جنوب كوتايسي- جورجيا/ عام 2053.
FLASHBACK
ــــــــــــــــــــ
«لقد جفَّ دمي...
أنا الآن أنزفُ روحًا!»ــــــــــــــــــــ
أصرت إيما على مغادرة الكوخ بعنت، و ضربت بتحذيرات والدتها المتكررة عرض الحائط، فواصلت سفيتلانا مستسلمة لقلقها:
-أفضل ألا تخرجي في وقت كهذا، أخشى أن تظهري على أحد في الغابة يا ابنتي، و مراهقة ضعيفة و جميلة مثلك لن تسلم من الوحوش!
-لن أطيل البقاء، سأعود فور عثوري على طعام يكفينا!لم تعتقد إيما يوما أنها قد تلتقي بوحش بشري، و لم تتصور حتى أن البشر يمكن أن يتجاوزا وحشية الحيوانات المفترسة، بالنظر لأمها الطيبة تتخيل كل سائر البشر على نفس الشاكلة، غير أنها سمعت قصصا كثيرة حول فتيات ٱختطفن من القرى و المناطق النائية، و احتجزن في المدن رهن من لا رحمة في قلوبهم، و سُلبن عذريتهن و عُذبن من طرف جماعة متطرفة، تُدعى عصابة «الشيطان»! و بدت كل تلك القصص في عقلها كالخيال، فلم تعرف إيما أبدا شكل المدينة التي يتجول فيها رجال المافيا وسط سياراتهم الضخمة، مشهرين أسلحتهم الفتاكة أينما رغبوا و في وجه من شاؤوا! لم تعرف مكانا غير الغابة!
عاشت إيما مع والديها في الغابة القريبة من مدينة كوتايسي منذ ولادتها، تعلم جيدا أن الغابات أكثر أمنا من القرى و المدن التي ترتكب في أحيائها و شوارعها أبشع الجرائم، و تنتهك فيها أبسط الحقوق، مما دفع بعض أهل المدن الذين يخشون سفك دماء أولادهم و اختطاف بناتهم إلى النزوح نحو الغابات و العيش بشكل بدائي! لكن إيما العنيدة و العاشقة لحريتها و نقائها لا تصغي لمخاوف امراة أكبر منها سنا تعرف جيدا عما تتحدث!
لم تعد والدة إيما قادرة على السير بعد حادث مميت تعرضت له منذ سنتين، صعدت الأم سفيتلانا إلى قمة وعرة تلاحق وعلا بريا لصيده، فانتهى بها الأمر تنزلق و تتدحرج حتى القاع مهشمة الظهر و الساقين!-هل أنتِ واثقة أنك لن تنتظري للغد؟ لقد حل الظلام تقريبا، و لن تجدي ما يمكن صيده!
- إنك جائعة، سأحاول إحضار ما يكفيك على الأقل!
اغرورقت عينا سفيتلانا من القهر، ليت الزمن يعود بها، فتسترجع قوتها و عافيتها، و تكون عينا حارسة على فلذة كبدها من بطش الوحوش، لكن هيهات! انتظرت حتى غادرت ابنتها، لتضرب على ركبتيها بقسوة، و تنبري لعض أناملها حسرة!
أغلقت إيما باب الكوخ، و التفتت تتأمل المبنى المهجور الذي يجاوره، كان مستودعا قديما كما رجحت أمها، معظم نوافذه مكسورة، و تملؤه الكراسي التالفة و الحبال! اقتحمته عدة مرات، أحيانا تتعرض ساخطة لهجوم أسراب من الخفافيش، و في مرات أخرى تعلق ضاحكة داخل شبكة غزيرة من بيوت العناكب، إلا أن مغامراتها لم تكن سارة للأم، أما الابنة فكانت تؤمن بأنها خلقت حرة، و أنها لن تفقد تلك الحرية حتى بسبب الخوف من عصابة قد لا تكون موجودة أساسا!
أنت تقرأ
البحث عن شياطين|𝕷𝖔𝖔𝖐𝖎𝖓𝖌 𝕱𝖔𝖗 𝕯𝖊𝖒𝖔𝖓𝖘
Misterio / Suspensoإنها الوحيدة التي صوبت مسدسها إلى صدر الوحش و أطلقت عليه بعينيها، هي إيما شيطانة الشرق و سليلة أخطر عصابات جورجيا، و هو سيزار قيصر الغرب و يحرك نصف العالم بأصابعه، تفصلهما حدود لا تنتهي، و أسرار، و حروب دامية، لكن ماذا لو اجتمعا بين سماء رحيمة تمطر...