لم تعرف سحر كيف أجبرها برفق على صعود سيارته. فصاحت:"سيارتي. بقيت مرمية ..."
يمان "وهل تسمين تلك الكتلة الحديدية سيارة؟"
سهر متضايقة"و الله كل يمشي حسب مقدرته. اشتراها لي ابي و اراها اجمل السيارات..."تجاهلها و هو يكتب رسالة نصية لأحدهم ثم انطلق كالبرق.
ما أن وصلوا باب القصر حتى غربت الشمس و كان في استقبالهم اقبال تولوا"يمان لقد اختفى ضياء. خرج من القصر. رأيناه في الكاميرا ولم نعرف أين اتجه"
كانت ليلة عصيبة جاب فيها يمان و رجاله الشوارع و المستشفيات و مراكز الأمن دون اثر له.
تقدم يمان من المشرحة بعد أن جاءته مكالمة بأن رجلا بمواصفات ضياء وجد فيها. اما سحر التي رافقته في كل مكان، فقد احست بالذنب لأنها من اخرج ضياء من غرفته في النهاية، سهر بقيت خارج غرف التشريح و لاح لها سراب دموع تتلألأ في عينيه شديدتي السواد. لم تصدق عينها. هل يمكن لهذا المتوحش أن يحمل في جسده الضخم الصلب دموعا! سمعته يحمد الله لأن الجثة لم تكن لأخيه اما هي فتساقط جسدها على جدار الخارجي للمشرحة واستقبلها كرس حجري جلست عليه و طاطات راسها و اغرورقت زمردتيها في الدموع. جلس صامتا مرهقا بجانبها و قال"ليس هو. كم كان الأمر صعبا"
ابتسمت بسخرية "احمد الله انك لم تجده هنا. لا تشرح لي صعوبة الأمر لقد وقفت هنا مرتين من أجل الاعداء و مرتين من أجل الاحباء. كان هذا قاتلا لأن جثث الاحباء كانت لأصحابها و جثث الأعداء لم نكن"
صدم لما سمعه و تذكر أنهم طلبوا منه المجيء للتعرف على جثة سيلا يوم وفاتها و أجابهم بتعال "فلتتعرف عليها عاىلتها لا شأن لي بها"
طبعا فقد توفي والدها أيضا في اليوم نفسه لابد انهم نادوها لتتعرف على الجثين. ياله من موقف رهيب. احس سكينا تغرس في قلبه.
"اخي ضياء ذكي جدا. إنه بخير انا احس بهذا. خرج للتو من سجنه الذاتي و أجزم أنني لو كنت مكانه لذهبت لاحب مكان لقلبي. لو اعرف فقط اين كانت ترتاح روحه لبحثت هناك" قالت سهر فجأة ماسحة الدموع المنهمرة.
وقف يمان بسرعة يتأملها ثم قال "لابد أنه هناك"
كان بيتا قديما قدم التاريخ أو هكذا خيل لها، أبوابه و نوافذه متداعية و جدرانه مشققة و حديقته مهجورة. إنه بيت طفولتهم. ضرب الباب الرئيسي بقدمه فانبلج على مصرعه و نادى "أخي اين انت اخي ". فتش كل الغرف بلا هوادة لكن لا شيء. خارت قواه و سقط على الارض يمسك رأسه و يقول "أنهى لن أجده بعد اليوم" كادت دموعه تجري حين تذكر سهر و لم يعرف اين ذهبت. لقد كانت برفقته فاي جحيم ابتلاعها هي الأخرى. قام يبحث عنها و لكن لم يجدها في أي مكان. اسرع للسيارة و تحرك حين لمح أطياف في اخر حديقة منزلهم بالكاد ترى. نزل و عاد إدراجه يمشي ببطء و يبعد الأشجار المتشابكة حتى تبين له في ضوء القمر الخجل و إنارة بيت الجيران الخلفية ضياء جالسا و لعابه و انفه يسيلان و شعره منكوش و مقابله سهر تنزع قميصها. توسعت عينيه ليلاحظ أنها تلبس لباسا داخليا من القطن و لكنه يكشف بخجل بعضا من مفاتنها.و لعجبه تناولت قميصها الابيض و اخذت تمسح وجه ضياء من اللعاب و الأوساخ و ترتب شعره و تحادثه بهدوء"ايها الفرعون الصغير. لقد عرفت انك تبحث عن زهور طفولتك. الم اعدك أن أبحث عنها و أحضرها. اقبال هانم ستموت خوفا عليك؟"
كان ضياء كالرضيع أمامها مستسلما ثم ابتسم ساىلا"حقا سهر اقبال تبحث عني "
"مثل المجنونة أجابت سحر و تابعت"هيا ننظفك و نهندمك لن نسمح أن تراك الا و انت بأفضل حال."
استقام ضياء مسرعا يهذب ملابسه و قال "للاسف سهر كل الزهور و النباتات ماتت"
سهر "لأنها لم تسقى. يقسو الزمان عليها فتموت. سنحضر غيرها'" تاتا ضياء مجددا"و العود سحر أن العود مكسور. بالاصل جىت من أجله لكنه مكسور"
استدارت حيث أشار لنرى عودا عربيا يعرفه يمان حق المعرفة. كان والدهم يضرب عليه حين كانوا عائلة سعيدة قبل أن يفلس و تخونه الحقيرة و ينت*حر.
"لا باس اخي كله يعوض تعال اجلس لابد انك جائع"
ضياء"أجل سهر جائع جدا"
هنا تقدم يمان و عانق اخاه بصمت و خشوع و قال سأحضر شيىا تأكله فورا.
كانت سهر تعانق نفسها و قد استحالت وجهها طماطم من الخجل بلباسها الداخلي ذاك و لكن يمان أدار وجهه للناحية الأخرى و قام بفك ازرار قميصه الاسود الفخم و مده إليها دون كلام و انصرف يحضر ما يأكله ضياء.
لبست بسرعة و دغدغتها رائحة عطره بالغة الرجولة.
غاب وقتا يسيرا و عاد فوجدها يجلسان ملتفتان عنه ياكلان حلوى و بعض الشكلاطة التي كانت معها في حقيبة يدها.
ضياء "الشمس شارفت على البزوغ"
سهر "نعم" نظرت لساعتها "انها الخامسة"
ضياء "هل سيعثر يمان على أكل"
سهر "لا طبعا. ذلك الاحمق يعتقد أنه في منطقة راقية. في هذا الوقت هنا تكون كل المحلات مغلقة" ههه تعالت ضحاكاتهما و استغرب يمان أنه يبتسم و هو يسمعها تناديه بالاحمق و هو الذي كان يزهق روح من يهينه.
ضياء"سهر لا تغضبي من يمان أنه جيد و لكن الدنيا سيىة. لقد شاهدته يسيء لك و لا أحسبه يقصد سامحيه .هو لا يعرف كيف يعتذر"
سهران حزينة" لا تقلل خي ضياء. لقد تعودت على العنف و أدرك أن لا حيلة لدي أمام الجبابرة.إنه يشبه عدنان أغا ابن ابنت عم أبي. أمضيت في منزله بعضا من ايام طفولتي حين كان والدي يذهب في مهمات رسمية و سيلا تدرس. "
ضياء خاىفا "هل أساء لك"
تيقظت حواس يمان و هو يسمعها تقول "أجل لقد كان يكرهني كثيرا لسبب اجهله. و لكن زوجته خالتي زمرد اجمل و اطيب نساء العالم و كنها مالكا تخافه و تهابه بشدة. لقد ضربني مرة ضربا مبرحا و استعمل السوط في ذلك"
ذهل ضياء و من خلفهم يمان
ضياء "الشرير. لماذا؟"
سهر"كان صيفا قاىضا و قد عاد منتصف النهار من الحقول التي يملكها و اخذ قيلولته اليومية. اما أنا فقد كنت في السادسة من العمر و كنت البس حذاء جديدا ازرق جميلا أحضره ابي هدية لي. ولكن الحذاء كان يصدر صوت طقطقة على الأرضية. يبدو أن الصوت ازعجه فاستيقظ و قام بتاديبي ومن يومها أنا لا استعمل حذاء في البيت ابدا و لا ارتدي اللون الازرق في الأحذية. "
كور يمان بده بغل و فتح ضياء عينه بتعجب ساىلا" وكيف عاقبه والدك"
سهر"لم أخبره ابدا. خفت كثيرا أن تحدث مشادة بينهما. كان أبي ليقتله. بقيت في قصر عدنان أغا شهرا وقتها و حين عادابي مثلت السعادة. فكرت كثيرا أن أنا أخبرته. اين سيضعني حين تأتيه مهمة أخرى و سيلا غير موجودة في مدرستها الداخلية. لم اكن أريد أن أضيف لابي هما على همه. يكفيه أنه ربانا بلا ام و تحمل مسؤولية كبيرة."
ضياء متاسفا"هذا محزن"
سهر مبتهجة"انس الأمر فقط اردت أن اقول لك أن شقيقك و أمثاله متواجدون في كل مكان و زمان وانا مثلما عجزت أمام عدنان أغا عن الدفاع عن نفسي اجد نفس العجز أمام اخيك. ان انتفضت و رفضت ماذا استطيع أن أفعل. لاشيء سيحرمني من قرة عيني يوسف
المهم لقد تأخر الغبي، كل ، كل الشكلاطة و لا تأبه فالغد افضل اكيد"
سمعا صوت أقدامه تتقدم منهما فبادره ضياء"هل وجدت محلا مفتوحا يمان؟"
اجاب يمان و هو ينظر لوجه سهر"اي احمق سيدرك أن المحلات مغلقة في هكذا وقت و في هذه المنطقة. لكن بعض الذكاء سيخبرك أن كل المخابز مفتوحة أيضا في هكذا وقت و في هذه المنطقة. "
احمرت وجنتيها و هي تتساءل هل سمعها أم هي مجرد صدفة. بينما انقض ضياء على محتوى الكيس من المخبوزات الساخنة يلتهمها و يمد لسهر و يمان البعض منها.
ركبوا السيارة و بقي ضياء في المقاعد الخلفية بجانب سهر بينما تتأمل هي على استحياء كتلة العضلات أمامها. لم تره هكذا سابقا و بدى لها قويا جدا و مصدر أمن لا تدرك ماهيته.
استقبلت اقبال زوجها بعد أن علمت أنه وجد و حمدت ربها. فهو السلك الرفيع الذي يربطها بيمان كريملي و أن انقطع سترمى هي و اختها خارج القصر بلا رحمة.
اسرع يمان للاستحمام و هو يفكر فيما فعلته مع أخيه. أخاه الذي يعاني منذ سنين غابرة نوبات هلع و فزع و قوات تحطيم و تكسير. كيف طوعته بيدها. لقد نظفت قذارته دون أن تحس بالقرف بل و تخلت عن قميصها فقط لتفعل هذا بلا تردد. من هذه الجنية التي تلمس النار لتحويلها جنة.
اما سهر فقد نزعت قميصة و لا تعرف ما حثها على شمه. كانت راىحته راىعة ملأت قلبها و سرعان ما تذكرت نظرات زوهال لها وهي تدخل مرتيدة قميص يمان فالقته من يدها قاىلة"لا سهر انت ابنة العميد اياك و الإنزلاق وراء التفاهات فيصدق قوله بانك عاهرة"
كانت الساعة تشير الي العاشرة صباحا حيث أمر يمان أن تحضر طاولة الطعام بعناية اكبر. يعرف انها و ضياء و هو ايضا بلا اكل منذ عصر البارحة.
نزل يرتدي طاقما راىعا يزيده وسامة و هيبة فاستقبلته اقبال توجه نسلهان التي تحمل باقة ورد حمراء ضخمة لم يرى لها مثيلا سابقا. استفسر بعينه فابتسمت اقبال بمكر و قالت "لقد استأذنت سهر في أن تستعمل عنوان القصر لمراسلاتها و ما شابه فسمحت لها. اه من الشباب لقد كانت محقة بالاسراع في ذلك. ها هي تتلقى باقة راىعة من أحدهم. طبعا فتاة بجمالها سيحوم حولها شبان العالم هههه "
اضلمت عيناه و انقض على الباقة يبحث عن الكارت ليعرف من أرسله. اطبق كفه على الكارت يفتته بعد أن قرأ الاسم و قال"لم ترد أن ينهي اذن"...