جسر الي ضفة النور الجزء الثاني عشر💜
خرج يمان من غرفة الطعام وهو يصلح ربطة عنقه بعد أن قام بجولة تفقدية لما حاكت يداها. لم يوضع الطعام بعد و لكنها زينت الطاولة بطريقة ملكية إصابته بالنفور فقال متمتما"طبعا أعدت له ماىدة و لا في الخيال. كيف سمحت بذلك؟ لم يبقى الا ان تستقبله بالاحضان يمان!. هذا ماكان ينقصك. تبا للشيطانة الصغيرة كيف حشرتني في الزاوية. لكن لاباس على الاقل ساتعرف على هذا اليافوز الحقير و ساضعه في مكانه الصحيح."
كانت سهر في غرفتها تستحم فقد أرهقت اليوم بشكل فضيع. خرجت صباحا لتقابل ضيفها و اشترت بعض الازهار ثم مرت على سليم تستاذنه في التغيب و عادت بسرعة على أمل تحضير الطاولة لكن خاب املها حين أخبرتها اقبال أن عادالات الطباخة قد مرضت فجأة وان مساعدتها قد خرجت لامر ظروري لا يحتمل التأجيل.
اقبال بمكر"لو انك اعلمتني بحكاية ضيفك هذا مبكرا كنا استعدينا. ولكن انظري للموقف السخيف الان! ليكن سأحاول مع الخادمات الأخريات لعلى احداهن تجيد الطبخ فتنقذ ماء وجهنا. اه نسيت! " مسكت راسها بلؤم ثم تابعت باحتقار مبطن"أولست طباخة سحرا؟ ما حاجتنا للخدم يا روحي؟"
لم يكن لديها خيار آخر. دخلت المطبخ و لكنها لم تكن مزعوجة كما خيل لاقبال. سهر تحب المطبخ و الطبخ بجنون و لن تعجز عن ضيافة بسيطة.
اما زوهال فقد تساءلت "ما مرض عدلات لا تقولي أنها ستطيل و نجبر على الطبخ بمفردنا"
اقبال "لقد اعييتي السامعين زوهال. غباءك يدرس في أكبر الجامعات. لا احد مريض. انا من ارسلها. لا احد في هذا القصر سيخدم تلك المتسلقة. سنرى فأرة المطبخ كيف تغرق في المرق هههه. كان طبيخ اختها شنيعا و لن تفرق كثيرا عنها هههه."
ازداد استياء يمان حين وسوست له اقبال أن سهر تصر على تحضير الاكل لضيفها بنفسها رغم صغر سنها و عدم درايتها. فاوصى جنكار أن يطلب عشاء للكل خاصة الاطفال. لا ينقصه الا أن يبيت الجميع يمسك بطنه من الوجع أو الجوع.
اجتمع الكل في الصالون ضياء يحدث نديم عن العزف و زوهال ترتب شعرها أمام المرآة في حين تصدر اقبال بعض الاوامر للخدم.
فتح المصعد الذي يربط الصالون بالطبقة العلوي و ظهرت سهر تدفع كرسي الصغيرة ميرا و على جانبها يوسف و مراد متانقان. تفحصها يمان مستغربا. لم تكن تضع زينة و لم تبالغ في لباسها. كانت ترتدي ثوبا بسيطا من الدنتال الاسود يصل ركبتها زادها رفعة و وقارا. و لكنها كانت جميلة بدرجة لل فتة يشع النور من وجهها البريء و يتناثر شعرها الطويل على كتفيها بهدوء. لم يستطع يمان منع نفسه من التعليق و هو يفكر في ما تشعر به و هي تنتظر يافوزها فعلق بغيض "كنت بحثت عن ثوب اقصر". بحلقت سهر به مندهشة من وقاحته. كيف يجرؤ على التعليق عن ثوبها المحترم في حين تكاد جسم زوهال يخرج من ثوبها القصير بفضاضة.
فتح جنكار الباب بعد أن سمع صوت الجرس و لم يستطع أحد من الموجودين تصديق أعينهم و هم يرون الصغيرة ميرة تقف من كرسيها المتحرك و تجري و تقع ثم تقف مجددا و تقع ثم تقف حتى وصلت الباب و ارتمت في احضان المرأة الواقفة مصدومة و عيونها مليىة دموعا.
"نور!" تكلم نديم بعيون مرتعشة. كانت لحظات دافىة و بالغة التأثير و الكل يرى و يسمع بكاء الأم وهي تحضن ولديها بقوة. لم يرى نديم يوما ابنه مراد يبكي بتلك الشاهقة حتى عندما غادرتهم نور.
بعد وقت غير قليل كان الكل على الطاولة. قال نديم"لا أصدق أن صغيرتي وققت اخيرا. لقد عجز الأطباء وهم يفسرون لي أن سبب عدم المشي ليس عضويا بل نفسانيا. ولكني لم ادرك يوما أن السبب هو انت نور"
قبلت نور راس ابنتها الجالية في حضنها و لعبت بشعرها و هي متأثرة"ولا كنت اعلم. لو علمت لجأت منذ زمن. لقد أمعنت في اذلالي إبان الحادثة حتى كسرت نفسي و لم تعد لدي طاقة للمقاومة. حسبت أن بعدي افضل شيء"
يمان "لننسى هذا الموضوع و ناكل فالاطفال بيننا. سنتكلم بهذا لاحقا"
قدم الطعام الذي حضرته سهر فكانت الاطباق متنوعة رفيعة المستوى شهية حد النخاع و انغمس الكل يأكل بلا رحمة حتى زوهال و اقبال فتكلمت نور "ما هذه اللذة يا فتاة. سلمت أناملك. اقسم انك فنانة حقيقية عكس سيلا رحمها الله."
ضياء "اليس كذلك نور. أنا امتلأت و لكن لا استطيع التوقف. إنه شيء جنوني. ها يمان"
شعر يمان بالحرج من نفسه كيف أعتقد أن اكلها سيء. هذه الجنية كل شيء تفعله راىع"
يمان بوقار "نعم اخي" ثم استقر نظرات لعيون الخالة الصغيرة "أنها جميلة بشكل خرافي"
رفعت سهر رأسها فاضطرب و قال "الاطباق جميلة بشكل خرافي"
نور"اذن سهر من علمك الطبخ. لا تقولي سيلا. كان طبخها كارثي رحمها الله"
سهر "الظروف علمتني. حين دخلت سيلا للمدرسة الثانوية الداخلية. بقي ابي يكابد ليصنع شيء يؤكل مع الاستعانة بالاكل الجاهز. لكنه عجز فقد كان كل طبق اسوء من الذي قبله. و مع ذلك احببت كل إطلاقه لأنها من يده"
نور "فهمت. ليرحمهما الله. كنت احبها جدا. "
سهر "هل عرفتها جيدا؟ قولي كيف كانت؟ "
نور "عرفتها كما اعرف اقبال جيدا " و استدارت ناحية اقبال التي غصت فجأة ثم أكملت "كانت راىعة و هي و يلتشين يحبان بعضهما بجنون. لكنها كانت تحب نفسها و لا تهتم الا بحالها ههه لكم احببتها و جمعتني بها اوقات راىعة"
لسبب لم تفهمه سهر تضايق يمان و ضياء من ذكر اسم اختها و فجأة سأل"كيف جىت و ما علاقتك بخالة يوسف؟"
نور "قد اتصلت بي مساء أمس.
سهر"حصلت على رقمها من بعض المعرف في الشرطة"
صك يمان أسنانه ورد "طبعا طبعا انت محاطة بهم و يال كثرتهم"
ابتسمت نور و تناولت كاس العصير أمامها و مالت على إذن نديم قاىلة"وقع صديقنا اخيرا"
سهر متجاهلة ايحاءاته البلهاء"تقابلنا صباح اليوم و وجدت صعوبة في إقناعها. لكن لتسلم لم تخجلني و جاءت."
مر العشاء جميلا مفعما بالحميمية الا من قلبين حاسدين و تامل يمان بفخر الطاولة. منذ ايام كانت هذه الطاولة باىسة رغم فخامة الاكل عليها.كان يجلس عليها وحده مع اقبال و زهال و كان كل شيء بلا حركة بلا نفس بلا حياة. فجأة جاءت الجنية الصغيرة التي تحولت جسرا يضيىء القصر بنورها و جمعت الكل حولها. ماذا يفعل فيها و هي العدوة اللدودة التي أصبحت تسيطر سيطرة مطلقة على مفاصل حياته.همت العاىلة السعيدة بمغادرة القصر بعد تناول القهوة. عانقت نور سحر بقوة و قالت "لن انسى ما حكيت ما فعلته معي"
نديم "و لا أنا سهر. شكرا جزيلا و شكرا يمان لفتح ذراعك لنا في كل مرة"
يمان "لا تتغابى نحن عاىلة يا رجل"
عانق مراد و ميرا كثيرا حتى صرخ يوسف غيرة "دعا خالتي و شأنها و اذهبا لامكما"
انفجر الكل ضاحكا قبل أن تسحب سهر الورقة بمىة ليرة تدسها في يدي مراد في غفلة من الكل و لكن عين يمان التي لا تنام التقطتها و همست في أذن الصبي"أنها هدية مني بمناسبة نجاحك هذه السنة" هم بالاعتراض قاىلا"أنا لم انجح بعد مازال..."
سهر مقاطعة "ستنجح .. ستفعل من اجل امك و من اجلي متأكدة من ذلك "
نظر لها بتصميم نادر و أكد"اعدك أن أنجح هذه السنة و كل سنة"
غادرت سيارة نديم و عاىلته فتوقفت سيارة سليم و نزل يحمل صندوقا جميلا في يده. رأته سهر فأسرعت في اتجاهه بينما احمرت عيون يمان المراقبة و رفعت كل من زوهال و اقبال حاجبيهما." لقد جاء الحبيب هههه"
تكلم سليم بفرحة وهو يدفع علبة بيضاء فخمة متوسطة الحجم تجاههما "هذا لك"
سهر "ما هذا سليم"
سليم "أليست غدا خطبة علي و كيراز ؟ هل نفوتها؟ ههه. أرسله يافوز و قال لك"غدا في تمام الثامنة تكونين جاهزة عند الباب"