1

1.1K 16 2
                                    


_الضحية الاولى:

تِك تَك..تَك تِك...

(في غُرفتِها أمام النافذة، تجلسُ على المكتبِ وبيدها قلم يسطر مداعباً مذكراتها السرية، وعلى غير المعتادِ تبدو سعيدة، لقد مر يومٌ كامل ٢٤ ساعة دون أن ترى قاتلها، ذلك الذى يستبيح جسدها كل ليلة وكأنهم في غابة هي فريستهُ الوحيدة وهو صيادها....أين العدلُ إذاً؟)

أين العدل إذاً؟

هذا السؤال هو بدايةُ سطرٍ جديد في صفحةٍ أخيرة، لدفترٍ يحوي من الأوراق اثني عشر سنةً من الكسر، منذ إكمالي السادسة، ببدايةِ إلصاق الأحرف ونهايةِ بَكارتي، منذ رحيل الأب عن صغيرتهِ، وسهوانُ الأمِ عنها، منذ أن أعلن شقيقُ أمي عن شهواتهِ ورغباته تحت ضوء الشمس؛ وُلد الدفتر واحتضرتُ أنا. احتواءٌ أجهل معناه ووجوده، والغريبُ حقاً أن اليوم سأكتب كلمة سعيدة، سعيدةٌ حد النخاع ومابعد الإكتفاء، فللمرة الأولى أشعر بأن هذا الجسد ملكي.

(نظرتْ لجسدها وهي تلتفُ بسعادةٍ هنا وهناك في الغرفة، وقفت فوق طاولة المكتب وبدأت تُعلن عن حدثها الضخم)

[سمارا الواثق، أنا الليلة ياها أنا من غير خدشة، من غير حتى دمعة ، أنا حُرة مِن المن المفترض يحميني ويكون مكان أبوي المتوفي، أنا حرة الليلة من البستغل ضعفي، بس كيف..كيف يكون الخال فى مقام الوالد وهو سكير وبتحرش بطفلة من عمرها ستة سنوات لحدي ما بقت ابنة الثمانية عشر سنة.

طيب طيب ماف داعي للكلام العبيط ده وبكل فخر أيها الحضور الكريم دفتري وأقلامي وسقف غرفتي، أنا ضحية فقد الأب وزوالُ إهتمام الأم وخال مريض، أشعر بالسعادة لكوني أخلوا من جسدٍ فوقي....]

(أقفلت الدفتر وأعادته إلى درجه السري تحت سريرها، تأكدة من إقفال الباب والنافذة جيداً، ثم إلى السرير ببعض الغرابة والخوف والإشمئزاز والفرح، مؤلم أن لا تجد فى بيتك أمن أو احتواء).

_الضحية الثانيه:

_(أقلام رصاص هنا وهناك وبعض ألوان الخشب المتفرقه مع ورق أبيض، إنها بالتأكيد غرفة رسامةٍ يشع الفن من أركانها، ولكن عزيزي القارئ لا تخدع بوصفي ككاتبة ففوق ذلك السرير الوافر ضحيتنا تبكي قلةُ حظها وهي تُمسك لوحتها الممزقة وكأنها أمٌ تبكي فلذة كبدها...وكأن؟؟؟

بالطبع ليست كأن، فهي حقيقةً تبكي على فلذةِ كبدها؛ لوحة...بقايا لوحة أقصد مرمية في الأرض تنزف)

[ للكل نصيب من اسمه إلا أنا *ثقة الوليد* وما بملك ذرة ثقة في نفسي، ومن وين أجيبها إذا كانت أمي مابتثق بحلمي، بتشوف شغفى وهوايتي فى الرسم مضيعة للوقت ولمال أبوي الثمين.]

(صرخة بتباً وسط بكاءها، وهي تستحضرُ تلك المواقف، قد مزقت لوحتها التي كانت تعمل عليها منذ شهرين، احرقت دفترها المفضل تحت شماتة ابنها، ابنها اللعين والمحبب لها، مما يجعلها تؤكد صحة غرابتها في هذا المنزل، لاشك أنهما ليسا من ذات البطن، هو الصغير ويحق له ضربها، مناداتها بالبرميلِ لوزنها الزائد، مسكينةٌ غارقه فى خيبتها وكسر المقربين، عزيزي القارئ لقد تحرك قفل غرفتها ليضع حداً لشرودها فى مأساتها، لذا لنرحل).

ينصقنا احتواءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن