الفصل 33: نبضة بين طيفين!

8.4K 471 166
                                    

"إنتهت كلُّ السُّبُل للإيمان بك... أنا الآن مُلحد في محراب حبِّك!"

ـــــــــــــــــــــــــــــــ


FLASHBACK

بلدة أروكا (بورتو) - البرتغال /عام 2005.


أغرق فابيان كاستانييرا في البكاء بعدما عجز عن تنفيذ الأمر، لا يسعه فعلها، لا يسعه فعل هذا بصغيره! كان ألفريدو كاستانييرا إبنه في السادسة من عمره، شيطانه الصغير كما يلقبه حين يقبض عليه متلبسا يلهو باختراعاته و ملفاته الحساسة، لكنه مضطر لتحويله إلى شيطان حقيقي الآن و لا مفر من ذلك.

أجهش فابيان كطفل ناظرا من بين دموعه إلى وجه إبنه، ثم التقط أنفاسه مناضلا لترتيب الكلمات على لسانه:

-أشكُّ أنكَ ستسامحني على هذا، لكن آمل أن تفكر و لو لمرة واحدة في أن ما سيفعله والدكَ هو السبيل الوحيد لحمايتكَ من الموت!

عبرت الدموع سحنة الأب السمراء، و غرقت بشدقيه كأنها تموت هناك، قبل أن يزدرد ريقه، و يستطرد بجهد جعل جبينه يتجعد و صدغيه ينضحان عرقا:

-ستكون منذ اليوم ديابو بدلا من ألفريدو! لأنك هكذا فقط ستبقى على قيد الحياة!

بدا على الطفل عدم الفهم، أحب في السابق اسم ديابو، لأنه كان يطفو على شفاه الأيام كدعابة خاصة من أبيه لقاء شقاوته، لكنه كرهه، و حشد أطنانا من المقت بين أضلعه تجاه كل حرف منه، حين وجد نفسه تحت رحمة الألم، و والده نفسه يشوه وجهه بمشرط صغير، حتى لا يتعرف عليه أحد، و كلما صرخ، أسكتته صرخة فابيان التي تتنازعها الشهقات قائلا:

-سيصلون عاجلاً أم آجلاً، و الأشياء التي ستدور هنا لن تكون أرحم من مصيرك بني!

أمسك ألفريدو صرخاته محاولاً أن يكون رجلاً و أن يصغي لما تبقى من زعيق فابيان الهستيري، لكنه واجه صعوبة في تقبل الأمر، أنَّى له إدراكُ ذلك! كيف يستوعب أن عليه التخلي عن وجهه كي يحيا؟ و كيف يستوعب أن والده العالِم العبقري الذي خدم الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات مهددٌ من طرفا بالتصفية في أية لحظة؟

تابع الأب بيأس و حزم في آن:

-بعد لحظات... لن أكون هنا لأعالجك، لذا تعلم أن تتولى أمر ألمك بمفردك، و أن تصرخ فقط بأعماقك!

و قبل أن ينطق الصبي ببنت شفة، أزاح فابيان غطاءً مموها عن فجوة في الجدار تتسع لحجمه و حشره هناك متمتما و هو يواجه صعوبة في النظر لجروح وجهه:

-مهما رأيت من هذه الفجوة... و مهما سمعت... لا تصرخ!

و سرعان ما أغلق فابيان سدادة الفجوة، حتى خُلِعَ باب البيت الخارجي، ثم احتلت غرفة المعيشة أقدام رجال قاسية تدب بتؤدة هنا و هناك مخلفة أوحال الطرقات على الأرضية، قبل أن تتسلق الدرج المؤدي للطابق العلوي حيث غرف النوم.

البحث عن شياطينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن