18

47 2 0
                                    

أن تصرخ وتبكي، أن يُغلى بجوفك الحزن الممتزج بالدمع، أن تشعر بإختناقٍ حاد هنا تحديداً في مجرى التنفس في قلبك وعلى خلايا الأعصاب؛ مما يشعرك بضغط الصداع مثلاً!!!

تلك مجرد محاولة لوصف ما تعانيه صغيرتي الرابعة من الظلم، أن تسمى نور وحياتها ظلمة حالكة، أرغب حقا في الإطمئنان عليها قبل المضي قدما زيارتنا الأخيرة عند تلك الطبيبة لم تكن بشارة خير

تشير تلك الساعة على الثانية صباحاً، صالةٌ واسعة وسط منزلٍ فخم، تشير ملامحها للفقر تعود لذاتها القديمة رغم تغير الحال، الغرفُ ليست بكثيرة لذا تنامُ في هذه الصالة تخفيفاً لإغتظاظ الغرف؛ لا يهمنا الأمر كثيراً ولكن على هذه "الكنبة" ذات الألوان المزهرة، تتسطح بثيابها الداكنة، يعتلي ملامحها الكمد، النزاع، هي الآن تصرخ، تبكي، تسقط على الأرض وترطم على قلبها ليته يشعر بها ويخمد؛ وفي حقيقة الأمرِ هي ساكنة، تسبح دمعةٌ واحدة في خديها، ينتفض جسدها مرةً ثم الأخرى، تلك السماعة ترسل إليها بعض الآيات؛ كيف حال فتاةٍ في ربوعِ شبابها تسمع ترتيل الآيات بخشوعٍ لأولِ مرةٍ الآن؟

_نور..يابتي إنتي كويسة؟

="تشير برأسها نافية، تتنهدُ بصوتٍ منخفض"

_تعالي "أخذتها بين أحضانها برفق"

=إشتقت لأبوي...أنا عايزة أبوي يا أمي، محتاجة لاحتواءه شديد والله، ماف زول غيره بفهمني، ماف زول غيره بستحمل عيوبي وبتقبلني؛ ماف زول بجي بخفف علي بعد ما يزعلني غيره...جد كدة أنا ماقادرة من دونه ماقادرة نهائي، قساوة الناس والخسارات البتمر علي كلها أهون من رحيلهُ، أهون علي شديييد والله...يا أمي كلكم في كفة وأبوي تحديداً في قلبي وفي كفة تانية..

(أن تشعر بمرارة الحلوى بعد انتهاء السكر منها دون استطعامه جيداً مؤذي، فكيف حال قلب صغيرتي؟

قلبها ليس بخير، كمدت بداخلها كثيراً، ورأينا مصيرها بعد تصريحها لما يحمله قلبها، لم أخبرك عزيزي القارئ في المرة السابقة، وسأخبرك الآن أنها كانت ذبحة!!

لقد خرجت منها معافية هذه المرة، ولكن لا مأمن للقادم...

هل أخبرتكم أن ماقالته نور قبل قليل لم يكن لأمها؟

فلقد كانت تلك الأم تقف خلفها مباشرةً تستمع لابنتها بصمت، الظلام منع نور من رؤية ظلها، وبكاءها وحديثها جعلها لاتشعر بقرب تلك الأم خلفها، احتضانها لتلك الوسادة أو ذلك الطيف أو أيًًّّ كان؛ منعها من التفكير أن صوتها ربما يكون عاليٍ بعض الشيء.)

مرض الوهم عزيزي وتخيل ماهو ليس موجود، نتخيل ما نحتاج بشدة لو أن تلك الأم عانقة صغيرتها، يقع على الأهل كل العبء أنت المسؤل عن حال طفلك مهما كان حاله، فلا تلمه على أخطاءك أنت، على كل حال لنكمل هذه الليلة

ينصقنا احتواءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن