الفصل الثامن ( وُجد مقتولًا )

928 98 12
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

 " اللهم إجعلنا عند النُعماء من الشاكرين و عند البلاء من الصابرين و لك في جميع أمورنا ذاكرين "

___________________________

يسعى الإنسان حتى يصل إلى تلك النجمة المتلألئة في السماء، و عندما يصل إليها يجد لهيبها غمر طياته و أحالته إلى كُتلة من الرماد، فربما عجزنا عن الوصول إليها لا يكمن في غرقنا في بحورٍ من الفشل، بل يكمن في حمايتنا ...

أشرقت شمس يومٍ جديد و كانت السماء صافية تلفحها حرارة من الشمس جعلت الظلال تُرتسم على الطريق و كأن فنانًا استخدم ألوانه السوداء ليرسمها، تجلس كوكي بإحدى المقاهي حديثة التراث تحتسي قهوتها كالعادة و تتناول فطورها المكون من إحدى الشطائر الفرنسية الطازجة، يجلس أمامها مُعتز بعد أن أصرٌت عليه ليشاركها تناول الفطور على الرغم من أنه لا يتناول تلك الأشياء التي لا يعتبرها صنفًا من أصناف الفطور، بل يعتبرها فقط من المقبلات.

تحدثا في العديد من الأمور الخاصة بحياتهما و كانت أحاديثهما مليئة بالمرح و المزاح و بعض الجدية التي اقتحمت أحاديثهما و تغاضا عنها لرغبتهما بالاستمتاع بأوقاتٍ هادئة، تحدثت كوكي بصوتٍ هاديء يتكلله بعض الحُزن و الاشتياق :

- لولا إن مامي اتوفت ... مكنتش هاجي هنا ... عشان مامي أصلًا من أمريكا، و بابي كمان نصه أمريكاني ... و كان بيحب مامي أوي، عشان كدة مقدرناش نفضل في نفس المكان إللي ماتت فيه

أنهت حديثها بحزنٍ أنكست معه رأسها لأسفل، لم يستطيع معتز منع فاهه الذي سأل بفضول :

- هي ماتت إزاي ؟

رفعت رأسها و هي تُجيبه بسرعة :

- كانسر ... كان عندها كانسر و ماتت

- الله يرحمها 

قالها بهدوء فآمات رأسها تباعًا و لم تتفوه بالمزيد من الأحرف خشية من أن تخونها دموعها و تفر هاربة، بعد برهة من الصمت جففت كوكي لمحات الحزن من عينيها لتسأل بنبرة تحفها اللهفة و الفضول :

- و إنت بقى ... فين مامتك و باباك ؟؟

زاغ ببصره في عدة أماكن لا يعرف كيف يُخبرها الحقيقة، لكنه بالنهاية أردف بنبرة حاول جعلها عادية رغم حزنه الدفين :

- ماما ماتت بسكتة قلبية ..... و بابا ...

لم يستطع التفوه بالمزيد خشية من فتح دفاتر الماضي التي يجاهد حتى يغلقها تمامًا، استجمع قواه و هو يقول جزءًا من الحقيقة :

أرواح متنقلة ( مُكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن