15

50 4 1
                                    


(لا ترحيب اليوم عزيزي لا أهلاً ولا سهلاً، والقادم ليس خير؛ فمقدمتاً أعتذر..

سليطةُ اللسان تلك رغم كل شيءٍ بها إلا أنها تشبه الكثير مِنّا، طيبةٌ ونقية ولكنها مستهلكة عاشت ما لا يليق بها؛ دون أب ومع نصف أم، كل ما حصلت عليه هو ربع طفولة، ذكرياتٌ مشوهة، مجرد ذكرى حبيب، وختاماً جرعات سم عبرت أوردتها، أعتقد من أعماق قلبي أن الحياة كانت ظالمة بما يكفى هنا فلطفاً لا نودُ رسائل ألم تبعث على صغيرتي سليطة اللسان... فلنذهب للإطمئنان عليها.)

ندخل منزل الجدين ولا شيء تغير منذ آخر مرة، ما زال الدفء يشع من أركانه ولكن لا حركة هنا، أين هم؟ ذهب الجدان لزيارةً يقصدان أحد الأقارب ولكن ما يهمني الآن هو طفلتي؛ التي لا أثر لها!

لحظة هي تختبئ عزيزي أنا أرها الآن تحت ظل الشجرة التي تتوسط "الحوش" ممسكة بهاتفها الذي يرن ووميض من التردد فى عينها بين الرد وعدمه، لا أدري صدقاً لما كل هذا هو ليس رقماً مسجلاً حتى ولكن ربما فقط...ربما هيَّ تدرك جيداً من يكون، انقطع الإتصال بترددها وعاد مجدداً للرنين وفي هذه المرة تجيب......

_في شنو تانى ما كفاية الحصل لي، عايزين شنو تاني سيبوني فى حالي، حرام عليكم ما أنا جد ما بستحمل كل دا خافوا الله فيني.

=نص ساعة وتكوني في .... وإلا ----

ثم قطع الخط تزامننا مع اتساع عينيها وهطول الدموع، برودةٌ مفاجئة احتلت أطرفها التي بدأت بالإرتجاف، هي شخص يملك مشكلاتٍ ثائرة، مع الغضب الذي ولدت به؛ أيّ أنها تحطم رأسك إن كنت هنا، ولقررت الإنتحار إن كنت مكانها، الهم حقاً هو ماذا حدث الآن؟

ومن يكون المتصل؟

نصف ساعة ونعلن كل شيء وإلا وقتها سننتظر، وستغضب مني وتتحول إلا تارا ياعزيزي القارئ.

_حديقةٌ ما، العشب الأخضر زين الأرض، نافورةُ ماء و بعض الأطفال يلعبون، و استراحات لجلوس المارة، منظر مريح للعين والقلوب، لكن ما بال طفلتي متوترة؟

ها نحن نجلس خلفها دون أن ترانا ونترك آذاننا تأتينا بالخبر، الأعين تراقب الباب بتوتر، أصابها تجول في دوائر الخوف والقلق والفتور، تبحث هنا وهناك وقلبها على وشك الاستقالة فالعمل بين جدران هذه الأجواء مرهق له، واكتمال اللوحة كان بإنقطاع أنفاسها عند دخول أحدهم من الباب.

لنناقش أمر هذا الأحدهم، والذي هو ليس إلا امرأة في منتصف عقدها الخامس، لا شيء ملفت فيها ولكن ما يثير الإنتباه هو خوف صغيرتي، وحقاً لا أدري إن كانت خائفة منها هي أم من ما ستقوله الآن لنراقب وحسب....

_تارا كيفك يا بتي طمنيني عليك

=عايزة شنو لخصى ما فاضية ليكم أنا

(أراهن عزيزي أن لسانها سيبقى سليط، حتى وهيا تموت من الخوف لن ينقص من طوله شيء)

_كيف تكلميني كده أنا خالتك الوحيدة يابتي.

ينصقنا احتواءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن