إنه يوم الاحد يوم العطلة الأسبوعية للجميع. تثاءب يمان في فراشه الوثير ثم توجه للاستحمام. خرج الي شرفة جناحه الفخم الذي يغلب عليه اللون الاسود مرتديا ثيابا رياضية بالغة الأناقة. جلس في الشرفة يفطر حتى ترامى لسمعه من بعيد اصوات همسات تحولت إلي ضحكات و قهقهات كثيرة. رفع حاجبيه مستغربا. يملك هذا القصر منذ عشر سنوات لم يسمع خلالها ضحكات بهذا القدر. تقدم يمين الشرفة ليبصر بين الأشجار نور عينيه ضياء و يوسف في اخر منطقة من الحديقة في مكان معزول. يلعبان و يمرحان و معهما الخالة الشقية و مساعده جنكار و نسلهان ابنة السيدة عدالات طباخة القصر و لعبجبه كان معهم أيضا اقبال يرتدون جميعا ملابس مريحة و يصطفون في فريقين حول حبل يسحب كل فريق تجاهه.
نزل مسرعا حتى بلغهم. كانت سهر و يوسف و جنكار في فريق بينما البقية في الفريق المقابل ما خلق عدم توازن و كاد الفريق أن يخسر لو لا تعثر اقبال و معها ضياء. وقعا على الأرض يضحكان بجنون و في نفس اللحظة انفلت الحبل منهم فترنحت سهر و وقعت في حضن يمان الذي كان يقف خلفها مباشرة. خجلت و احمرت وجنتيها فهوى قلبه في صدره من شدة جمال ملامحها.
هربت من حضنه فجرى عليه يوسف و طوق عنقة فرحا عمي جاء هيا العب معنا. انسحبت بهدوء متعذرة بمكالمة مسجلة وصلتها فآخر رغباتها أن تظهر في وجهه يوم عطلته و هي الضيفة الثقيلة على قلبه في نظرها.
يقوده سحر لا يعرف ما هو تبعها دون إرادته و دون أن تنتبه. دلفت باب القصر و رآها ككل مرة تنزع حذاءها الرياضي و تحمله في يدها. توقفت فجأة مخاطبة نفسها بصوت عال "مابك سهر. هذا الحذاء لا يحدث صوتا. ثم تابعت تمشي حافية الا من جواربها "وليكن لاباس من الحذر"
استغرب فعلها و قولها فقد لاحظ أنها داىما حافية أو بجوارب تجوب المنزل. ثم رفع رأسه يراقبها ترتقي الدرجات بساقين متناسقتين و قد ممشوق و خصر ملولب يتناثر فوقه شعرها الكستناىي الحريري منمق بخصلات شقراء خجولة. اما مؤخرتها فكانت تهتز في حركة جمدت أطرافه. فجأة وعى على نفسه و ابعد عيونه عن الصبية لاىما نفسه"هل جننت يمان كريملي. ماذا تفعل؟ هل يعقل و انت بهذه السن و هذه التجارب أن تفعل هذا. امسك خصلات شعره يشده و يبعثره و اسرع لحممامه يضع رأسه تحت الماء البارد غير مصدق نظراته المنحرفة للفتاة. أنها أول مرة في حياته ينظر بهكذا افتتان و تتحرك غريزته الحيوانية.
غير ملابسه مجددا و مثله فعلت سهر بعد ان استحمت و أزالت اللباس الرياضي الذي كان يلتصق بجسدها. خرج من غرفته و لم يستطع تجاوز صوت رجولي جهوري كرهه قبل أن يعرف صاحبه صادر عن هاتفها يقول" اتمنى أن تكوني بخير يا روحي. طمنيني عليك. سافعل المستحيل و اكون قريبا الي جانبك"
كان تسجيلا صوتيا لاحمق اخر واقع في هواها هكذا قدر يمان. رفعت الهاتف أمامها تسجل اجابتها قاىلة"أنا لست بخير يافوز. أنا وحيدة و متعبة حد الهلاك. احتاجك ارجوك"
ابيضت قبضة يمان و فكر "حبيبها المجهول مجددا تبا "
راقبها تفسخ التسجيل و هي تنفي برأسها "لا سهر ليس وقته" ثم كررت تسجيلا اخر"يافوز حبيبي انا باحسن حال. هل تعرف أن لدى سيلا ابن. أجل سيلا رحمها الله لديها ابن بعمر الخمس سنوات. لو تراه. قطعة سكر." سكتت قليلا ثم اردفت "يافوز سأكون بخير و ستكون كذلك سوف يلف النسيان كل شيء و سنكون بخير"عاد لغرفته ينفث أنفاسه الحارقة "أنها حقيرة ككل النساء تحب ذاك و تصادق الآخر و ترمي شباكها هنا. أجل كل ما تفعله تمثيل. لم ترضها الملايين العشر انا متأكد انها تريد المزيد. تريدين اللعب ايتها القطة الشرسة. ليكن ستعرفين من هو يمان كريملي.
"يمان هل. انت بخير" سال نديم الذي كان يقف منذ برهة يكلمه و هو في عالم اخر
"أنا بخير و انت مالذي جاء بك في يوم العطلة.؟" سأل يمان
نديم"أحضرت مراد و ميرا"
حممت سهر يوسف و اعتنت به و تعرفت على الثنائي القادم مراد طفل في ١٣ من عمره مشاغب و لا يطيق أحدا فاشل في الدراسة و سليط اللسان، كتوم و منزو في أغلب الأحيان اما ميرا بالكاد بلغت ٦سنوات يفترض أن تدخل المدرسة لكنها رفضت لأنها على كرسي متحرك. جميلة و حنون و مكسورة الفؤاد كاخيها. أنهما ابنا نديم من زوجته السابقة نور. كانت نور صديقة للصبيان الأربع ضياء و يلتشين و يمان و نديم ايام إقامتهم بالميتم و عايشت ما عاشوه قبل أن تكبر و تتزوج من نديم رفيق دربها ثم تتركه بعد ١٤ سنة و تطلب الطلاق.
اقبال و هي تراقب الصالون الممتلا "أصبح القصر اسطبلا. يمان فتحه لمن هل ودب و كل من لا مأوى له"
كان ضياء يقف وراءها حين سمعها فأجابها محبطا"لنحمد الله أنه فتحه لنا اذن. نحن ايضا بلا مأوى لولاه"
اقبال منزعجة "اف ضياء اف"
ضياء بكسرة "لو اعرف فقط كيف اسعدك"
إجابته من فوق أنفها "لا داعي لذلك أنا اغرق في السعادة عزيزي ضياء"
جلس الكل على الطاولة و بقيت عيونه تنظر للكرسي الفارغ تنتظر مجيىها "تبا كم صارت تسكن عقله" لكن يوسف نزل برفقة مراد قاىلا "خسارة خالتي لا تمضي ايام العطل معنا تقول يجب أن تعود لبيتها لتتفقده و تجالس اصدقائها.
سرت رعشة على كامل بدنه و اضلمت عيونه "لقد خرجت إذا. تترك ابن اختها. اكيد ذهبت لصديقها الشوربجي" قال يمان في نفسه
حاول تناسي موضوعها فسأل نديم الذي انغمس في الاكل "هل من تقدم بخصوص ميرا"
اجاب نديم 'لا شيء جديد كل الأطباء يوكدون أن لا سبب عضوي يمنع مشيها. أنها امور نفسية لم اجد لها حلا.""مراد ماذا عنك" سأل يمان
مراد مترددا"انا بخير عمي يمان اجد صعوبة في اجتياز الامتحانات ولكنني سانجح"
نديم "هههه لم يبقى الا انت لتنجح. انك فاشل لا تنفع لشيء."
انتصب الولد و القى الشوكة من يده. و قال "لقد شبعت"
يمان "أنه طفل مدلل يجب أن تكون أكثر حزما معه. النجاح ليس خيارا بل مصيرا"
نديم "معك حق أنا ابذل جهدي لكنه صعب المراسل و لا نتكلم كلمتين الا و تشاجرنا"
نظر كل من يوسف و ميرا الي الرجلين برعب و نفس مكسورة و لسان حالهم يقول "الم تكن هناك طريقة افضل للحوار؟
يمان ،"و المدعو يافوز هل من جديد بشأنه؟"
نديم "لاشىيء ! بربك يمان انس امره لا أهمية له."
لم تحضر العشاء أيضا فامتنع يمان عن الجلوس على الطاولة. كره حاله و هذا الشعور باالنقص و الحاجة يستولي عليه. كان يشرب القهوة في الشرفة حين تراء له خيالها تمشي و تلتفت خلفها و في يدها شيء تخبؤه. لقد عادت اذن و لم يعلم و لكن ما حالها هذه
لحظات و كان خلفها يراقبها من بعيد و أيقن أنها تخبا شيىا ما خلف الأشجار. يمان في نفسه"حقيرة كما توقعت انها جاسوسة مرسلة من أحد الأعداء أو ..." تقدم اكثر ليسمع صوتها الناعم مع أحدهم خلف الشجرة تتغزل به "وسيمي هل اشتقت لي؟ أنا كذلك اشتقت لك بجنون. هات قبلة جميلة جمالك..."
هنا تقدم يمان وقد استبد به الغضب فأمسك معصمها بقوة يكاد يكسره صارخا "ايتها العاهرة..."
"مايو مياو ...مياو.."
اخرصه الصوت و إذ به مجرد قط صغير ينازع ليأكل ما قدمته له سهر من بقايا الطعام.