5

98 8 1
                                    


وعدنا مجدداً إلى هذا المكان الملعون، والدتها لا تزال تتناسى ابنتها تعليلاً لكونها تكسب المال بالعمل وذلك اللعين يستبيح جسدها ولكنها مختلفة هذه المرة، هيَّ لا تقاوم لا تصرخ واللعنة حتى لا ترتجف، كان يظن أنها استسلمت وايقنت أن لا مفر منه ولكن لا يا عزيزي هيَّ فقط في دوامة غريبة داخل رأسها لا تشعر بجسدها ولا لمساته ولا أيُ شئ حولها، وكأنها انفصلت عن الواقع ومن يريد واقعاً هو فيه ضحية منتهكة؟

عزيزي القارئ دعك من خالها الذي يفك أزرار قميصها هذا مشهد سيقتل ثلاثتنا أنا وأنت وهيا أرى أن نبحر معها فى دوامتها تلك أفضل....

وصلنا منزل جميل رغم صغره إلا أنه دافئ تشعر بالإنتماء ما أن تضع قدمك عليه، مفروش بالرمل الناعم مع عناقريب وغرفتان من الطين وراكوبة بسيطة ومطبخ متواضع ورغم بساطة ذلك المنزل عزيزي اسمع ضحكات عالية تقترب اسرع لنختبئ لا نريد أن يعرفوا بنا!

"_بابا خلاث يا بابا وقف خلاث اثفه"

ومع كل كلمة تزداد ضحكاتها أثر دقدقت والدها كعقابٍ مرح لخروجها دون أذنه

"_لقيتها يا أبو السمراء ؟"

هذا صوت الأم تخرج مبتسمة من المطبخ

"=كانت بتلعب بالطين "

"_عاد وااي أجري الحمام ونضفي الطين سرعة اسي بلحقك أحممك"

نزلت تلك البريئة منذ أحضان والدها تركض وضحكاتها المرحة تلمئ المنزل وقلب والديها

"_يا الوليد بكرة أخوي جاي من السفر ح يجي يسلم علينا قبل يمشي بيته في الخرطوم"

ظهر الضيق على الوليد فهو لا يحب ذاك السكير لا يعرف طريق الله ويضيع ماله الكثير على الخمر والنساء ومعاصي الدنيا ولكنه يبقى شقيق زوجته للأسف، ثم أجابها بنفور...

"=حبابه 😒"

ومر يوم عزيزي القارئ وطفلتنا تلك تنعم بحضن والديها ما أدراها أنه الحضن الأخير ؟

تستيقظ فزعة من النوم لصراخ أمها

"_الليلة يا شيال التقيلة يا سندي يا سيد الرجال الليلة واااي من وجعتك الليلة يتمته السمراء واااي يا الما حضرته جديده واااي يا وجعتك يا الوليد كر من الجاتك يا سعاد يا الاترملتي ووحيدتك اتيتمت"

ما تلك الطلاسم التي لا يستوعبها عقلها الصغير، ولما الصراخ، ومن أين أتى كل أولئك الناس، ولما ينطق الجميع اسم والدها وفي الأصل أين هو؟

ثواني واخذتها امرأة إلى غرفة والديها، قلبها انقبض بشدة تلك الغرفة مكانها المفضل لما تبدو اليوم مرعبة، ولا حياةَ فيها، ما ذاك الشئ الأبيض الضخم فوق سرير والدها ولما أمها تقبله وتبكي؟

ماذا يحدث؟

أخذوها لتفعل مثل والدتها ففعلت دون سؤال!

الخوف هو المسيطر عليها الآن لا الفضول، ثم حملوا ذلك الجسد بالعنقريب وغادروا، استقرقها الأمر طويلاً لتدرك أن تلك كانت مراسم عزاء؛ ولم تكن عادية بل لأجل جنازة والدها، ساعدها صغر سنها على عدم الإنهيار فكل ما تعرفه عن الموت أنك عندما تموت تعيش قرب الله في الجنة، ونحن ندعي للميت ويمكننا الحديث معه وسيسمعنا دون أن يجيب.

ينصقنا احتواءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن