حانقا:
-اللعنة إيــمـــا! الزجاج في كل مكان... ألا تدركين أنكِ حافية؟
رغم أنها أجفلت من غضبه المخيف، و صوته المجلجل، غير أنها كانت عنوان العناد، و لم يكن في الوجود قلبٌ أكثر جرأة من قلبها! اقتربت منه أكثر، دون أن تهتم لقطع الزجاج التي قد تخترق قدميها، لم تعرف هل ذلك يرجع إلى كونها شيطانة فاقدة للشعور... أم أن همها الوحيد هو أن تضع حدا لنزيف القيصر؟
و قبل أن تأتي على أي حركة، حملها سيزار بين ذراعيه و غاص إلى أغوار عينيها السحيقة، أين وجد ما أخمد نيران غضبه، و ما حوله من رجل إلى طفل مُجددا، طفل لا يفهم هذا العالم الأسود... و لا هذه المرأة التي تتشبث بعنقه كأنها تخاف كل شيء ما عداه!
-نسيتُ أنك انتحارية مجنونة!
-إنما نسيتَ أن إيــمـــا حين تتخذُ خطوة... لا تتراجع عنها أبدا!
وضعها على السرير برفق، مستأنفا الحديث:
-سأحاول ألا أنسى شيئا يتعلق بك بعد الآن.
![](https://img.wattpad.com/cover/341841485-288-k735375.jpg)
أنت تقرأ
البحث عن شياطين
Mystery / Thrillerإنها الوحيدة التي صوبت مسدسها إلى صدر الوحش و أطلقت عليه بعينيها، هي إيما شيطانة الشرق و سليلة أخطر عصابات جورجيا، و هو سيزار قيصر الغرب و يحرك نصف العالم بأصابعه، تفصلهما حدود لا تنتهي، و أسرار، و حروب دامية، لكن ماذا لو اجتمعا بين سماء رحيمة تمطر...