قصر القيصر (لشبونة)- البرتغال/ عام 2065.
«لا تضحك في بداية اليوم... لأنك...
ستبكي في نهايته!»ــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع بزوغ فجر اليوم التالي، غادر سيزار رفقة عدد من رجاله على رأسهم زاندر و طوني في رحلة سرية إلى إسطنبول، دون أن يقدم تفسيرا بشأنها لأحد، أو أن يكشف عن موعد عودتهم تحديدا. ضربت إيـــمــــا بتعليماته عرض الحائط، و غادرت غرفتها مصرة على تحديه و تنفيذ مُرادها مهما كان الثمن الذي ستدفعه باهضا، سارت واثقة باتجاه غرفة أخيه، و طرقت الباب دون تردد. كانت الممرضتان قد نُبِّهتا بعدم ترك باولو لوحده أبدا، لكنهما ما إن لمحتا المرأة التي أقامت حرب أمس الهوجاء، حتى فرَّتا بجلديهما بعيدا عنها! وقفت إيما تنظر إلى جسد الرجل الواهن، كان تأثير الوحدة جليا عليه، يبدو أن وقائع مريرة داست على كيانه الجميل بلا رحمة! خطت نحوه محاولة بناء جسر موثوق بينهما، و جلست على حافة السرير حيث يستلقي بيأس، و هي تفكر في شيء تقوله ليسري عنه، إنها لا تعلم لماذا تهتم لأمره إلى هذا الحد؟ و تجهل حقيقة بمن يذكرها هذا الوجه الغافي تحت أكداس الحزن و المعاناة، بدا الرجل غائبا عن الوعي رغم عينيه المفتوحتين، كانت تنك العينان الخضراوان مسجونتين تحت قضبان سوداء من الخوف، إلا أنه لاحظها، و استجاب لوجودها الذي نشر سحرا ما في الغرفة، تتبع حركاتها بنظراته، ثم بدأ يتحول من رجل واهن لا رغبة له في الحياة... إلى طفل مغتبط زاره الربيع فجأة بعد شتاء طويل!
-مرحبا!
قالت إيـــمـــا بصوت هامس، فقدم لها باولو أجمل ابتسامة رأتها في حياتها، و رد غير مصدق أنها أمامه:
-حوريتي الجميلة! لقد عُدتِ...! أخبرتهم أنك حقيقية! لم يصدقوني! أنتِ هنا! أنتِ فعلا هنا! لقد أخبرتهم...
كان يردد ذلك الهذيان بأنفاس متقطعة، حتى احتوت إيما يديه المرتعشتين، و طمأنته قائلة:
-أجل ما تراه هو الحقيقة، أنا هنا! و سأكون دائما كذلك!
كان من الغريب بالنسبة لها قول ذلك، حسنا، هي تتذكر ما صرح به ســيـــزار سابقا حين منحها مسدسه و عجزت عن إطلاق النار عليه، كيف لها أن تنسى تلك الكلمات؟ "هذه المرة إن اخترتِ حياتي، فهذا يعني أنك اخترتِ البقاء معي... ملكا لي... و طوع بناني... إلى أن يتوقف نبض هذا القلب!"، لقد اختارت حياته و قربه، و عليه أن يتحمل نفاذها إلى كل تفاصيله، ما دام قد رغب بها، فلا بد أن يعرف أي جنون يتعامل معه، لأنها ليست تلك المرأة التي تُوجَّه إليها الأوامر فتنصاع لها هكذا ببساطة، و إن اقتضى الوضع أن تجازف بحياتها في سبيل ذلك، فلا بأس! لن تخشَ غضبه، ستكون دائما هنا، و هذا يخول لها الكثير، لذا... لن تفلت حاضره... و لا ماضيه أيضا!
أنت تقرأ
البحث عن شياطين|𝕷𝖔𝖔𝖐𝖎𝖓𝖌 𝕱𝖔𝖗 𝕯𝖊𝖒𝖔𝖓𝖘
Mistério / Suspenseإنها الوحيدة التي صوبت مسدسها إلى صدر الوحش و أطلقت عليه بعينيها، هي إيما شيطانة الشرق و سليلة أخطر عصابات جورجيا، و هو سيزار قيصر الغرب و يحرك نصف العالم بأصابعه، تفصلهما حدود لا تنتهي، و أسرار، و حروب دامية، لكن ماذا لو اجتمعا بين سماء رحيمة تمطر...