الفصل الأول ( ماذا حدث ؟ )

3.5K 160 13
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

" يارب إحفظ لنا من تطيَب أنفسنا بوجودهم، و من جعلتهم أسبابًا لسعادتنا ... "

________________________

ضحكات رقيقة إنبعثت من جوف هذه الطفلة الصغيرة و هي تركض برواق المنزل البسيط بسعادة طغت على تلك الأجواء المكفهرة من حولها، فالمنزل هاديء لدرجة تجعلك قادر على سماع صدى صوتك يتردد في الأرجاء، بل و تسمع أيضًا نبضات قلبك الذي يطالبك بإزاحة هذا الهموم من على كاهله و الإستمتاع بكل لحظة تمر على حياتك، لطالما أيقن الإنسان أن الخرافة لا يُمكن أن تتحول إلى حقيقة، لكن ماذا إن إكتشف أن الحقيقة التي لطالما آمن بها ما هي إلا خرافة ؟؟ وقتها سيتوقف عن التصديق لما يحدث و يترك العنان لذاته و جسده أن يُحركه كما يشاء دون أن ينصت إلى الآنة التي تُرغمه على التوقف و التشبث بالمعتقدات الواهية

لكن هذه الطفلة الصغيرة ذات الخصلات المموجة بنية اللون و النمش على أنفها، لا تنظر للحياة إلا بصورة بريئة مُزهرة، تبتسم بوجه الظروف و كأنها تُرسل للحياة رسالة تُخبرها كم هي قادرة على مواجهتها و الصمود أمام تحدياتها بل و الإبتسام أمامها أيضًا، توقفت أقدام الفتاة الصغيرة أمام النافذة لتضع قدمها فوق حافة النافذة تليها مباشرة القدم الأخرى

أغمضت عينيها العسليتين تتنسم الهواء المُنعش الذي جعل إبتسامتها تتسع تلقائيًا و خصلات شعرها تتطاير بفعل الهواء، فردت ذراعيها بجوارها، لتأخذ بعدها نفسًا عميقًا تحتضن معه هذه النسمات العليلة و تندفع بجسدها للأمام غير عابئة بوثوبها فوق حافة النافذة، فقط تترك جسدها بحرية و كأنها ستُحلق كما الأبطال الخارقون، لكن مع الأسف، ليست الخرافات حقيقية، ففور أن ألقت نفسها من النافذة حتى .....

صرخة عالية أصدرت من فوهها إثر إرتطامها بالمنضدة المجاورة للفراش و سقوطها على الأرض، فقد ظنت لوهلة أنها تقفذ من النافذة لتُحلق بالسماء لكن الحقيقة أنها كانت تقفذ من فراشها لترتطم بالأرض و ليست السماء الصافية، مسدت على خصلات شعرها تتألم من الوجع و تحاول الوثوب من الأرض لتبدأ يومها و تتغاضى عن تلك الأحلام السخيفة التي دائمًا ما تحلم بها، فليست هذه أول مرة تجد نفسها ملقية على الأرض بعد إحدى أحلامها

إعتدلت في وقفتها تُهندب منامتها ثم تُرتب فرشتها قبل أن تذهب إلى المرحاض و تستعد لبدء يومها كما تفعل كل يوم، إنتهت من وضع العديد من المرطبات التي تعينها بهذا الطقس الحار، ثم إرتدت ثيابًا مناسبة كي تذهب إلى وظيفتها

كانت والدتها تقف بالمطبخ تُعد لها بعض الشطائر كما تفعل يوميًا، فداليا هي مُدللة والدتها و دائمًا ما تسعى والدتها لتدليلها لأنها إبنتها الوحيدة، كما أن داليا تبر بوالدتها و دائمًا ما تساعدها و تعتبرها كشقيقتها الصُغرى، نعم ليست الكُبرى لأن والدتها شديدة الحساسية

أرواح متنقلة ( مُكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن