الفصل 37: رجل الأمس!

7.9K 478 471
                                    

سأقف إلى الأبد على بابكَ...
أطالبُ بنفسي!


FLASHBACK

مستشفى فولكوف الحكومي (موسكو) - روسيا / عام 2065.

الصمت هناك سربل كل غرض، و لا شيء كان يتردد في تلك الغرفة عدا أنفاس إيما و تكتكات الجهاز الذي يشير مع كل ثانية تمر أن قلبها لا يزال ينبض، أما سيزار الذي كان قربها جالسا بشكل غير مريح، يميل برأسه نحوها فلم يكن يتنفس، و لا كان له بين أضلعه قلبا نابضا، الهواء الذي يسحبه دون أن يمتلئ بعطرها الحي لا يمكن وصفه بالنفَس، و الدقات التي تدب بصدره في خوف و ترقب ليست نبضا أبدًا!

تارةً... كان يباعد بين أصابعها بحنان صانعا فراغات ضيقة تتغلغل فيها أصابعه، و أخرى... يريح رأسه المنهكَ على بطنها حيث يمكنه أن يهمس لقطعة صغيرة منهما:

«أمكَ بخير... أليس كذلك؟ هي لم تعتد الإنسحاب من معاركها دون مقاومة! أنتَ أيضا تعرفها و تشعر بها الآن... مثلي!».

أحيانا ينسى نفسه، فيتجمد بصره فقط عند شفتيها اللتين اتشحتا بلون الرماد بدل لمعتهما الزهرية النابضة بالإغراء و الحياة في العادة، ثم يتذكر أنه اشتاق لتأمل عينيها الخضراوين، فيلثم جفنيها المسترخيين متحسسا قلبها بإحدى يديه، ماسحا على شعرها بالأخرى...

و كان سيزار مع كل حركة يأتيها و كل أمل ينسجه و كل خوف يصارعه... يذوب و يتلاشى... و يسقط منه قلبه إلى العدم!

ثم يصلي في اللحظة مليون مرة، بدلاً من إشعال شمعة، يشعل أعماقه من أجلها ألمًا و أملاً، و بدلاً من دخول الكنائس، و المعابد، يجثم في تلك الغرفة خاشعًا أمام جمالها، فبالنسبة له حيثما تتواجد إيما... يكون المكان مقدسا!

كانت إيما قد خضعت منذ فترة لعملية جراحية دقيقة على مستوى الدماغ، استغرقت ستا و عشرين ساعة متواصلة، هلك خلالها طاقم خاص من الأطباء لإعادتها إلى الحياة، فريق من أمهر الجراحين، نجحوا في استئصال الرصاصة، لكنهم و رغم تطور معداتهم و خبراتهم الفذة وقفوا خائبين أمام تمددها فوق ذلك السرير الشاحب... مستسلمة لغيبوبة لم يحدد أي منهم أجلها!

كان لوديس قد تكفل بكل شيء، ظاهريا لعلاجها، و ضمنيا لامتلاكها... بأخبث الطرق! شدد الحراسة على غرفتها، و منع عنها الزيارة، و عدا سيزار و مساعده طوني اللذين لم يغادرا المستشفى... لم يكن هناك من حظي بنظرة واحدة لها بعد ما حدث في قصر فولكوف...

في أول عشية لها بغرفة الإنعاش، دار حوار بين لوديس و ذراعه الأيمن:

-إليانوس، حان الوقت...

أضاف و هو يتأكد أن لا أحد غيرهما في ذلك الرواق:

-أنتَ تعرف ماذا ستقول للصحف، أليس كذلك؟

البحث عن شياطينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن